FINANCIAL TIMES

حسابات حاذقة تقود «ديل» إلى إنجاح اندماج عكسي

حسابات حاذقة تقود «ديل» إلى إنجاح اندماج عكسي

حسابات حاذقة تقود «ديل» إلى إنجاح اندماج عكسي

شركة ديل، التي كان تقييمها في الماضي عند 18 مليار دولار في البورصة الأمريكية، كان من المتوقع أن تعود إلى وضعها الأصلي يوم الثلاثاء الماضي، عندما صوّت المساهمون في شركة مُدرجة غير معروفة تُدعى دي في إم تي DVMT، حول ما إذا كان ينبغي قبول عرض لعكس عملية اندماج من شركة ديل.
إذا قالوا نعم – ويتوقع معظم المراقبون أن يفعلوا ذلك – فإن شركة الكمبيوتر التي ولدت في غرفة نوم مايكل ديل قبل 40 عاماً، ستعود إلى البورصة بعد توقف دام خمسة أعوام، بقيمة سوقية للشركة مُتنازع عليها بشدة قد تصل إلى 100 مليار دولار.
بعيداً عن وهج بورصة وول ستريت، فإن ديل، الذي شعر بالإحباط من صناديق الاستثمار المشتركة، والمستثمرين الأفراد الذين رفضوا جهوده لإعادة ابتكار الشركة، احتفل بوحدة السوق الخاصة، قائلاً إن الشركة كانت لديها "الحرية للاستثمار في مستقبل يقع خارج الربع التالي".
لقد تم تأمين الصفقة بمساعدة من شركة سيلفر ليك بارتنرز، شركة الأسهم الخاصة البارزة القائمة في سيليكون فالي.
المنطق التجاري لإعادة الإدراج في البورصة واضح. ما كان فيما مضى شركة أجهزة كمبيوتر متلاشية، تحوّلت إلى مجموعة تكنولوجيا متنوعة عادت للتعامل معاملة الند للند مع شركات من قبيل آي بي إم، ومايكروسوفت، وهيوليت باكارد وسيسكو، مثل سابق عهدها الأول. تبين الآن أن طريق شركة ديل للعودة إلى السوق العامة مثير للجدل، ما أثار مشاجرة اندماج واستحواذ أدت إلى جذب المستثمرين الناشطين بما في ذلك كارل إيكان، وأثار تساؤلات حول تقييمات الشركة الخاصة، وأدى إلى اتهامات من بعض المساهمين من أن ديل وشركة سيلفر ليك، كانا عدائيين في المحادثات الوحشية حول صفقة "دي في إم تي" DVMT لابتزاز أي مبلغ يمكنهما الحصول عليه لنفسيهما. قال متحدث باسم شركتي ديل وسيلفر ليك، إنهما لن يعلقا على هذا الموضوع قبل تصويت المساهمين يوم الثلاثاء الماضي.
استثمر ديل وشركة سيلفر ليك نحو 10 مليارات دولار في شركة ديل، بدءاً من عام 2013. حصتهما المشتركة تبلغ نحو 75 في المائة وتساوي الآن أكثر من 25 مليار دولار.
إلا أن بعض المساهمين في شركة دي في إم تي DVMT – بما في ذلك إيكان، الذي قاد المعارضة لعكس عملية الاندماج، وصندوق التحوط النشط إليوت مانيجمينت، وشركة الاستثمار في المؤشرات الضخمة بلاك روك – جادلوا بنجاح للحصول على شروط أفضل لجميع المساهمين.
يقول إيكان: "على الرغم من أنهما؛ أي شركتي ديل وسيلفر ليك، قد حصلتا على ما هو حق لهما رغم استياء الآخرين، إلا أنه لو لم نكُن موجودين، لكانا قد حصلا على ثلاثة أضعاف ذلك".
عكس عملية الاندماج ربما يترك قيمة إضافية بقيمة 10 مليارات دولار مستحقة لكل من شركتي ديل وسيلفر ليك من المساهمين العامين، في شركة دي في إم تي DVMT.
بالنسبة للبعض، فإن الملحمة المستمرة منذ نصف عقد، قد أكدت أن شركات الأسهم الخاصة الذكية تتمتع بميزة على المستثمرين في الأسواق العامة. شهدت أسواق الأسهم الأمريكية انخفاضاً حاداً في عمليات الاكتتاب العام الأولي. خلال الفترة نفسها تمكنت شركات الأسهم الخاصة مثل سيلفر ليك من جمع عشرات المليارات من الدولارات، لاستهداف أصحاب المشاريع الذين يفضلون بناء قيم المساهمين خارج الأسواق العامة، قبل التوجه إلى السوق لبلورة مكاسبهم.
وأصبح السؤال كيف يستطيع المستثمرون في الأسواق العامة اقتناص جزء من الكعكة.
يقول جيل فيش، أستاذ قانون الشركات في جامعة بنسلفانيا: "تستطيع الأسهم الخاصة شراء الشركات، وإصلاح العمليات وجعلها أكثر براعة. أما بالنسبة للمستثمرين في القطاع العام على الجانب الآخر من عمليات الشراء التام للشركات بالرفع المالي، فإن هناك خطر أن يتم توقيت عمليات الاستحواذ بشكل انتهازي".
بدأت عملية إدارة ديل للشراء التام في هاواي. منزل العطلات الخاص بديل لا يبعُد عن منزل إيجون ديربان، وهو صانع صفقات متهور، انضم إلى شركة سيلفر ليك عند انطلاقها عام 1999. وقد صنعت شركة الشراء التام اسماً لنفسها بعد رهانات مربحة على شركات مثل علي بابا وسكايب. ديل، الذي يملك نحو خُمس الشركة التي تحمل اسمه، أنفق 14 مليار دولار على عدة عمليات استحواذ على شركات البرامج في الأعوام التي سبقت عام 2013، في محاولة لتحويل شركة ديل إلى متجر متكامل لأقسام تكنولوجيا المعلومات في الشركات.
لسوء الحظ، لم يعجب الأمر المساهمين، ما أدى إلى انخفاض أسهم شركة ديل بنحو الثُلث بين عامي 2010 و2012.
بحلول عام 2013، أبرم ديل وديربان صفقة لنقل الشركة إلى القطاع الخاص بسعر 13.88 دولار للسهم؛ أي بعلاوة تزيد على 40 في المائة.
المساهمون كانوا قلقين إزاء تلك الخطوة. عمليات الشراء التام من قبل الإدارة، حيث تكون لدى الرؤساء التنفيذيين نظرة ثاقبة في الأعمال، عادة ما يفتقر إليها المساهمون العاديون، لا تحظى بشعبية.
يقول تشارلز إلسون، خبير حوكمة في جامعة ديلاوير: "ينبغي إزالة عمليات الشراء التام من قبل الإدارة من قاموس الشركات. الرئيس التنفيذي مشتر وبائع على حد سواء في الصفقة، والأمران يتعارضان بشكل لا رجاء فيه".
قلق المستثمرين رفع العرض بضع نقاط مئوية، لكن مع بداية عام 2014، كانت شركة ديل قد تحولت إلى خاصة وتكبدت ديونا بقيمة 18 مليار دولار – بما في ذلك مبلغ ملياري دولار اقترضته من شركة مايكروسوفت.
من نواح عديدة، فإن شركتي ديل وسيلفر ليك تكمّل إحداهما الأخرى. كان المؤسس شخصاً متحمساً للتكنولوجيا لا يُبدي اهتماما يذكر بتعقيدات الأمور المالية. مع اهتمام شركة سيلفر ليك الكامل بالأرقام، يستطيع التركيز على الاستراتيجية.
توقيت عملية الشراء التام كان أيضاً ملائماً. ارتفع مؤشر ناسداك نحو 20 في المائة بين نهاية عامي 2013 و2015.
وعلى الرغم من أن شركة ديل لم يكُن لديها سعر أسهم رسمي، بالنظر إلى رفعها المالي العالي، إلا أن تقييمها الخاص كان من شأنه أن يندفع عاليا.
بمجرد أن أصبحت شركة خاصة، خفضت التكاليف، وشددت العمليات، وتخلصت من بعض الأقسام. أما عام 2015، فقد كان أمام شركتي ديل وسيلفر ليك الفرصة لعملية استحواذ ستغير قواعد اللعب.
كانت شركة إي إم سي EMC قد أصبحت اللاعب المسيطر في تخزين البيانات، وكانت قد أصبحت أيضاً مزيجاً من أصول التكنولوجيا، بما لديها من وحدات في أمن البرامج والبيانات الكبيرة.
على أن جوهرة التاج في مقتنياتها كانت شركة تابعة تُدعى في إم وير VMware، التي بلغت قيمتها السوقية 35 مليار دولار. شركة في إم وير VMware كانت رائدة في مجال "المحاكاة الافتراضية"، حيث الابتكار الذي لا يحتاج إلى تطبيقات برامج الوجود في الآلات الفردية.
في أيلول (سبتمبر) من عام 2015، أعلنت شركة ديل أنها ستشتري شركة إي إم سي EMC مقابل 67 مليار دولار، في أكبر عملية استحواذ في قطاع التكنولوجيا في التاريخ. فجأة، كان لدى شركة ديل مجموعة كاملة من المنتجات لبيعها إلى أقسام تكنولوجيا المعلومات.
لدفع ثمن الصفقة، اقترض ديل وشركة سيلفر ليك نحو 50 مليار دولار.
الاثنان، إلى جانب "تيماسيك" أي صندوق الثروة السيادية في سنغافورة، اشتروا نحو خمسة مليارات دولار من الأسهم الجديدة في شركة ديل؛ حيث دفعا 27.50 دولار للسهم، أي ضعف القيمة عام 2013.
من أجل توفير المبلغ المُستحق، كان على شركة ديل أن تكون مبتكرة، وحيث إنها كانت شركة خاصة، لم تستطع إصدار أسهم إلى المساهمين العامين في شركة إي إم سي EMC.
على أن شركة في إم وير VMware، والأصول الثمينة في شركة EMC، كانتا تعدان ضمن الشركات العامة. لذلك، عرض ديل وشركة سيلفر ليك على المساهمين في شركة إي إم سي EMC مبلغ 24.05 دولار للسهم نقداً، علاوة على قطعة ما يسمى "أسهم التعقب" في شركة في إم وير VMware التي كان من المفترض أن تداولها بنحو سعر السوق لشركة في إم وير VMware.
أما إيفركور، المصرف الاستثماري، فتوقع أنه من المرجح أن يتم تداول أسهم التعقب في شركة دي في إم تي DVMT ضمن 10 في المائة من تقييم شركة في إم وير VMware، ما يجعل المساهمين في شركة إي إم سي EMC سعداء بالحصول عليها. جوي توتشي، الرئيس التنفيذي في شركة إي إم سي EMC، أعلن قائلاً: "هذا ينبغي أن يكون أعلى أسهم تعقب للجودة في تاريخ أسهم التعقب.. ما كنا سنفعل هذا لو أننا كنا نرى أنها ستُكلّف [المستثمرين] أي ألم اقتصادي مهما كان". بالنسبة إلى شركتي سيلفر ليك وديل، كانت أسهم التعقب في شركة دي في إم تي DVMT ستصبح بمنزلة مكسب مفاجئ وعبء ثقيل على حد سواء.
الخصم على سعر سهم شركة في إم وير VMware القياسي تراوح بين 30 و40 في المائة، وليس علاوة الـ10 في المائة التي تم توقعها بين عام 2017، والنصف الأول من عام 2018.
كانت الفجوة تعني أن كل دولار من قيمة شركة في إم وير VMware التي كان قد باعها المساهمون في شركة إي إم سي EMC إلى "ديل"، تمثل من 60 إلى 70 في المائة مما كان مستحقاً لهم. أحد صناديق التحوّط الذي كان يدعم إنشاء شركة دي في إم تي DVMT سيُدين الهيكلة في وقت لاحق باعتبارها "سرقة كبيرة".
قاعدة مستثمري أسهم التعقب كانت إلى حد كبير مؤلفة من صناديق التحوّط. وأراد البعض فرصة للانتقام من ديل وشركة سيلفر ليك.
بحلول عام 2018، وفي ظل السوق الصاعدة المتواصلة، خاصة بين أسهم التكنولوجيا، بات من المناسب تحويل شركة ديل إلى شركة عامة. شركة سيلفر ليك أيضاً ستكون في مرحلة ما بحاجة إلى جني مكاسبها وتوزيعها على مستثمريها من صناديق المعاشات التقاعدية والأوقاف.
توصلت شركة ديل إلى الاستنتاج الذي مفاده بأن نهجها الأفضل لتُصبح شركة عامة هو من خلال عكس عملية دمج؛ حيث سيقوم المساهمون في أسهم التعقب في "دي في إم تي" DVMT باستبدال تلك الأسهم بأسهم تم إنشاؤها حديثاً في شركة ديل، من شأنها أن تُتداول بحرية. عملية اكتتاب عام أولي تقليدية كانت مُستبعدة؛ لأنها ستستغرق مزيدا من الوقت وتؤدي إلى تقييم أقل.
المحادثات مع "دي في إم تي" DVMT كانت بإشراف اثنين من الأعضاء المستقلين في مجلس إدارة شركة ديل هما: ديفيد دورمان وويليام جرين، وهما من الرؤساء التنفيذيين السابقين في شركتي أيه تي آند تي AT&T وأكسنتشور Accenture على التوالي. بحلول تموز (أيلول) الماضي، أعلن الرجلان وديل التوصل إلى صفقة.
رد الفعل ضدها من المساهمين في "دي في إم تي" DVMT كشف العيوب الكامنة في بنية أسهم التعقب. عملية الدمج منحت قيمة لشركة دي في إم تي DVMT بقيمة 109 دولارات للسهم.
بدأت "دي في إم تي" DVMT بالتداول بسعر بلغ نحو 45 دولارا في 2016، لذلك كان المستثمرون على المدى الطويل ينتظرون تحقيق عوائد جيدة.
مع ذلك، فإن سعر 109 دولارات كان لا يزال يشكل خصما 25 في المائة عن سعر أسهم "في إم وير" VMware الذي كان من المفترض أن تتعقبه "دي في إم تي" DVMT.
المشكلة الأكبر بالنسبة لمساهمي "دي في إم تي" DVMT كانت أن سعر 109 دولارات يبدو وهميا، حيث إن 60 في المائة منه كانت ستأتي على شكل أسهم في شركة ديل، التي أُعيد إدراجها في البورصة.
مع ذلك، لم يكُن هناك تقييم مقبول على نطاق واسع لشركة ديل الخاصة. استقر دورمان وجرين والشركة على تقييم لسهم "ديل" عند 79.77 دولار، ما يعني أن كل سهم في "دي في إم تي" DVMT سيتم استبداله بـ1.4 من أسهم شركة ديل.
في عام 2016، وقت إبرام صفقة إي إم سي EMC، كانت أسهم شركة ديل الخاصة قد بلغت 27.50 دولار للسهم. بحلول نهاية عام 2017 وأوائل عام 2018، بلغت قيمة أسهم شركة ديل ما بين 33 دولارا و49 دولارا للسهم.
بعد إعلان شروط عملية الدمج، لم تقترب شركة دي في إم تي DVMT من قيمة أسهمها البالغة 109 دولارات. شعر المساهمون المنشقون بالقلق من أن شركتي ديل وسيلفر ليك قد سعرتا سهميهما لتقليل حصة ديل التي عليهما تسليمها لمساهمي "دي في إم تي" DVMT. يقول أحد كبار المساهمين في "دي في إم تي" DVMT: "تلك الصفقة وصلت ميتة". هناك شخص مطلع على المحادثات يقول إن المنتقدين أساؤوا فهم ديناميكية التفاوض: "كان بإمكان شركة ديل أن تقوم بعملة اكتتاب عام أولي وإجبار تحويل "دي في إم تي" DVMT بعلاوة أقل بكثير. عكس عملية الدمج كانت أقل الخيارات سوءاً".
أما دورمان وجرين، فقد رفضا التعليق على ذلك.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES