Author

الرابحون والخاسرون من إفلاس الشركات؟ «2 من 2»

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

يعد قانون الإفلاس طوق النجاة للشركات المتعثرة في سداد ديونها، أما على مستوى السياسات الاقتصادية، فإن الإحصاءات وتحليل اتجاهات للإفلاس يعد أفضل مؤشر للتعرف على الوضع الاقتصادي الحقيقي لأي بلد يطبق فيه قانون الإفلاس، ثم إن الاطلاع على التقارير السنوية للإفلاس يظهر للشركات مدى كفاءة المحاكم التجارية ولجان الإفلاس، إضافة إلى أنه يوضح مدى نضج وكفاءة مؤسسات التمويل والمصارف في التعاطي مع الشركات التي تطلب معالجة ديونها من خلال نظام الإفلاس. المنظور الاقتصادي يرى أن سن قوانين الإفلاس يهدف إلى التشجيع على المجازفة الاستثمارية المحسوبة، ومنح فرصة لعمل التسويات الضرورية؛ ولمواصلة العمل في الأسواق دون توقف في ظل الظروف المختلفة، سواء لوجود تذبذب في الأداء الاقتصادي العام أو لأسباب داخلية أخرى. في آب (أغسطس) 2018 كان الاقتصاد السعودي على موعد من نظام الإفلاس الجديد، وكانت مجموعة أحمد حمد القصيبي أول شركة تستخدم النظام الجديد في تسوية ديونها، والحقيقة إنه يمثل اختبارا حقيقيا للنظام ومدى تفاعل الدائنين، وبشكل خاص المصارف المحلية، في طريقة التفاعل مع النظام الجديد. نظام الإفلاس يهدف إلى حماية الكيانات الاقتصادية وحماية أموال المقرضين، وغالبا تؤدي التسوية إلى حماية القروض وضمان بقاء الكيان الاقتصادي، وقد تحقق الديون المتعثرة أرباحا إضافية عند عمليات التسوية العادلة، أما الجزء المهم في أنظمة الإفلاس أنها تمنع تعسف الدائنين من عرقلة تسوية الديون من بعض المصارف التي لديها سلوك تعسفي ضد المدينين لاسيما تلك المصارف التي ليس لديها أي اعتبارات اقتصادية، مثل البطالة ووضع عائلات الموظفين في حال توقف الشركة عن العمل. إن تفعيل أنظمة الإفلاس سيؤدي إلى نشوء نشاطات اقتصادية صغرى حول نظام الإفلاس، كالمكاتب المهنية القانونية والمحاسبية المتخصصة في التسوية الوقائية والتصفية والهيكلة المالية، إضافة إلى ظهور أعمال مهنية أخرى متخصصة في تقييم الأصول الاقتصادية، كالشركات والمصانع وغيرها من الأعمال التي تصنف ضمن النشاطات الاقتصادية. وبالعودة إلى نظام الإفلاس السعودي، نرى أن نظام الإفلاس تأخر كثيرا، ووجوده حاليا يعد من أهم الممكنات القانونية الأساسية لدخول المستثمرين الأجانب الاقتصاد السعودي دون أن يكون هناك أي قلق لدى المستثمرين من مسائل تسوية الإفلاس ومعالجة ديون الأعمال وإلزام الدائنين بقبول خطط الشركات المدينة التي تواجه صعوبات مالية بقبول التسويات وفق إطار قانوني منضبط. الآثار المترتبة على قانون الإفلاس تتخطى الآثار الاقتصادية والقانونية إلى تحسين بيئة الاستثمار في المملكة لاسيما إذا تم تفعيل القانون بشكل فعال وتم تطوير أساليب الإجراءات التنفيذية؛ لتصبح أكثر سهولة ومرونة؛ لأن ذلك سيمنح سمعة طيبة على المستوى الخارجي لدى الشركات التي تنوي الاستثمار في المملكة، ويعزز سرعة نمو الشركات المحلية دون أن يكون لديها قلق من قروض المصارف المحلية.
إنشرها