FINANCIAL TIMES

التضخم الفاتر يمنح «الفيدرالي» متسعا لتخفيف وتيرة رفع الفائدة

التضخم الفاتر يمنح «الفيدرالي» متسعا لتخفيف وتيرة رفع الفائدة

موجة جديدة من التضخم الفاتر في الولايات المتحدة تمنح الاحتياطي الفيدرالي المجال لإبطاء برنامجه لزيادة أسعار الفائدة في الوقت الذي يقيس فيه المخاطر العالمية الجديدة العالقة في الأفق.
على الرغم من الانخفاضات الأخيرة في أسواق الأسهم، لا يزال من المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأمريكي نطاق هدفه ربع نقطة إلى 2.25-2.5 في المائة في اجتماعه في 18 و19 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وسيكون ذلك قراره الرابع هذا العام. لكن مع انخفاض التضخم الأساسي دون هدفه البالغ 2 في المائة، فإن الاحتياطي الفيدرالي لديه المجال لكبح وتيرة التشديد في العام المقبل.
تحتسب الأسواق الآن بشكل مؤقت زيادة واحدة في أسعار الفائدة في عام 2019، مقارنة بمتوسط توقعات يتحدث عن ثلاث زيادات في جولة توقعات الاحتياطي الفيدرالي في أيلول (سبتمبر) الماضي. جاء هذا التغيير في الوقت الذي تأخذ فيه تداولات الاحتياطي الفيدرالي نبرة أكثر حذرا، ليس لأن المسؤولين أصبحوا فجأة متشائمين بشأن الاقتصاد الأمريكي، إنما لأنهم يوازنون أخطارا جديدة في الخارج وفي الأسواق المالية.
تم تشديد الظروف في السوق بسبب التوترات التجارية الأمريكية مع الصين التي أدت إلى انخفاضات في أسعار الأسهم. وبحسب "جولدمان ساكس"، إذا بقي "مؤشر الظروف المالية" عند مستواه الحالي، فإنه سيزيل ما بين ثلاثة أرباع نقطة ونقطة مئوية واحدة من نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل.
احتمال خروج بريطاني صعب من الاتحاد الأوروبي يزيد من إضعاف ثقة المستثمرين، وهو تحذير أبرزه الاحتياطي الفيدرالي في تقريره الأخير عن الاستقرار المالي. إضافة إلى ذلك، التعزيز من سياسة المالية العامة الأمريكية الفضفاضة قد يبدأ بالتراجع في النصف الثاني من عام 2019، والنمو في الخارج يتباطأ، تسجل كل من ألمانيا واليابان انخفاضات في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث.
البراعة في تواصل الاحتياطي الفيدرالي تكمن في موازنة المخاطر العالمية مقابل الأداء القوي للاقتصاد الأمريكي المحلي. إيقاف رفع أسعار الفائدة هذا الشهر يضفي درجة من الإنذار لا يتم تبريرها بوضوح من قِبل البيانات الرسمية: الاقتصاد الأمريكي نما بمعدل سنوي يبلغ 3.5 في المائة في الربع الثالث، ومعدل البطالة يبقى عند 3.7 في المائة، وهو أدنى مستوياته منذ أواخر الستينيات.
إذا استمر معدل البطالة في الانخفاض، فمن شأنه أن يُعزز الحجج لتشديد السياسة في الوقت الذي يتحرك فيه الاحتياطي الفيدرالي لمنع التسارع في الاقتصاد. لكن كما قال لايل برينارد، أحد محافظي الاحتياطي الفيدرالي، الأسبوع الماضي، التضخم "واهن بشكل عام" حتى في الوقت الذي يكون فيه الزخم الاقتصادي المحلي قويا.
يعتقد البنك المركزي أن أسعار الفائدة الآن تقترب من النهاية الدُنيا لتقديراته المحايدة، المستوى الذي لا يُحفّز الاقتصاد ولا يعوقه. جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، قال الشيء نفسه في خطاب ألقاه الشهر الماضي استثار ارتفاعا قصيرا في البورصة. بالنظر إلى عوامل اللبس المحيطة بالمستوى المحايد بالضبط، يتحوّل صناع السياسة إلى نهج حذر للغاية فيما يتعلق بزيادات أسعار الفائدة في الوقت الذي يحاولون فيه تجنب الإفراط في التشديد وإيقاف النمو.
معدل التضخم الفاتر يجعل من السهل اتباع هذا النهج التجريبي فيما يتعلق بزيادات أسعار الفائدة. ميجان جرين، كبيرة الاقتصاديين العالميين في شركة مانولايف لإدارة الأصول، قالت "بالنظر إلى أن السياسة النقدية تتقدم ببطء، من المنطقي جدا الانطلاق ببطء شديد"، مضيفة "لا يريدون التسبب في نهاية هذا الانتعاش".
تشير تقديرات المحللين في "جيه بي مورجان تشيس" في الفترة الأخيرة إلى أن النمو في مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي – مقياس الاحتياطي الفيدرالي المفضل للتضخم الذي يرتفع حاليا بوتيرة سنوية 1.8 في المائة – لن يعود إلى 2 في المائة قبل النصف الثاني من العام المقبل. توقعات الاحتياطي الفيدرالي في أيلول (سبتمبر) اعتبرت أن المؤشر سيصل إلى 2 في المائة في نهاية هذا العام.
لويس ألكساندر، كبير الاقتصاديين المختصين في الولايات المتحدة في شركة نومورا، قال "إن هناك عددا من العوامل أدى إلى تراجع التضخم". وهذه تشمل زيادة إمدادات الشقق التي تؤدي إلى تخفيض الإيجارات، وتباطؤ النمو في تكاليف الرعاية الصحية، والدولار القوي، الآثار الضعيفة التي تم تعويضها جزئيا فقط من خلال رسوم جمركية أعلى. كما سيؤثر انخفاض أسعار النفط أيضا في مقاييس التضخم.
ريتشارد كلاريدا، نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، قال في خطاب ألقاه في تشرين الثاني (نوفمبر)، "إن الأسواق المالية تُشير إلى توقعات التضخم التي تحوم حول أقل من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بقليل". هذا قد يُساعد أيضا على تفسير السبب في أن أسواق العمل المتشددة لم تساعد على اندلاع التضخم. من المقرر صدور القراءة الأخيرة لمؤشر الأسعار الاستهلاكية يوم الأربعاء.
يتكهن بعض المستثمرين منذ الآن بأن الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي أسعار الفائدة كما هي في اجتماعه في آذار (مارس)، لكن مراقبي الاحتياطي الفيدرالي يشددون على أن من السابق لأوانه تقديم توقع من هذا القبيل. بيل إنجليش، أستاذ في جامعة ييل كان يشغل منصب مدير قسم الشؤون النقدية في الاحتياطي الفيدرالي، أشار إلى أن البنك المركزي في المستقبل ستكون لديه فكرة أقل مما كان لديه في السابق حول أين يريد أن تذهب أسعار الفائدة.
وقال "ربما يكون من المناسب إلى حد كبير إبقاء أسعار الفائدة في وضعها الحالي وانتظار كيف ستأتي البيانات"، مضيفا أن "النقطة التي من المرجح أن يركز عليها باول في مؤتمره الصحافي بعد اجتماع 19 كانون الأول (ديسمبر) هي نحن نعتمد على البيانات ولسنا مُكرَهين بأي حال على السير إلى أي مكان بعينه".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES