FINANCIAL TIMES

الصين .. الخلافة أكبر عائق أمام شركات التكنولوجيا العملاقة

الصين .. الخلافة أكبر عائق أمام شركات التكنولوجيا العملاقة

ما من شركة من شركات التكنولوجيا الكبرى في الصين، سواء مُدرجة أو غير مُدرجة، كانت منيعة من الانخفاض الذي انتشر في الأسواق العامة وأجزاء من الأسواق الخاصة.
لكن هذه الأيام كان بعض منها أكثر عُرضة للتأثر من غيرها. من بينها يوجد كثير من شركات الجيل الأول التي كانت فيما مضى تبدو شركات لا تُقهر.
في وقت من الأوقات كانت هي الشرارة الإبداعية التي أشعلت حظوظ البلاد، فضلاً عن الشركات نفسها. حتى اليوم، تسع مجموعات من أصل أكبر 20 مجموعة من حيث القيمة السوقية على مستوى العالم هي صينية. الثلاثي الذي أصبح معروفا في السوق بـ "بات" – بايدو وعلي بابا وتنسنت – كان اختزالا لظهور مجموعات التكنولوجيا الرئيسية المتطورة محليا، التي قد تنافس قوة ونطاق نظيراتها في وادي سيليكون فالي.
لقد أصبحت هذه الشركات قوية جدا إلى درجة أن محللين يخشون أنها مثلما كانت فيما مضى وراء الابتكار، فإنها بدلا من ذلك بدأت في خنقه الآن. لكن اليوم كثير منها تبدو أقل ضخامة بكثير مما كانت عليه قبل وقت ليس ببعيد. وهي تقريبا جميعا تواجه تحديات كبيرة بدءا من نماذج الأعمال التي لا بد في النهاية أن تُظهِر تباطؤ النمو – على الأقل في الداخل – إلى قضايا تتعلق بالخلافة والتنظيم.
علاوة على ذلك، مع أنها كانت التجسيد الأمثل للتعطيل، هي نفسها ستواجه التعطيل من جيل جديد. هذا يُثير السؤال الذي يواجه أيضا الجيل الأول من المجموعات على الجانب الآخر من المحيط الهادئ: لماذا تفشل بعض المجموعات في التطور؟ إلى أي مدى يرجع ذلك إلى إخفاق أو عيوب المؤسسين أنفسهم؟
يتركز الجدل حول إلى أي درجة لا تزال هذه المجموعات تدور حول رجل واحد، أو أنها أصبحت ذات طابع مؤسسي أكبر. عندما قرر مجلس إدارة "أوبر" التي يوجد مقرها في كاليفورنيا عزل المؤسس، ترافيس كالانيك، من رئاسة شركة استدعاء سيارات الأجرة بسبب السلوك غير اللائق، أدى القرار إلى مناقشات ساخنة على وسائل الإعلام الاجتماعية وبين المستثمرين حول ما إذا كان مثل هذا الشيء يُمكن أن يحدث في الصين.
هناك علامات استفهام عالقة على رؤوس كل أفراد الجيل الأول تقريبا من مجموعات التكنولوجيا في الصين، بالنظر إلى مدى القوة التي يتمتع بها التنفيذيون.
مثلا، عانت "بايدو" سلسلة من المغادرات من قِبل كبار التنفيذيين، أبرزها مغادرة لو كي الذي استقال من منصب كبير الإداريين التشغيليين بعد 18 شهرا فقط، ليذهب بدلا منها إلى شركة واي كومبينيتر.
مؤسس "بايدو"، روبن لي، كان الشخص الوحيد من شركات بات الثلاث الذي لديه خلفية في مجال التكنولوجيا على كلا جانبي المحيط الهادئ، الأمر الذي منحه القدرة على جذب وتوظيف أفضل وألمع الصينيين ممن لديهم خبرة في المجال الدولي. لكنه لم يتمكن من الاحتفاظ بهم ولم يعد هناك شخص في الصين اليوم يُشير إلى شركات بات.
بدلا من ذلك، التركيز يتحول إلى الجيل الثاني من شركات التكنولوجيا الصينية مثل شركة تطبيق توصيل الطعام "مايتوان ديانبينج" Meituan Dianping وشركة تشغيل التجارة الإلكترونية "بيندودو" Pinduoduo التي تلحق بركب منافساتها الأكثر رسوخا.
هناك أيضا تحديات خطيرة تواجه "تنسنت". وهي تتضمن عدم رضا بكين عن الشركة لتسببها في إدمان الأطفال للألعاب، الأمر الذي دفعها في الفترة الأخيرة إلى إدخال ضوابط صارمة للحد من إفراط الأطفال في اللعب. هناك تحد خطير آخر يأتي من شركة التكنولوجيا من الجيل الثاني، ByteDance، التي حظي تطبيقها الإخباري وخدمات مقاطع الفيديو القصيرة التي تقدمها باهتمام المستخدمين على حساب تطبيق "وي تشات" WeChat ومحتويات أخرى من تنسنت – ما ساعدها على تحقيق تقييم بقيمة 75 مليار دولار في جولة لجمع الأموال.
في الفترة الأخيرة كان اعتقال ريتشارد ليو، مؤسس JD.com، بعد ادعاء بالاغتصاب في الولايات المتحدة – الأمر الذي ينفيه. وبحسب مصرف كريدي سويس، ليو الذي يملك 15 في المائة من أسهم مجموعته للتجارة الإلكترونية، لديه 80 في المائة من حقوق التصويت ويُعتبر على نطاق واسع إمبراطور الشركة. لكن حتى قبل هذا الادعاء كانت أسهم شركة JD تتراجع مقابل أسهم منافستها الضخمة، "علي بابا"، جزئيا لأنه كان يُنظر إليها على أنها ذات أداء سيئ للغاية في مجال الخدمات اللوجيستية وأن أنموذجها الذي يتطلب الاستخدام الكثيف لرأس المال لم يعُد جذابا، كما يقول مستثمرون.
في الوقت نفسه، واجهت مجموعة استدعاء سيارات الأجرة، ديدي تشوكينج Didi Chuxing عاصفة من الانتقادات بسبب استجابتها الضعيفة في أعقاب سلسلة هجمات على الركاب من قِبل السائقين. في إحدى هذه الحالات تم اغتصاب وقتل راكبة من قِبل سائق حاول قبل يوم واحد فقط أن يفعل الشيء نفسه مع راكبة هربت وحذرت الشركة. منذ ذلك الحين غيرت شركة ديدي طريقة تعيينها للسائقين.
حين أعلن جاك ما قبل بضعة أشهر أنه سينسحب تدريجيا من الإدارة اليومية لشركة علي بابا، كان يبدو لبعض المحللين أنه يتنحى في وقت تبدو فيه الشركة أفضل حالا بكثير من غيرها من الشركات المعاصرة. لكن "آنت فاينانشال" Ant Financial ، قسم الدفعات في المجموعة، تضرر بفعل مخاوف رسمية من أن المؤسسات غير المصرفية تعمل على إضعاف المصارف المملوكة للدولة، الأمر الذي يلقي الضوء على كيف أن إمبراطورية جاك ما تظل عرضة للقيود المفروضة من بكين.
كان هناك عدد قليل للغاية من الأمثلة على الانتقال إلى الجيل الثاني في الصين، وحتى عدد أقل من الأمثلة حيث يكون بمقدور المستثمرين أو أعضاء مجلس الإدارة ترتيب تغيير من هذا القبيل. الطريقة التي يتم بها التغيير تنطق بالكثير حول ما إذا كانت هذه المجموعات ستزدهر، أو تتراجع في المستقبل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES