Author

ما مدى تطور النظم المالية في دول مجلس التعاون؟

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا


صدرت لصندوق النقد الدولي قبل أيام دراسة عنوانها "ما مدى تطور وشمول النظم المالية في دول مجلس التعاون الخليجي؟". والدراسة من شقين نظري وتطبيقي. وأجد فرصة لعرض ملخص ومرئيات سريعة.
من المهم التوضيح ابتداء أن المقصود النظم المالية الخاصة بالأنشطة والمنشآت المالية في القطاع الخاص. أما المالية العامة فغير مقصودة.
معروف أن النظم المالية في دول مجلس التعاون الخليجي قد تطورت تطورا عظيما على مدار السنين خاصة منذ مطلع هذا القرن الميلادي الـ21.
ومن ثم قد يثار سؤال عما إذا كان المجال مازال متاحا لمزيد من التطور؟
نعم مازال المجال متاحا للمزيد.
ما حصل من تطور في المصرفية وأسواق الأسهم كان مدعوما بتطورات وقوة في النشاط الاقتصادي، مصحوبا بإصلاحات في القطاع المالي وانتشار ما عرف باسم التمويل الإسلامي. والنتيجة توسع وتعمق في التشريعات والنظم المالية. ويمكن القول إن القطاع المالي في دول مجلس التعاون أعلى مستوى بصفة عامة مقارنة بالأسواق الصاعدة. لكنه دون ما تحقق فيما يسمى الاقتصادات المتقدمة.
ما عماد التطور المالي في مجلس التعاون الخليجي؟ الجواب البنوك. أما أسواق الدين والمؤسسات المالية غير المصرفية فهي أقل تطورا. ومن أمثلة المؤسسات المالية غير المصرفية صناديق معاشات التقاعد، وشركات إدارة الأصول والتمويل والتأمين. ويرى صندوق النقد الدولي أن أسواق الأسهم تبدو في مستوى جيد من التطور قياسا على حجم السوق، لكنها تحت سيطرة عدد قليل من الشركات الكبيرة.
ماذا بشأن الثغرات؟
يرى صندوق النقد الدولي أن هناك ثغرات باقية في بعض المجالات المهمة. فيبدو أن فرص الحصول على التمويل ضعيفة نسبيا أمام المشاريع الصغيرة والمتوسطة والنساء والشباب على وجه الخصوص.
لكن الصندوق متفائل. حيث يرجح أن تحصل موجات تطور وشمول ماليين مصحوبين بنمو اقتصادي أقوى في دول مجلس التعاون الخليجي. وحسب مرئيات الصندوق، هناك ملاحظات على تقديرات الدراسة التجريبية المرافقة للنقاشات النظرية. لكن زيادة التقدم في التطور المالي و/أو الشمول المالي من المرجح أن يحصل معهما تحقيق نمو أقوى. وهذا النمو غير متجانس بين دول المجلس، تبعا لمستوى التطور والشمول الماليين في الوقت الراهن.
يطرح الصندوق مقترحات لمزيد تطوير في القطاع المالي. من هذه المقترحات إجراء إصلاحات لتعزيز فرص الحصول على التمويل بالنسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والنساء والشباب. كما يرى الصندوق أن المعالجة القائمة حاليا لجوانب الضعف المؤسسية وتشجيع المنافسة في القطاع المالي هذه المعالجة تساعد على إتاحة مزيد من فرص التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. لكن تحقيق فائدة قوية تتطلب إصلاحات تنتج مزيد إلمام وثقافة مالية من قبل تلك الفئات (أعني المشاريع الصغيرة والشباب). وتجري حاليا إصلاحات تبدو واعدة في إطار الحوكمة والإعسار وتشجيع توظيف النساء والشباب واستخدام التكنولوجيات الجديدة.
كما يطرح الصندوق على حكومات دول المجلس إنشاء منحنى للعائد الحكومي، وسعي لزيادة سيولة السوق من خلال التداول في السوق الثانوية، والتأكد من عدم صعوبة متطلبات طرح الإصدارات الخاصة.
وكما هو معلوم، أقرت السعودية برنامجا لتطوير القطاع المالي. والجهات المسؤولة عن تنفيذه تتركز في ثلاث: وزارة المالية ومؤسسة النقد وهيئة السوق المالية.
وأهداف البرنامج تنصب على معالجة نقاط الضعف التالية في القطاع والنشاط المالي. وللتوضيح، فهذا الضعف ليس مطلقا، لكنه مقارنة بأهداف "الرؤية" العالية الطموح.
1 - مستوى التغطية للخدمات المالية غير الشامل، حيث هناك وظائف وخدمات كثيرة ناقصة أو غير متاحة أصلا.
2 - مصادر التمويل المحدودة.
3 - نسبة الادخار المنخفضة.
4 - بنية القطاع المالي التحتية التقنية التي بحاجة إلى تطوير.
5 - الثقافة المالية الضعيفة نسبيا.
ومن ثم يستهدف البرنامج تنوعا واستقرارا وشمولية وتعميقا للقطاع المالي، مع تحول رقمي أعلى من المستوى القائم. وتحقيق ذلك يسهم في تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتطوير السوق المالية، وتعزيز التخطيط المالي للأفراد والأسر والمنشآت.

إنشرها