FINANCIAL TIMES

القارة العجوز تحاول اللحاق بالقطار الرقمي

القارة العجوز تحاول اللحاق بالقطار الرقمي

أوروبا تواجه فجوة في الابتكار. على الرغم من كونها موطن عدد من المجموعات الهندسية والدوائية الرائدة في العالم، إلا أنها تتخلف عن الولايات المتحدة والصين في تطبيق التكنولوجيا الرقمية على جيل جديد من المنتجات والخدمات. شركات مثل ألفابت، وفيسبوك، وعلي بابا وتنسنت – وهي شركات عالمية رائدة في مجال التكنولوجيا الاستهلاكية – تأسست جميعها خارج أوروبا.
لكن هناك علامات على التغيير في أنحاء القارة. تتمتع أوروبا بسِجل قوي في مجال البحث والتطوير، فهي تمثل 20 في المائة من الإنفاق العالمي في مجال البحث والتطوير. ورأس المال المغامر يتدفق إلى الشركات الناشئة وشركات النمو. وتتشكل المجموعات في المدن من لندن إلى باريس وبرلين. والشركات القائمة، التي تواجه التعطيل في صناعتها، تعتمد مناهج جديدة.
مشروع "الطريق إلى النمو" في أوروبا الذي دشنته "فاينانشيال تايمز"، يرتكز على مبدأ أن القارة لا تزال بحاجة إلى التحرك بسرعة إذا كانت ستنافس الابتكار الرقمي في أماكن أخرى من العالم. هذا يتطلب تغييرا في النهج – ليس فقط من خلال إنشاء شركات ناشئة، لكن أيضا من خلال الاستفادة من مواطن القوة في أوروبا، بما في ذلك جامعاتها، وأبحاثها العلمية، وقوتها العاملة المدربة.
بحث المشروع عن أمثلة رائدة لشركات تُغير الطريقة التي تعمل بها لتنمو بشكل أسرع وتتوصل إلى زبائن جدد. الشركات القائمة تواجه المهمة الأصعب – ليس البدء من الصفر لكن محاولة إعادة بناء ما لديها. إلى جانبها، أردنا تحديد شركات التكنولوجيا التي تساعد الآخرين على النجاح من خلال تزويدهم بأدوات برمجية جديدة.
على الرغم من تخلفها عن الولايات المتحدة، إلا أن أوروبا هي موطن بعض من الشركات المُعطّلة للغاية. مثلا "ريفولت" و"رايزن" في مجال الخدمات المالية و"بلوكينج.كوم" Booking.com و"أماديوس" في مجال السفر. وحاولنا أيضا العثور على منظمات تعمل على تطبيق التكنولوجيات الجديدة على المشكلات الاجتماعية، وكذلك العثور على أفراد قادوا التغيير الرقمي. وأخيرا، أدرجنا فئة لشركات تزويد التدريب الرقمي، نظرا للحاجة إلى إعادة صقل المهارات.
بعد دعوة للترشيحات في الصيف الماضي، تلقينا مُدخلات رائعة عددها أربعة آلاف. كانت متنوعة بشكل مذهل، من أصغر الشركات إلى أكبرها. راوح المشتركون من تكنولوجيا المصاعد في "ثيسنكروب" ThyssenKrupp إلى جراحات الأسنان الصغيرة التي تتحدث عن إعداد صفحة على موقع فيسبوك. أكثر من ربع الطلبات كانت من شركات صغيرة.
الانتقال إلى الإنترنت لم يعُد خطوة تعني تحولا جذريا بالنسبة إلى معظم الشركات، لكنه يبقى بمنزلة تجربة لبعضها. "ستيلو أي ستايل"، متجر أقلام في روما تم إنقاذه من الإفلاس عندما أسس ابن المالك عملا في التجارة الإلكترونية للمرة الأولى. بدأ المتجر البيع من خلال منصات تشمل جوجل، وأمازون، وإيباي. مالكه، ماريو بانيوزي، كتب عن التجربة، قائلا "تغيير طبيعة الأعمال المألوفة ليس بالأمر السهل. لنفكر في امرأة تبلغ من العمر 50 عاما. في أحد الأيام تغير متجرها وبدأت تدرس التسويق عبر الإنترنت، كيفية شحن أحد الطرود، كيفية كتابة محتوى لموقع على الإنترنت. الرحلة تتغير وترى بعينيك أن هذه هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ عملك، لذلك تبدأ الدراسة مرة أخرى كطفل. العقل المنفتح هو الشيء الوحيد الذي يُمكنه إنقاذك".
سمعنا قصة مماثلة في كثير من الترشيحات. ابن، أو حفيدة انضما إلى شركة العائلة وأدخلاها إلى القرن الـ 21. من الأمثلة على ذلك شركة أستي تكنولوجيز في شمال إسبانيا – حولت فيرونيكا باسكال شركة الهندسة التابعة لعائلتها إلى رائدة في Industry 4.0.
من المستحيل مقارنة هذه الشركات مباشرة بأكبر الشركات الصناعية في أوروبا، مثل إيرباص والمصرف الإسباني BBVA، اللذين نشرا التكنولوجيا المتطورة في تصميم المنتجات. من الأفضل النظر إلى القائمة النهائية ليس على أنها اعتراف بنوعية واحدة إنما باعتبارها نقطة انطلاق لكيفية تطور اقتصاد أوروبا بطرق مختلفة، بمساعدة التكنولوجيا.
تكاليف التعطيل – فقدان الوظائف وفي بعض الحالات تحويل العمل إلى وظيفة عرضية – كانت موضوع نقاش حاد عندما اجتمع القضاة في بروكسل. من الأمثلة البارزة على ذلك كانت "ديليفيرو"، شركة التوصيل البريطانية التي تبلغ قيمتها السوقية نحو ملياري دولار. على الرغم من أنها كانت تحظى بالإعجاب بسبب نموها السريع، إلا أن معاملتها للسائقين والركاب على أنهم مقاولون يعملون لحسابهم الخاص، تتحمل من أجلهم الشركة مسؤولية محدودة، جعلتها تتعرض إلى انتقادات شديدة.
فيما يتعلق بالتدريب، كثير من المشاريع المرشّحة ركّزت على النساء والفتيات، أو على تدريب اللاجئين والمهاجرين. كانت هناك أدلة أقل على تدريب، أو إعادة صقل مهارات العاملين الأكبر سنا الذين أصبحت مهاراتهم قديمة بسبب التكنولوجيا. يأمل القضاة في رؤية استجابة أعمق لتحد هائل في المستقبل.
أوروبا لديها طريقة مقبولة في مطابقة الشعور بالفرصة وتوافر تمويل النمو في الولايات المتحدة. في حين إن شركة ديليفيرو وغيرها من الشركات، بما في ذلك "أدين"، شركة المدفوعات الهولندية، أصبحت "وحيدات قرن" أوروبية ـ تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار ـ إلا أن أعداد "وحيدات القرن" في وادي السيليكون تفوق أعداد مثيلاتها في أوروبا كثيرا. ولا تزال شركات النمو الأوروبية تشعر بإغراء الذهاب إلى الولايات المتحدة من أجل التوسع.
لكن مشروع "الطريق إلى النمو" كشف عن مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأنشطة من الشركات الأوروبية وأصحاب المشاريع. إحدى الأفكار الرئيسية كان مقدار ما يحدث في الصناعات التي لا تستحوذ على العناوين الرئيسية بسهولة بقدر مجموعات الإنترنت الاستهلاكية ووسائل الإعلام الاجتماعية. هذه راوحت من المجموعات الصحية، مثل "كامبريدج كانسر جينوميكس، في المملكة المتحدة، إلى سلاسل التوريد، مثل شركة إمبيريال للخدمات اللوجستية في ألمانيا.
يوجد كثير من الأشياء التي تجعل أوروبا فخورة، وكثير منها تتضمن تكنولوجيا متطورة يتم تطبيقها بطرق تعمل على تغيير طبيعة الصناعات. فضلا عن تسريع وتيرتها، ينبغي أن تصرخ القارة بصوت أعلى قليلا بشأن ما تحققه. الشركات التي على قائمة مشروع "الطريق إلى النمو" تعمل على جعل نفسها معروفة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES