Author

التسيب و«الأسياب»

|
شاهدت مجموعة موظفين يقفون في أحد الممرات، فتبادرت لذهني علاقة التسيب بالممرات التي نسميها بالعامية "أسياب" لم يفلح بحثي عن رابط بين المصطلحين ولا أعلم كيف نتج المصطلح لتعريف الممرات، لكن بحثي في الوقت نفسه ربط السيب بالإهمال وهي عبارة تستخدم في غرب المملكة وتلك هي "سيب" أي اترك، ومنها عدم التدخل في شؤون الآخرين، ومنها المراقبة لما يحدث دون التدخل فيه. إذا فالتسيب أتى من مصدر الترك والإهمال وهذا يجعله قريبا من المصطلح المستخدم في علم الإدارة لوصف حالة عدم الانضباط التي تمر بها أي منشأة. تعد الظاهرة واحدة من أهم عناصر البحث في علم الموارد البشرية، بل إنها تكاد تكون الإشكالية الأكبر التي تنتج في العادة عن عدم ارتباط الموظف بوظيفته أو المؤسسة التي تحتضنه ويفترض أن تنمي إبداعه. يأتي في المقام نفسه البحث في الارتباط البعيد بين التسيب و"الأسياب"، الذي تدل القراءة الأولية له أنه لا علاقة بينهما، ولكن إعادة النظر لموقع من يهمل الأمور ويتركها على عواهنها، سنجده تواقا للبعد عن الأماكن التي يضطر فيها للعمل، وهي المكاتب أو المصانع، فهو يعيش في الأسياب وما شابهها، ويتحرك بينها ويستمر في ممارسة هواية السير والتضامن مع بقية الموظفين غير المقتنعين بما يعملونه. هنا أتذكر حادثة المدير الذي وجد موظفا يقف في الممر "السيب" ويدخن فسأله عن راتبه الشهري ودفعه له، وقال له بالحرف الواحد: لا أريد أن أراك هنا بعد اليوم فأخذ الشاب حقيبة كان يضعها بجواره ووعده بأنه لن يراه مرة أخرى وانطلق مسرعا، بعد الحادثة بدقائق جاء أحد الموظفين وهو يحمل مبلغا بسيطا يمثل ما جمعه من زملائه قيمة للبيتزا التي أحضرها عامل التوصيل الذي طرده المدير قبل ثوان. الحكمة من الواقعة: ليس كل من يقف في السيب متسيبا، فقد يكون يمارس عملا لا تعلمه أنت أيها الرئيس. أما الحكمة الأكثر إيلاما فهي: تعرف على كل موظفيك وأوجد روابط معهم لئلا تمر بحالة ترى فيها شخصا لا يمت للعمل بصلة وتحسبه غير ذلك، فقد يكون الشخص مسؤول الرقابة على أدائك.
إنشرها