FINANCIAL TIMES

الخوف من وجود «أبواب خلفية» يهدد أعمال «هواوي» الدولية

الخوف من وجود «أبواب خلفية» يهدد أعمال «هواوي» الدولية

على مدى نحو 15 عاما، كانت مجموعة هواوي الصينية تنظر إلى المملكة المتحدة باعتبارها سوقا رئيسية ونقطة انطلاق للصفقات الأخرى التي ساعدتها على أن تُصبح أكبر شركة لصناعة معدات الاتصالات في العالم.
شراكات هواوي مع الشركات التي من قبيل بريتش تليكوم وفودافون خففت نوبات عدم الارتياح بشأن ما يشاع عن صلاتها مع الحكومة الصينية وجيش التحرير الشعبي، وهو أمر تنفيه الشركة.
لكن في الوقت الذي بدأ فيه سياسيون من المملكة المتحدة وبلدان أخرى النظر في طرح شبكات اتصالاتهم من الجيل الخامس 5G، أصبحت "هواوي" فجأة تواجه تهديدا خطيرا لأعمالها الدولية.
في الأسابيع الأخيرة طاف مسؤولون أمريكيون أوروبا للتحذير من استخدام معدات "هواوي"، بينما انضمت كل من أستراليا ونيوزيلندا إلى الولايات المتحدة في حظر معدات الشركة الصينية.
في المملكة المتحدة وقّعت "هواوي" منذ فترة عقدا مع شركة تشغيل الهواتف الخلوية "ثري" لتزويد معدات الجيل الخامس، وتُجري اختبارات مع فودافون و"إي إي" EE.
لكن التغيير التكنولوجي الذي يحدثه الجيل الخامس، الذي سيصبح أساسيا في الوقت الذي تصبح فيه كل الصناعات والقطاعات متصلة، يجعل المملكة المتحدة، وحكومات أخرى، تشعر بالقلق من الوثوق بالشركة الصينية.
إيوان لوسون من معهد الخدمات المتحدة الملكية، وهو مؤسسة فكرية للدفاع في المملكة المتحدة، قال "إن الجيل الخامس مهم لتمكين إنترنت الأشياء التي في حد ذاتها ستوفر مجموعة أكبر من الفرص للمهاجمين"، مضيفا "إذا كانت لديك مخاوف أمنية بشأن العمود الفقري لإنترنت الأشياء، فإن هذا يبدو تغييرا كبيرا في قياس المخاطر بالنسبة إلى صناع السياسة".
إيان ليفي، المدير الفني لمركز الأمن السيبراني الوطني في المملكة المتحدة، لاحظ أن هناك مجالين رئيسين للقلق: خطر التجسس الصيني، والأمن الكلي للشبكة.
وقال "الأمر الذي يهمنا أكثر هو توافر الشبكات، وكذلك إيقاف تشغيلها. هل يستطيع شخص في بكين الضغط على زر وإيقاف تشغيل كل قطعة من مجموعة أدوات "هواوي" وماذا يعني ذلك لشبكات المملكة المتحدة، هذا مصدر القلق الأول".
سرعة الجيل الخامس وزمن استجابته – الوقت الذي يستغرقه تنفيذ الأوامر الرقمية – يعني أن مزيدا من معالجة البيانات سيتم عند حافة الشبكات، بالقرب من الأجهزة التي تُصدر الأوامر، بدلا من توجيهها عبر خوادم مركزية.
حتى الآن، كان نهج المملكة المتحدة هو إحاطة، أو "عزل" مجموعة أدوات "هواوي" من خلال منتجات ومعدات مُقدمة من شركات تصنيع منافسة، مثل إريكسون أو نوكيا. لكن ليفي يرى أن هذا أمر أصعب مع الجيل الخامس، لأن مزيدا من البيانات بعالَج بعيدا عن المراكز المركزية أو الرئيسية.
وقال "إذا كان لديك قليل من مجموعة أدوات "هواوي" نريد ضمان أن الأشياء الموجودة حولها ليست من "هواوي". لكن الجيل الخامس يجعل هذا الأمر أصعب، لذلك من المرجح أن ينتهي بك الأمر مع معدات أقل من "هواوي" فقط بسبب خطر التواطؤ بين الأجزاء المختلفة".
الشركة الصينية التي توظف 180 ألف شخص في جميع أنحاء العالم وحققت إيرادات بلغت 92.5 مليار دولار العام الماضي، قالت "إنها تُعطي الألوية للأمن". قال كوي هايفنج، المدير الإداري للشركة في ألمانيا "بالنسبة إلى كل تكنولوجيا لنا في "هواوي"، نحاول دائما وضع الأمن والسلامة باعتبارهما أقصى أولوياتنا حتى تكون كل التصاميم والمنتجات والخدمات آمنة".
لكن الشكوك حول الشركات الصينية في الغرب زادت منذ اعتماد قانون الاستخبارات الوطنية العام الماضي، الذي يقول "يجب على المنظمات والمواطنين "..." توفير الدعم والتعاون مع ـ والمشاركة في ـ العمل الاستخباراتي الوطني".
وقال ريك ليدجيت، نائب مدير وكالة الأمن الوطني السابق "الخطر هو أنه بسبب القانون الصيني، يتعين على "هواوي" توفير الدعم والمساعدة والمعلومات إلى وزارة أمن الدولة – وهي مزيج من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية. من الواضح أن العملية القانونية والحماية ليست موجودة".
تم اكتساح "هواوي" في رد فعل عنيف عام في الغرب ضد سياسة "صُنع في الصين 2025"، التي تُحدد الصناعات الرئيسية التي ستسعى بكين إلى تعزيز هيمنتها فيها من خلال تفوق الشركات المحلية على المنافسين في الخارج. هذه السياسة أضعفت الدعم للصين في مجتمع الأعمال الغربي، الذي كان أكبر داعميها في السابق.
في ظل هذه الخلفية من زيادة التشديد تجاه الصين، الخوف هو أنه قد يُطلَب من "هواوي" التي لها جذور عميقة في شبكات الاتصالات الأجنبية، أن تجمعع بيانات وتتجسس على الخصوم.
قال ليدجيت "إن الجيل الخامس مغير لقواعد اللعب فيما يتعلق بالأمن: إذا كنت تنظر في كيفية مهاجمة إحدى الشبكات، عندها فإن التعقيد هو صديقك". على الرغم من تقليل تأثير الضغط الأمريكي، إلا أن مزاج السلطات البريطانية تجاه "هواوي" تحوّل بشكل ملحوظ في الأسابيع القليلة الماضية.
في أوائل هذا الشهر عقد "مجلس الرقابة" الذي يراقب الاختبارات التي تخضع لها أجهزة "هواوي" في مختبر خاص في بانبوري، ووصف مسؤولون وتنفيذيون الاجتماع بأنه كان "متوترا".
في الأسبوع الماضي، مركز الأمن السيبراني الوطني، الذي يقود مجلس الرقابة، اتخذ خطوة غير عادية تمثلت في إصدار تذكير عام لشركة هواوي بأن عليها معالجة القضايا الفنية التي أثيرت في تقريرها الأخير الذي نُشر في تموز (يوليو).
حدد هذا التقرير أوجه القصور في العمليات الهندسية في "هواوي" التي كشفت "مخاطر جديدة في شبكات الاتصالات في المملكة المتحدة – وهي المرة الأولى التي تكشف فيها بريطانيا عن مخاوف بشأن الشركة الصينية في الأعوام الأربعة منذ إنشاء مركز للتقييم في بانبوري، أوكسفوردشاير.
في الوقت الحالي، قال مسؤولون "إن القلق يتعلق بضمان أن مجموعة الأدوات لن تتعرض للهجوم من قِبل قراصنة الإنترنت العدائيين، الذين قد يأتون من أي بلد وليس بالضرورة من الصين". مركز التقييم الذي يختبر كل مجموعة أدوات "هواوي" قبل السماح باستخدامها من قِبل شركات الاتصالات لم يعثر على أي دليل تجريم يُشير إلى تجسس صيني مباشر أو نشاط جنائي.
لكن مواطن الخلل والعيوب أثارت شكوكا جدية بشأن المعدات – على الرغم من أن شركات الاتصالات تقول "إنها الأرخص والأفضل في السوق".
قال مسؤول سابق في الاستخبارات البريطانية "ربما يكون من المبالغة أن نصِف الأمر بأن هناك بعض الأبواب الخلفية، لكن كانت هناك أشياء في الأجهزة بدا كأنها ثغرة محتملة يُمكن استغلالها". هناك نهج من المحتمل أن يضعه المسؤولون البريطانيون في الحسبان عند تعاملهم مع "هواوي"، وهو النهج الذي تم تبنيه تجاه شركة الأمن السيبراني الروسية "مختبرات كاسبرسكي". في كانون الأول (ديسمبر) الماضي كتب سياران مارتن، الرئيس التنفيذي لمركز الأمن السيبراني الوطني، إلى جميع وزارات الحكومة يُحذرها من استخدام برامج مكافحة الفيروسات الروسية بعد مخاوف من أن البيانات يُمكن نقلها إلى الدولة الروسية.
وفي حين إن ذلك النهج لم يصل إلى حد إصدار حظر على "كاسبرسكي"، إلا أن الرسالة إلى مجتمع الأعمال والصناعات المسؤولة عن البنية التحتية الحساسة كانت واضحة.
مهما كان القرار الذي ستتخذه المملكة المتحدة، يعتقد بعضهم في صناعة الاتصالات أن رد الفعل العنيف ضد "هواوي" مدفوع بالصعود السريع للشركة. قال أحد التنفيذيين في قطاع الاتصالات "أحد الأسباب وراء التدقيق الزائد من قبل الحكومات ووكالات الاستخبارات على "هواوي" هو لأنها ناجحة إلى درجة كبيرة. فهي جزء أكبر بكثير ضمن سلسلة التوريد مما كانت عليه قبل خمس سنوات".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES