FINANCIAL TIMES

الشركات الأمريكية في فورة إنفاق .. ضخ تريليون دولار لإعادة شراء الأسهم

الشركات الأمريكية في فورة إنفاق .. ضخ تريليون دولار لإعادة شراء الأسهم

الشركات الأمريكية في فورة إنفاق، فهي في سبيلها لضخ أكثر من تريليون دولار على عمليات إعادة شراء الأسهم هذا العام.
هذه الممارسة تعيق الشركات والعاملين والاقتصاد، بما يعني أنه قد حان الوقت كي تتبنى لجنة الأوراق المالية والبورصات، سياسات جديدة للحد من عمليات إعادة الشراء. إعادة شراء الأسهم تسمح لأي شركة بإعادة شراء أسهمها في السوق المفتوحة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسهم.
قد يبدو هذا الأمر غير ضار، لكن الممارسة تثري التنفيذيين في الشركات، الذين يبيعون أسهمهم على حساب الشركة واقتصادنا الأوسع. يظهر بحث أجرته لجنة الأوراق المالية والبورصات، أن المطلعين على دواخل الشركات ينفذون عمليات إعادة الشراء، غالبا ما يستفيدون شخصيا من استخدامها، على حساب السوق والعملاء غير المطلعين، بما يعني الإجحاف.
عندما تنفق الشركات أموالها على عمليات إعادة الشراء، هذا يعني أنها لا تستخدمها لخفض الأسعار للعملاء، أو زيادة الأجور للعاملين، أو الاستثمار في معدات وابتكارات جديدة.
في الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام، أنفقت شركات أبل وألفابت ومايكروسوفت وأوراكل ما مجموعه 115 مليار دولار على عمليات إعادة شراء الأسهم، أي نحو ثلاثة أضعاف استثمارها الرأسمالي البالغ 42.6 مليار دولار.
عمليات إعادة الشراء تفيد كبار قادة الشركات، الذين يسيطرون على توقيت عمليات شراء الأسهم، ويمكنهم الاستفادة شخصيا من شراء وبيع الأسهم عندما ترتفع أسعار الأسهم. هذا يوجد تضاربا صارخا في المصالح. إضافة إلى ذلك، تنظيمات عمليات إعادة الشراء ضعيفة إلى حد كبير منذ عدة عقود، الأمر الذي يحرك الاتجاهات العالية اليوم في عمليات إعادة الشراء، خاصة بعد أن حصلت الشركات الآن على سيولة إضافية من التخفيضات الضريبية لعام 2017.
يبرر كثير من خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال عمليات إعادة شراء الأسهم بالقول إن المساهمين سوف يستخدمون ثرواتهم المضافة للاستثمار في شركات أخرى.
بالنسبة للشركات غير المالية، تظهر البيانات التي جمعها معهد روزفلت أنه لمدة 15 عاما، كانت النقدية تتدفق خارجا إلى المساهمين أكثر مما كانت تتدفق إلى داخل الشركات العامة الأخرى.
كما يجادل خبراء الاقتصاد أن الشركات تعيد شراء الأسهم عندما لا يكون لديها استخدام أفضل لرأسمالها. هذا يتجاهل حقيقة أن الكثير من الشركات يمكن أن تستفيد من الاحتفاظ بالحماية المالية، عندما تحدث حالات ركود اقتصادي شبه حتمية.
الحماس لعمليات إعادة الشراء يتجاهل أيضا الموظفين الذين يعملون بجد لإيجاد ثروة الشركة. لا يعيد بنك ويلز فارجو شراء الأسهم في الوقت الذي كان يعمل فيه على تسريح الموظفين، كذلك فعلت شركة ماكدونالدز أثناء المقاومة الشديدة لدعوات لزيادة أجر العاملين إلى 15 دولارا في الساعة.
تشير حساباتنا إلى أنه مع الأموال التي أنفقتها شركة ماكدونالد على عمليات إعادة الشراء بين عامي 2015 و2017، كان بإمكان سلسلة الوجبات السريعة الدفع لكل واحد من العاملين لديها البالغ عددهم 1.9 مليون في أنحاء العالم كافة، بنحو أربعة آلاف دولار إضافية كل عام.
ارتفاع عمليات إعادة شراء الأسهم يمكن أن نرجعه إلى بند خاص بلجنة الأوراق المالية والبورصات معروف باسم قانون 10-بي 10b-18، أو قانون "الملاذ الآمن".
هذا القانون الصادر في 1982 يحمي الشركات التي تعيد شراء أسهمها من تحمل المسؤولية عن تحركات أسعار الأسهم، بشرط أن تستوفي شروطا معينة حول توقيت وحجم عمليات الشراء.
ضعف متطلبات الإبلاغ عن البيانات يجعل من المستحيل على لجنة الأوراق المالية والبورصات أن تفرض هذه المتطلبات بشكل معقول. ينبغي أن تستبدل لجنة الأوراق المالية والبورصات هذا القانون القديم بفرض قيود أقوى على عمليات إعادة شراء الأسهم. كما ينبغي منع المطلعين على دواخل الشركات من بيع مقتنياتهم من الأسهم خلال برامج إعادة الشراء. من المفهوم على نطاق واسع أن مجالس الإدارة والتنفيذيين يواجهون حوافز متضاربة عندما يأذنون بعمليات إعادة الأسهم، لذلك فإن البلدان ذات أسواق رأس المال القوية، بما في ذلك اليابان وفرنسا وكندا والمملكة المتحدة، تفرض القيود على التداول من قبل المطلعين على دواخل الشركات، خلال فترة نشاط عمليات إعادة الشراء.
بصورة أعم، هذه القواعد الجديدة ينبغي أن تسمح للجنة الأوراق المالية والبورصات بتحميل الشركات مسؤولية التلاعب في السوق، إذا عمدت إلى تحريك الأسعار بشكل غير سليم عند إعادة شراء الأسهم في السوق المفتوحة.
كما أن بإمكان اللجنة أيضا وضع وتنفيذ قيود من حيث قيمة الدولار على حجم عمليات إعادة الشراء، أو إجبار الشركات على طلب الحصول على موافقة اللجنة على أي برنامج لإعادة الشراء. ينبغي أن تصر هذه العملية على الكشف المفصل للخطة وتفرض على الرئيس التنفيذي أو مجلس الإدارة إقامة الدليل على أن عمليات إعادة الشراء، في الواقع، هي لمصلحة الشركة.
بغض النظر عن الحل الذي نختاره، من الواضح أن تنظيمات عمليات إعادة الأسهم بحاجة إلى إصلاح.

* كبيرة الاقتصاديين ومستشارة السياسات في معهد روزفلت
• أستاذ في كلية لندن للأعمال
وكلية جريشام
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES