Author

تحسين قطاع التأمين بتنوع منتجاته

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
قطاع التأمين بصورة عامة له أهمية كبيرة في العالم باعتبار أنه يدخل في كثير من الأنشطة التجارية بمختلف أنواعها، فلا تكاد تجد شيئا إلا وله صلة بشكل مباشر أو غير مباشر بالتأمين، خصوصا في الاقتصادات المتقدمة؛ حيث إن القطاعات الاقتصادية في تلك الدول تميل إلى تخفيض حجم المخاطر قدر الإمكان، وبالتالي يكون الإقبال أكبر على قطاع التأمين؛ للحد من أثر الكوارث التي يمكن أن يتعرض لها أي نشاط تجاري. في المملكة، ومع التوسع في الأنشطة التجارية، والعمل على التنوع في مصادر الدخل، ودخول الشركات الأجنبية، فإن قطاع التأمين قد يكون من أكثر القطاعات استفادة من هذا النشاط التجاري، إلا أن هناك مجموعة من الأمور التي ينبغي أن يعمل عليها قطاع التأمين ليتحسن أداؤه. لعل أحد أهم التحديات هو استحواذ شركتين من أصل 35 شركة في المملكة على 45 في المائة؛ حيث جاء في تقرير لـ "الاقتصادية": "تستحوذ شركتان من أصل 35 شركة تأمين على نحو 45 في المائة من إجمالي الأقساط المكتتبة للقطاع كاملا ... "، وقطاع التأمين قد يختلف كليا عن القطاع المصرفي في أن التفاوت الكبير بين المصارف قد لا يؤثر بشكل كبير في كفاءة نشاط المصارف الصغيرة، وإن كان له تأثير فهو محدود، لكن في قطاع التأمين الأمر يختلف تماما، فبقدر ما تحصل شركة على حصة أكبر من السوق، فإن المخاطر لديها تقل، وبالتالي قدرتها على عرض أسعار منافسة أعلى، كما أن المخاطر عليها أقل بكثير مقارنة بالشركات التي لديها حصة أقل في السوق، إضافة إلى قدرتها على تقديم خدماتها في مناطق كثيرة في المملكة. التحدي الآخر يتعلق بالتنوع في خدمات التأمين؛ إذ ما زال التأمين الصحي والتأمين على المركبات يستحوذ على حصة الأسد من قطاع التأمين، والتأمين على الممتلكات لا يزال حجمه محدودا رغم أهميته وكثرة ما يمكن أن يشمله؛ إذ يشمل المباني والآلات ومحتويات المستودعات والسلع، بل من الممكن التأمين على الأجهزة الإلكترونية ومحتوياتها، وذلك لتخفيف أثر الكوارث، وزيادة قوة الشركات لاستعادة قدرتها على مزاولة نشاطها رغم ضخامة حجم الكارثة وتكلفتها، ومثل هذا النوع من التأمين كان معروفا بين أصحاب المهن والأنشطة التجارية المتشابهة؛ حيث تشترك مجموعة منهم في صندوق يعوض أيا من المشتركين في حال تعرض لكارثة تسببت في هلاك ممتلكاته الخاصة بنشاطاته التجارية أو جزء منها. الملاحظ من خلال تقرير صحيفة "الاقتصادية" حجم النمو في قطاع التأمين على الممتلكات: "وخلال الربع الثالث - أي من هذا العام 2018 - بلغ إجمالي أقساط التأمين على الممتلكات نحو 369.44 مليون ريال، فيما بلغ حجم الأقساط خلال الفترة المماثلة نحو 328.15 مليون ريال، لتسجل بذلك نموا 12.6 في المائة، بزيادة بلغت 41.28 مليون ريال. وارتفع نصيب التأمين على الممتلكات من إجمالي نشاطات التأمين خلال الربع الثالث بشكل ملحوظ، مشكلا نحو 4.27 في المائة للربع الحالي مقارنة بنحو 3.98 في المائة"، وهذا مؤشر إيجابي نوعا ما، إلا أن هذا لا يمثل إلا نسبة ضئيلة من حجم ما يمكن أن يتم التأمين عليه من الممتلكات، ولو أنه تم حساب حجم الممتلكات في القطاع التجاري، فسنجد أن التأمين تم فقط على نسبة ضئيلة جدا من تلك الممتلكات، وهذا بلا شك فيه مخاطرة عالية على الأنشطة التجارية في المملكة بصورة عامة؛ إذ إن كثيرا منها قد يكون معرضا لكوارث قد تؤدي إلى إنهاء النشاط التجاري بالكامل، كما أنه من الممكن أن يولد مشكلات بين الأطراف المختلفة، التي قد يتعرض بعضها لخسائر بشكل غير مباشر؛ نتيجة تقصير طرف آخر وعد بوجود جهة تعوض الأطراف المختلفة عن تلك الخسائر. كما أنه كما ورد في التقرير انخفاض حجم الأقساط المكتتبة في قطاع التأمين إجمالا، إلا أنه فيما يتعلق بالتأمين على الممتلكات، فإنه زاد في هذا العام، وهو ما يدل على أن التنوع يمكن أن يوجد فرصا أكبر لشركات التأمين. فالخلاصة هي أن قطاع التأمين له أهمية كبرى للنشاط التجاري في المملكة، وهو يؤثر في الأنشطة التجارية والمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها؛ بسبب عدم وجود تأمين لديها على الممتلكات، ما قد يؤدي حدوث الكارثة فيها إلى وقوع خسائر قد تؤثر في الأنشطة التجارية، التي قد يكون أداؤها جيدا، لكن غير قادرة على استعادة نشاطها في وجود خسائر فادحة عليها بسبب الحرائق مثلا.
إنشرها