Author

الوقود الحيوي والاهتمام الذي يستحقه

|

على الرغم من الأهداف الطموحة لوقود النقل والنمو القوي في الطلب على الوقود الحيوي، فشلت الطاقة الحيوية في الحصول على الاهتمام الذي تستحقه. في هذا الصدد، قالت وكالة الطاقة الدولية، إن أكبر مصدر حالي للطاقة المتجددة في العالم، والتوقعات أن يكون له أقوى نمو على مدى السنوات الخمس المقبلة، يستحق مزيدا من الاهتمام.
اتساع قطاع الوقود الحيوي هو أحد العوامل في عدم تلقيه الدعاية التي يستحقها ــ من استخدام الخشب والفحم للتدفئة في الدول النامية، إلى استخدام الكريات والرقائق الخشبية والنفايات الزراعية في توليد الطاقة، إلى الوقود الحيوي في قطاع النقل. ما يعقد الأمر أكثر هو الوقود الحيوي المتقدم Advanced biofuels أو ما يعرف بالجيل الثالث، من مصادر متنوعة مثل زيت الطهي المستعمل والطحالب Algae المعدلة جينيا.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن آفاق الطاقة الحيوية الحديثة كبيرة جدا، مع ذلك لا تحظى بالاهتمام الكافي. إن حصتها من إجمالي استهلاك الطاقة المتجددة في العالم نحو 50 في المائة، مثل الطاقة المائية، وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وجميع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى مجتمعة.
أدى انخفاض أسعار النفط، خاصة أسعار البنزين والديزل، إلى إعاقة نمو الوقود الحيوي في قطاع النقل في السنوات الأخيرة. لكن اقتصادات الوقود الحيوي في أوروبا في تحسن. إن الفرق في السعر بين المواد الأولية للوقود الحيوي، بما في ذلك زيت فول الصويا، وعقود وقود التدفئة الآجلة التي تعطي مؤشرات على أسعار نواتج التقطير المتوسطة، قد تحولت إلى السالب. حيث أصبحت أسعار المواد الأولية للوقود الحيوي أقل من أسعار المنتجات المكررة في أوائل أيلول (سبتمبر) للمرة الأولى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014.
نتيجة ارتفاع أسعار المنتجات المكررة ارتفع الطلب البرازيلي على الإيثانول هذا العام، حيث وصل إلى 1.81 مليار لتر في شهر آب (أغسطس)، بزيادة بنسبة 49 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وفقا لنشرة "بلاتس". وهذا هو أعلى معدل طلب شهري على الإيثانول منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2015 ويمثل 29 في المائة من إجمالي استهلاك الوقود البرازيلي خلال شهر آب (أغسطس). ارتفع الطلب على الإيثانول على مدار العام حتى الآن بنسبة 42 في المائة فوق معدل الأشهر الثمانية الأولى من عام 2017.
وتقوم الولايات المتحدة بمزج الوقود الحيوي المنتج من الذرة مع البنزين العادي في إطار برنامج معايير الوقود المتجدد. نحو 40 في المائة من محصول الذرة الأمريكي يستخدم الآن لإنتاج الإيثانول، وفقا لوزارة الزراعة الأمريكية، ونحو 30 في المائة من فول الصويا المحلي يدخل في وقود الديزل الحيوي. مع ذلك، يشكل الوقود الحيوي في الوقت الحالي 11 في المائة فقط من مزيج البنزين الأمريكي. ويبلغ متوسط الطلب على الإيثانول من قطاع النقل حاليا أكثر قليلا من مليون برميل يوميا، مقابل إجمالي الطلب على البنزين البالغ نحو 9.2 مليون برميل في اليوم. هذا وقد دعمت الإدارة الأمريكية الحالية أخيرا دعوات من اللوبي الزراعي للحفاظ على الطلب المحلي القوي على الوقود الحيوي. كان هذا جزئيا للمساعدة في تعويض تأثير زيادة 15 في المائة في التعريفات الجمركية الصينية على واردات الولايات المتحدة من الإيثانول إلى 45 في المائة ــ وهذا بدوره يهدد هدف الصين الخاص في زيادة حصة الإيثانول إلى 10 في المائة في مزيج وقود النقل بحلول عام 2020.
لدى الاتحاد الأوروبي هدف مشابه يتمثل في تلبية 10 في المائة من الطلب على وقود النقل في كل دولة من دولها الأعضاء بالوقود الحيوي بحلول عام 2020، ولكن مرة أخرى، تلعب السياسات دورا مهما في هذا الجانب. لقد حولت المنافسة على استخدام الأراضي، وإزالة الغابات وقضايا الفقر الغذائي الرأي العام ضد بعض المواد الأولية، وعلى الأخص زيت النخيل الإندونيسي، وقد يؤدي هذا التحول إلى إعطاء حوافز في المستقبل تركز أكثر على الوقود الحيوي المتقدم. وقد أيد البرلمان الأوروبي بالفعل قرارا يدعو الاتحاد الأوروبي إلى التخلص التدريجي من الزيوت النباتية، بما في ذلك زيت النخيل، بحلول عام 2020. في الوقت نفسه يضغط اللوبي الزراعي الأوروبي، على تحديد التعريفات الأوروبية على واردات الإيثانول من الولايات المتحدة والبرازيل، كي تعطى المواد الأولية المحلية ضمانات كافية لاستخدامها في مصافي النفط الرئيسة. في هذا الجانب، خصصت شركة توتال أخيرا حصة قدرها 50 ألف طن من بذور اللفت الفرنسي إلى مصنعها الأحيائي La Mede، وهذا يمثل نحو 10 في المائة من إجمالي الطلب لهذه المنشأة ــ على الرغم من أنها ليست المادة الأولية الأكثر ربحية.
قد يتمكن الوقود الحيوي المتقدم من حل عديد من الإشكالات المتعلقة بالجيل الأول. لكن التقدم في هذا الجانب لا يزال في بداية الطريق من حيث الإنتاج على المستوى التجاري. تعد شركة إكسون موبيل من بين الأكثر تفاؤلا التي تعتقد أن الوقود الحيوي المتقدم يمكن أن يتحرك بسرعة نسبية إلى إنتاج تجاري على نطاق واسع. وتتطلع الشركة إلى إنتاج عشرة آلاف برميل في اليوم من الوقود الحيوي لقطاع الطيران من الطحالب من مشروعها مع شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية Synthetic Genomics في كاليفورنيا بحلول عام 2025. وتهدف الشركة في نهاية المطاف إلى إنتاج مئات الآلاف من البراميل يوميا. يمكن زراعة الطحالب على أرض غير منتجة زراعيا باستخدام المياه المالحة وتجنب إزالة الغطاء النباتي. تتوقع شركة إكسون أن هذا الهدف سيتطلب أقل من 1 في المائة من مساحة الأرض المستخدمة حاليا في زراعة فول الصويا والذرة.
يمكن أن يكون تركيز الوقود الحيوي على قطاع الطيران منطقيا، حيث إن هناك تقنية أخرى تركز على قطاع النقل البري، وهي المركبات الكهربائية ــ وبالتالي قد تؤدي إلى تآكل الطلب الإجمالي على وقود النقل بصورة عامة.
هناك تقدم أيضا في خيارات الوقود الحيوي الأخرى للطيران. على سبيل المثال، احتفلت أخيرا شركة Lanza Tech الأمريكية، التي تقوم بتطوير الوقود من نفايات الغازات الصناعية، بتزويد أول دفعة من وقود الطائرات لشركة طيران تجارية. على الرغم من أن الكمية المجهزة صغيرة ــ إلا أن دراسة الجدوى للشركة تشير إلى إمكانية إنتاج 40 ــ 50 مليون جالون في السنة، وتستهدف التوسع إلى 125 مليون جالون في السنة في المملكة المتحدة وحدها بحلول عام 2025. النرويج، التي تعد أول دولة تقوم بإدخال الحد الأدنى من الوقود الحيوي إلى مزيج وقود الطائرات، تبدأ أيضا من مستويات متدنية ولكنها تهدف إلى تحقيق نمو سريع. ستكون المرحلة الأولية 0.5 في المائة فقط في عام 2020، ثم ترتفع بصورة كبيرة إلى 30 في المائة بحلول عام 2030. هذا يعد هدفا متفائلا جدا.

إنشرها