FINANCIAL TIMES

هل يجب أن تحدد مقدار أجرك؟

هل يجب أن تحدد مقدار أجرك؟

إذا كنت تعمل لمصلحة "ميكرز" Makers، وهو مخيم تدريبي صغير متعلق بهندسة البرمجيات مقره لندن تأسس في عام 2012، سيعلم الجميع مقدار أجرك.
تطلب "ميكرز" من موظفيها تحديد أجورهم الخاصة بدلا من الدخول في المفاوضات التقليدية مع مديرهم - التي تقول الشركة "إنها تنطوي على مسببات للنزاع".
تتم دعوة الموظفين للتفكير فيما يستحقونه، والبحث في السوق، ومناقشة دورهم وأدائهم مع زملائهم المقربين. بعد ذلك يقدمون "كتابا" يبرر أي زيادة "أو نقص" في الأجور لفريقهم من أجل التعليق. وتتم مشاركة النتيجة النهائية مع بقية العاملين. كتب إيفجيني شادشنيف، الشريك المؤسس، في مدونة أن "هذا ليس تصويتا ديمقراطيا، أنت صانع القرار".
عندما سألته عن النظام، قلل من شأن الابتكار قائلا "ما نفعله ليس أمرا مبالغا فيه كما يبدو. نحن نستخدم العملية نفسها التي تمت تجربتها واختبارها، ونحصل على آراء الزملاء والأشخاص من ذوي الصلة ونشجع التعليق عليها، لكننا نوكل العملية إليك بدلا من المشرفين عليك".
شركات قليلة تكشف مقدار أجور العاملين فيها، أو كيفية تحديد مستوياتها، ولأسباب وجيهة فيما يبدو.
عندما دافعت عن انفتاح أكبر ذات مرة، علق أحد القراء قائلا "لقد رأيت كيف تبدو الشفافية الجذرية في مسألة الأجور. كان ذلك سبب غضب في أواخر التسعينيات استغلته شركة زوجتي. كاد الحقد الذي نجم عن ذلك والتفاهة أن يطيحا بالشركة. لماذا؟ لأن الجميع كانوا يعتقدون أنهم يستحقون أكثر من أقرانهم".
النشر الإلزامي لنسب الأجور بين الجنسين في المملكة المتحدة أدى إلى آثار إيجابية، ما سلط الضوء على عدم المساواة وتضييق الفجوة، لكن لا تزال المقترحات التي تدعو إلى إجبار الشركات على نشر نسب الأجور بين الموظفين الأعلى أجرا وأولئك الذين يتقاضون أجورا متوسطة تخيف الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارات والموظفين. أحد المخاوف هو أن نشر مستويات، أو نسب الأجور سيجذب التدقيق الإعلامي الناقد بصورة غير منصفة. مصدر آخر للخوف هو أن الشفافية في الأجور ستنشر السخط وستحبط معنويات الموظفين إذا علموا حجم الأجور الكبيرة التي يتقاضاها مديروهم.
تشير آخر الأبحاث إلى أن كل هذه المخاوف ليست مبررة. زوي كولين، من كلية هارفارد للأعمال، وريكاردو بيريز تروجليا، من كلية أندرسون للإدارة في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، أجريا بحثا شمل أكثر من ألفي عامل في مصارف تجارية كبيرة. أخبرتني البروفيسورة كولن قولها "توقعنا أن يكون هناك مستوى من الاستياء" حول اختلافات الأجور العمودية. في المقابل، عمل الموظفون بجهد أكبر عندما علموا أن مقدار أجور مديريهم المباشرين أعلى بمستويات قليلة. لكن هذا التأثير التحفيزي تلاشى عندما قارنوا أجورهم بأجور التنفيذيين الذي يتجاوزونهم بعدة ترقيات.
حدث العكس عندما علم الموظفون أن أقرانهم يكسبون أكثر منهم. أما الأشخاص الذين علموا أن العامل في المكتب التالي يحصل على أجر أعلى 10 في المائة كانوا يقضون ساعات أقل في المكتب بنسبة 9.4 في المائة".
وبناء على هذه النتائج، يجب على الشركات أن تضمن أن تكون نطاقات الأجور ضيقة بالنسبة إلى العاملين الذين يؤدون وظائف مماثلة. في الوقت ذاته، يمكنها الاستفادة من خلال الإعلان عن المكافآت المتاحة لأولئك الذين يحظون بالترقية، وحتى توسيع الفجوة بين النطاقات.
ماذا عن الشفافية الكاملة؟ تعد الشركات الناشئة مثل "ميكرز" صغيرة حسب التعريف ويمكن أن تفرض سياسات راديكالية للأجور الخاصة بها. وفقا للبروفيسورة كولين "يمكنها استخدام الشفافية ورقة مساومة. لا يمكنني أن أدفع لك أكثر من هذا لأنه سيتعين علي دفع مزيد للجميع".
فتح الكشوفات المحتوية على بيانات أجور الشركات الراسخة يعد أمرا أكثر تعقيدا. لم يستكشف الباحثون بصورة كاملة التأثير الكلي في المعنويات عندما يتم الكشف عن مستويات الأجور أمام الموظفين الذين يشعرون بالحسد، وإلى وسائل الإعلام الفضولية، والمنافسين الذين لديهم أموال احتياطية لإغراء النجوم الذين لا يحظون بالتقدير.
تشير البروفيسورة كولين إلى تجربة الشركات عن طريق سؤال الموظفين عن تفضيلاتهم بشأن الشفافية. وتشمل الطرق الخفية لإعلان مستويات الأجور النسبية دعوة الموظفين إلى تخمين الأجور بالنسبة إلى أدوار مختلفة ومكافأة التخمينات الأكثر دقة. شخصيا ما زلت أعتقد أن الشركات الكبيرة لا تخاطر كثيرا بكونها أكثر انفتاحا بشأن الأجور، لكنها ينبغي أن تكشف الأجر المتوسط للوظائف بدلا من الرواتب الفردية.
تضخم الأجور في "ميكرز" يعد خطرا دائما. لم يطلب أحد بعد تخفيضا في الأجر، على الرغم من أن شخصا فكر في ذلك ذات مرة. أخبرني شادشنيف أن المشكلة الأكبر هي أن الناس يماطلون ومن ثم يدركون أنه "كان ينبغي لهم الحصول على زيادة منذ أعوام ويحتاجون الآن إلى زيادة كبيرة يصعب تبريرها". وكشفت الشركة كذلك عن اختلافات مثيرة بين الجنسين: يبدو أن الرجال قرروا زيادة أجورهم 5 في المائة أكثر من النساء.
يؤيد شادشنيف التزام "ميكرز" بنظام قائم على الثقة المتبادلة، لكنه في النهاية يقبل باحتمال أن يصبح الكشف عن الأجور من المحرمات أكثر مما هو عليه الآن. في آب (أغسطس) وافقت المجموعة على طلبات أجور بمبلغ 100 ألف جنيه استرليني أو أكثر يتعين على مجلس الإدارة توقيعها. وكتب في أحد الأيام "ربما نقرر أن نهجا تقليديا أكثر يلائمنا بصورة أفضل. ففي النهاية لكل نهج حدوده".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES