default Author

السندات الخضراء وتطورها التدريجي «2 من 2»

|

لاقى أول سند أخضر يصدره البنك الدولي استحسانا قويا من المستثمرين، واهتماما كبيرا من الجهات الأخرى، ومنهم واضعو السياسات المناخية، ومؤسسة سيريس، ومبادرة سندات المناخ. وساعد ذلك على زيادة الوعي بالتحديات التي ينطوي عليها تغير المناخ، وأظهر إمكانية أن يساند مستثمرون من المؤسسات الاستثمارات المراعية لاعتبارات المناخ، من خلال أدوات على قدر عال من السيولة، دون التخلي عن العوائد المالية. وشكل ذلك الأساس لمبادئ السندات الخضراء، التي قامت بإعدادها رابطة أسواق رأس المال الدولية، وسلطت الضوء على القيمة الاجتماعية لاستثمارات الدخل الثابت، والحاجة إلى زيادة التركيز على الشفافية. وابتداء من السند الأخضر الأول الذي صدر عام 2008، راح المستثمرون ينشرون أسماءهم ويدلون بتعليقاتهم حينما يشترون السندات الخضراء أو غيرها من السندات المميزة. ومنذ ذلك الحين، عبأ البنك الدولي نحو 13 مليار دولار من خلال أكثر من 150 إصدارا لسندات خضراء بـ 20 عملة لمصلحة مستثمرين من المؤسسات والأفراد في أنحاء المعمورة كلها. والآن، انضم إلى قائمة الجهات المصدرة للسندات الخضراء شركات ومصارف من كل الأحجام وعدة بلدان. ويقوم مصدرو السندات كلهم بقياس الآثار الاجتماعية والبيئية لاستثماراتهم، وتتبعها، والإبلاغ عنها. ومؤسسة فاني ماي هي صاحبة أكبر إصدار لسندات خضراء من حيث الحجم في عام واحد. وأصدرت "فيجي" العام الماضي أول سند أخضر سيادي في بلدان الأسواق الصاعدة. وفي كل مصرف، ينشط في أسواق رأس المال الدولية موظفون مختصون بالتمويل، من خلال السندات الخضراء أو المستدامة. ويجري تضمين شروط القروض معايير التمويل بالسندات الخضراء. ونشأ نشاط يضم مقدمي الرأي الثاني وجهات التحقق - ومنهم شركات التصنيف الائتماني، وآخرون يقدمون معلومات إلى المستثمرين، ويساندون الجهات المصدرة للسندات. واتسع مفهوم السندات الخضراء ليشمل أنواعا أخرى: السند الاجتماعي، والسند المستدام، والسند الأزرق. وأطلقت السندات الخضراء شرارة ثورة في التفكير بشأن الاستدامة، والأغراض، وإمكانية أن تحقق استثمارات في سندات على قدر عال من السيولة، آثارا إيجابية. فإذا كان بمقدور أدوات الدخل الثابت أن تساند تمويل الحلول المناخية، فإن بوسعها أن تفعل ذلك لأغراض اجتماعية أخرى. ويجري بالفعل تطبيق إجراءات السندات الخضراء، ومنها نموذجها لاختيار المشروعات، والاعتماد على رأي طرف ثان، والإبلاغ عن الآثار، في مجالات أخرى. وأهداف التنمية المستدامة مجموعة من 17 هدفا عالميا اتفق عليها 193 بلدا عام 2015، وتراوح من التعليم إلى الصحة والمدن المستدامة، وهي إطار مفيد للمستثمرين ومصدري السندات، يساعدهم على التركيز على مجالات خارج نطاق المناخ. وقد بدأ البنك الدولي التشاور مع المستثمرين في أنحاء العالم بشأن أهداف معينة للتنمية المستدامة، من خلال سلسلة من السندات لزيادة الوعي بتحديات إنمائية معينة، عن طريق سنداته للتنمية المستدامة، ويحذو آخرون حذوه. ويتمثل التحدي الآن في ضمان أن نستطيع تسخير هذه الثورة، وهذا الزخم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي المستقبل، سيسأل المستثمرون في كل استثمار: "كيف يعود هذا بأثر إيجابي على المجتمع؟" وسينتظرون بيانات قوية لتقييم الآثار ردا على تساؤلاتهم. وما زال هناك شوط طويل يجب قطعه لبلوغ الغاية المنشودة. ولكن بإدراك الحاجة الملحة إلى التحرك، وقوة الاستثمارات، والتعاون والتكنولوجيا، والابتكار، سنستطيع تحقيق الهدف المنشود.

إنشرها