FINANCIAL TIMES

ضربات «البريكست» المتلاحقة تدفع ماي إلى طريق مسدود

ضربات «البريكست» المتلاحقة تدفع ماي إلى طريق مسدود

احتفل النشطاء المؤيدون للاتحاد الأوروبي بانتصار مزدوج يوم الثلاثاء الماضي، لما بدا أنه يقلل بشكل كبير من فرص نجاح عملية البريكست دون اتفاق، وهو وضع يفاقم تآكل سلطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
في مشاهد عجيبة في وستمنستر، دعم أعضاء البرلمان اقتراح بأنه ينبغي أن تكون لديه الحرية لتحديد ما سيحدث، حالما رفضت أغلبية النواب اتفاق التسوية الذي طرحته ماي، في تصويت ساحق في مجلس العموم يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل، في تطور لربما هدد رئاسة المرأة الحديدية الجديدة لحكومة حزب المحافظين، بل مستقبلها السياسي، ذاته.
أغلبية أعضاء البرلمان ضد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وهو ما يثير احتمال إجراء استفتاء ثان في بريطانيا للمفاضلة بين الخروج والبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، أو على الأقل ضمان نيل وضع عضوية في رابطة التجارة الحرة الأوروبية، على غرار ما تتمتع به النرويج.
قبل أيام، تم تحديد مسار ممكن لبقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي. مانويل كامبوس سانشيز- بوردونا، المحامي العام لمحكمة العدل الأوروبية، انحاز إلى النشطاء الذين جادلوا بأن بريطانيا يمكنها أن تلغي انسحابها المقرر من الاتحاد الأوروبي، بموجب المادة 50 من معاهدة لشبونة، حتى دون موافقة من الدول الأعضاء الأخرى.
رأيه القانوني غير الملزم للمحكمة، كان ضد حجة الحكومة البريطانية من أن المسألة مجرد احتمالات افتراضية، لا غير.
في ضربة أخرى للسيدة ماي، كان هناك حكم بأن الحكومة البريطانية مذنبة باحتقار البرلمان، بسبب فشلها في تقديم نصيحتها القانونية بشأن البريكست، كما كان يطالب أعضاء البرلمان.
هذه هي المرة الأولى في التاريخ البريطاني التي يُحكَم فيه على الحكومة بأنها مذنبة باحتقار البرلمان.
صوت أعضاء البرلمان 311 مقابل 293 ضد الحكومة، حتى إن حلفاء ماي، أي الوحدويين الديمقراطيين الذين يمثلون حزب الأغلبية في إيرلندا الشمالية، قد ضموا أصواتهم إلى خمسة تكتلات معارضة أخرى.
كان من المتوقع على نطاق واسع تصويت أعضاء البرلمان على رفض اتفاق البريكست الذي طرحته ماي – الذي تم التفاوض عليه بشق الأنفس على مدار الشهور الـ20 الماضية – حتى قبل أحداث يوم الثلاثاء الماضي.
كانت الخطوة الرامية إلى تأكيد سلطة البرلمان على الخطة البديلة بقيادة المدعي العام السابق المؤيد للاتحاد الأوروبي، دومينك جريف، وبدعم من 26 عضوا متمردا في البرلمان من حزب المحافظين، من بينهم وزراء حكومة سابقين مثل مايكل فالون وداميان جرين وجوستين جرينينج.
هؤلاء انضموا إلى صفوف حزب العمال وأحزاب معارضة أخرى حول الاقتراح بأن يكون للبرلمان الحق باتخاذ قرار بشأن الخطة البديلة، بما في ذلك منع حدوث البريكست دون اتفاق. وصوت أعضاء البرلمان 321 مقابل 299 ضد الحكومة.
قال جريف، الذي يدعم إجراء استفتاء جديد في شأن البريكست: "يبدأ أعضاء البرلمان الليلة بعملية استعادة السيطرة".
من بين الأمور الإيجابية بالنسبة للسيدة ماي هو أنها تستطيع الجدال بسهولة أكثر الآن لأعضاء البرلمان المناهضين للتكامل الأوروبي، أنهم يخاطرون بعرقلة البريكست تماما إذا صوتوا ضد اتفاقها.
اعترف بعض الوزراء في محافلهم بأن الهزيمة قد تكون مفيدة لرئيسة الوزراء. ابتسم أحد وزراء الحكومة المؤيد للاتحاد الأوروبي قائلا: "البرلمان له الكلمة العليا".
"مجموعة الأبحاث الأوروبية" المؤيدة للبريكست من أعضاء البرلمان المحافظين، بقيادة جيكوب ريس موج، أصرت على أن مناورة جريف غير مهمة، لأن أي إشارة لخطة بديلة يقرها البرلمان لن تكون ملزمة قانونيا.
بريجيد فاولر، باحثة في جمعية هانسارد، وهي مؤسسة فكرية، قالت إن وجهة نظر البرلمان "لن تكون لها قوة قانونية، لكن قوتها السياسية ستكون لا يستهان بها".
فتحت ماي نقاشا مع مجلس العموم يستمر خمسة أيام حول اتفاق البريكست، قائلة: "هذا الجدل استمر لفترة طويلة بما فيه الكفاية. وقد أدى إلى تآكل سياساتنا. إن الحياة تعتمد على المساومة".
وقالت إن إجراء استفتاء ثان "لن يفضي إلى توحيد البلاد"، بينما الحصول على بريكست صعب من شأنه "تجاهل وجهات نظر الـ48 في المائة" الذين صوتوا للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، وأرادوا الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع التكتل.
وأضافت رئيسة الوزراء أيضا إنها ستحاول طمأنة أعضاء البرلمان من حزب المحافظين أكثر، من أن خطة جدار الاستناد المثيرة للجدل لتفادي الحدود الإيرلندية الصعبة، لن تحاصر بريطانيا في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنها قد تحصل على بعض المساعدة من التكتل قبل تصويت مجلس العموم الذي كان مقررا في الحادي عشر من كانون الأول (ديسمبر) الجاري، قبل تأجيله. قال أحد المساعدين، "دعونا نرى ماذا سيحدث".؟
قالت ماي إنها تتبنى اتفاق البريكست الخاص بها "بحماس" وحثت أعضاء البرلمان على التصويت عليه أو المخاطرة بإيجاد عوامل لبس هائلة. وأضافت: "إما هذا الاتفاق، وإما عدم التوصل إلى اتفاق، أو المخاطرة بعدم حدوث البريكست".
قرار ماي بأن تتحدى جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال، للدخول في مناظرة تلفزيونية تعثر يوم الثلاثاء الماضي، حين سحبت هيئة الإذاعة البريطانية عرضها باستضافة المناظرة، بسبب الخلافات بين الحزبين.
قال المحافظون إنهم لا يزالون ملتزمين بالمناظرة التي يمكن أن تجرى على شاشة محطة آي تي في ITV التلفزيونية المنافسة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES