أخبار

الانقسامات تؤجل التصويت البريطاني على اتفاق «بريكست»

الانقسامات تؤجل التصويت البريطاني على اتفاق «بريكست»

أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أمام مجلس العموم أمس، تأجيل التصويت على اتفاق "بريكست" الذي كان مقررا اليوم، بسبب الانقسامات العميقة في صفوف النواب الذين هددوا برفضه.
وبحسب "الفرنسية"، قالت ماي "سنؤجل التصويت المقرر الثلاثاء"، مشيرة إلى معارضة النواب بشكل خاص الحل الذي تم التوصل إليه لمنع عودة الحدود فعليا بين إقليم إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا، المعروف باسم "شبكة الأمان".
يأتي ذلك بالتزامن مع إصدار أعلى محكمة أوروبية أمس، حكما يمكن للحكومة البريطانية اتخاذ قرار من جانب واحد بالعدول عن الانسحاب من التكتل، ما عزز من آمال معارضي الانسحاب.
وبحسب "رويترز"، فإن محكمة العدل الأوروبية أصدرت حكمها العاجل بأن لندن يمكنها سحب إشعار الخروج الرسمي لتفعيل المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي دون جزاء.
وتؤكد حكومة ماي أن الحكم لا يعني شيئا لأنها لا تعتزم العدول عن قرارها مغادرة الاتحاد الأوروبي يوم 29 آذار (مارس) المقبل. لكن منتقدي الاتفاق يشيرون إلى أنه يقدم خيارات تتمثل إما في تأجيل الخروج وإعادة التفاوض على شروطه أو إلغاء الأمر برمته إذا غير الناخبون البريطانيون رأيهم.
وقالت المحكمة "للمملكة المتحدة الحرية في العدول بشكل أحادي عن خطاب النوايا الذي أبلغت فيه بنيتها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي".
وأضاف بيان المحكمة "حال العدول عن القرار بما يتسق مع متطلبات دستورها فإن ذلك سيعني أن تبقى المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي بموجب ذات القواعد التي لن تتغير".
ومستقبل الخروج ما زال محاطا بغموض شديد بعد أن قال عشرات النواب "إنهم سيصوتون ضد اتفاق ماي، وهو تسوية تمكن بريطانيا من الخروج مع ضمان البقاء في فلك الاتحاد".
وستشكل النتيجة النهائية لخروج بريطانيا اقتصاد البلاد البالغ حجمه 2.8 تريليون دولار وستكون لها عواقب بعيدة المدى على وحدة بريطانيا وتحديد ما إذا كان بإمكان لندن الحفاظ على مكانها كأحد أهم مركزين ماليين في العالم.
وفي استفتاء أجري يوم 23 حزيران (يونيو) عام 2016، صوت 17.4 مليون ناخب، أي 52 في المائة من الناخبين، لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مقابل 16.1 مليون، أي 48 في المائة، أيدوا البقاء.
ويخشى معارضو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن يقسم ذلك الغرب الذي يتكبد العناء في ظل رئاسة دونالد ترمب غير التقليدية وزيادة مواقف روسيا والصين صلابة.
وتعززت مواقف النشطاء الذين يأملون في وقف خروج بريطانيا في الأسابيع الأخيرة بعد أن حذرت ماي بنفسها من أن رفض الاتفاق قد يدفع بريطانيا لمواجهة إما الخروج دون اتفاق أو عدم الخروج على الإطلاق.
وقال مايكل جوف وزير البيئة البريطاني وأحد أبرز المدافعين عن الخروج من الاتحاد الأوروبي في الحكومة البريطانية عندما سئل عن قرار المحكمة "إن بريطانيا لا تريد البقاء في عضوية الاتحاد الذي انضمت إليه عام 1973".
وأضاف لراديو هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي"، "لا نريد البقاء في الاتحاد الأوروبي صوتنا بوضوح تام. 17.4 مليون شخص وجهوا رسالة واضحة بأننا نريد الخروج من الاتحاد الأوروبي وهو ما يعني أيضا الخروج من دائرة اختصاص محكمة العدل الأوروبية".
وأضاف "هذه القضية لا تغير نتيجة الاستفتاء أو النية الواضحة لدى الحكومة للخروج يوم 29 آذار (مارس)".
ويقول الاتحاد الأوروبي "إن الاتفاق هو أفضل ما يمكنه تقديمه ولا يمكن تغيير جوهره".
وتشير التوقعات الراهنة إلى أن اتفاق ماي سيُرفض وهو ما سيلقي بخطط الحكومة للخروج في حالة من الفوضى.
وقال ثلاثة من أربعة رؤساء وزراء سابقين لبريطانيا ما زالوا على قيد الحياة، وهم جون ميجور وتوني بلير وجوردون براون، "إن إجراء استفتاء آخر هو الحل لهذه الأزمة".
وأوضح بعض المسؤولين البارزين في الاتحاد الأوروبي "إنه يتعين السماح لبريطانيا بالبقاء، لكن قد يطلب منها التخلي عن بعض الشروط الخاصة التي حصلت عليها على مدى العقود الأربعة الماضية خاصة الخصومات الكبيرة على مدفوعاتها لميزانية الاتحاد".
وتواجه ماي معارضة شرسة في البرلمان لاتفاق الخروج ويتوقع كثيرون أن يرفضه النواب ما سيزيد التوتر في المحادثات مع الاتحاد عندما تتوجه ماي إلى بروكسل بعد غد لحضور قمة مع قادة التكتل.
ورفع آلان سميث، وهو عضو في البرلمان الأوروبي من القوميين الاسكتلنديين ومن بين معارضي انسحاب بريطانيا من الاتحاد، القضية سعيا إلى توضيح المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي أمام المحكمة.
وقال "الحكم الصادر اليوم يبعث برسالة واضحة إلى النواب في بريطانيا قبل التصويت مفادها أن هناك سبيلا للخروج من هذه الفوضى. ضوء في نهاية النفق للاقتصاد وللوظائف ولمكانة بريطانيا على الساحة العالمية. الأمر الآن يعود إلى المملكة المتحدة".
وتابع "إذا قررت بريطانيا تغيير موقفها المتعلق بالخروج من الاتحاد الأوروبي فسيكون العدول عن المادة 50 خيارا. وعلى الجانب الأوروبي بذل كل جهد ممكن للترحيب بعودة بريطانيا بأذرع مفتوحة".
وإذا فازت ماي في تصويت البرلمان، فمن المرجح أن تستمر عملية الانسحاب بموجب الاتفاق مع بروكسل الشهر الماضي. 
لكن إن خسرت فيمكن أن يعرض ذلك منصبها نفسه للخطر وقد يدفع إلى إجراء انتخابات جديدة أو استفتاء جديد، ويحذر كثيرون من أن ذلك قد يثير إضطرابات.
وبحسب "الألمانية"، يصوت البرلمان البريطاني على نصين رئيسيين، هما اتفاق الانسحاب الذي يحدد شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" في 29 آذار (مارس) المقبل، وإعلان سياسي حول شكل العلاقة بين بروكسل ولندن في المستقبل.
وقد تمت المصادقة على كلا النصين من جانب قادة الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن يتم التصديق عليهما من قبل البرلمان الأوروبي.
وكانت قد تمت الموافقة منذ أشهر على معظم بنود اتفاق الانسحاب الذي جاءت تفاصيله في 585 صفحة، لكنه يحتوي أيضا على بعض البنود المثيرة للجدل بشكل كبير.
ويتناول اتفاق الانسحاب الذي يحدد شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قضية حقوق المواطنين حيث يحمي الاتفاق حقوق أكثر من ثلاثة ملايين مواطن أوروبي يعيشون في بريطانيا ومليون بريطاني يعيشون في الاتحاد الأوروبي بقية حياتهم. وهذا يعني أنه بإمكانهم الاستمرار في العمل والدراسة والحصول على المزايا في بلد إقامتهم الذي اختاروه.
ويشمل الاتفاق أيضا التسويات المالية حيث وافقت بريطانيا والاتحاد الأوروبي على "احترام الالتزامات المتبادلة التى تم التعهد بها" من الناحية المالية، عندما كانت بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي.
وقدرت الحكومة البريطانية تكلفة مشروع قانون "الطلاق" بأنها تراوح في المجمل بين 35 و39 مليار جنيه استرليني "45 إلى 50 مليار دولار".
وفيما يتعلق بفترة الانتقال وبموجب اتفاق الانسحاب، ستدخل بريطانيا في فترة انتقالية مدتها 21 شهرا بعد مغادرتها الاتحاد الأوروبي في آذار (مارس). وتستمر هذه الفترة حتى نهاية عام 2020، بهدف منح الطرفين وقتا للتفاوض على الشراكة السياسية والتجارية المستقبلية.
كما يتضمن الاتفاق شرطا لتمديد الفترة الانتقالية لمرة واحدة، على أن يتم الاتفاق بشأنها بحلول نهاية حزيران (يونيو) عام 2020. وسيكون أقصى تمديد ممكن حتى نهاية عام 2022.
ويعد الإجراء الخاص بالخطة البديلة والملاذ الأخير هو أكبر نقطة شائكة ولا يزال أحد أكثر الجوانب المثيرة للجدل في بريطانيا باتفاق الخروج. ويصر الاتحاد الأوروبي على اتخاذ تدابير للحفاظ على حدود مفتوحة بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي وإيرلندا الشمالية التي ستغادر مع بريطانيا، إذا لم تكن الفترة الانتقالية كافية للتفاوض بشأن تحديد شكل العلاقة بين الجانبين في المستقبل.
وفي هذه الحالة، أي في أعقاب الفترة الانتقالية، يشدد النص على "إنشاء منطقة جمركية موحدة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة".
ومن شأن ذلك، الإبقاء على حدود مفتوحة في جزيرة إيرلندا، مع وضع بريطانيا وإيرلندا الشمالية في نفس المنطقة الجمركية.
ومع ذلك، ستكون بلفاست ملزمة ببعض القواعد الأكثر صرامة للسوق الموحدة للاتحاد الأوروبى، في حين إن بقية بريطانيا لن يتعين عليها سوى الالتزام بالأحكام المتعلقة بالجمارك.
ويشدد الجانبان على أن الخطة البديلة ليس المقصود منها أن يتم استخدامها، طالما أنهما يأملان في التوصل إلى اتفاق بشأن علاقتهما المستقبلية في وقت مناسب.
ومع ذلك، يتخوف البريطانيون المتشككون في الاتحاد الأوروبي من أن الخطة البديلة ستحبس بريطانيا وتقيدها في علاقة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي التي لا يمكن إنهاؤها إلا بموافقة مشتركة، بينما يتم التعامل مع بريطانيا وإيرلندا الشمالية بشكل مختلف.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار