أخبار اقتصادية- عالمية

المخاطر تهدد العلاقات التجارية بين بكين وواشنطن رغم الهدنة المؤقتة

المخاطر تهدد العلاقات التجارية بين بكين وواشنطن رغم الهدنة المؤقتة

رغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وصف اتفاق الهدنة التجارية الذي توصل إليه مع نظيره الصيني شي جينبينج، على هامش قمة مجموعة العشرين، بأنه "اتفاق لا يصدق"، إلا أن المخاطر التي تهدد العلاقات الأمريكية - الصينية زادت ولم تتراجع حتى قبل أن يغادر قادة مجموعة العشرين العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.
ووفقا لـ"الألمانية"، فإن المحللون ومنظمات الأعمال رحبوا بالاتفاق على تأجيل زيادة الرسوم المقررة على كمية إضافية من السلع الصينية، التي تستوردها الولايات المتحدة لمدة ثلاثة أشهر، باعتباره انفراجة، ويؤدي إلى تجنب تدهور العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وقد أشارت التعاملات المبكرة في أسواق الصرف إلى تفاؤل المستثمرين بالاتفاق.
من ناحيتها، تؤكد وكالة بلومبرج للأنباء، أنه بالنسبة للجميع يتباين التفاؤل المبكر بالنسبة للموضوعات الصعبة الباقية، مثل السياسة الصناعية للصين، ونظم حماية حقوق الملكية الفكرية والمفاوضات الشاقة التي تنتظر الجانبين الصيني والأمريكي قبل انتهاء المهلة في أول آذار (مارس) المقبل.
وستظل الشركات والأسواق تعاني من استمرار حالة الغموض التي تحيط بمستقبل العلاقات التجارية بين بكين وواشنطن.
يقول "إسوار براساد" خبير السياسات الاقتصادية والتجارية الصينية في جامعة كورنيل الأمريكية "بمجرد تلاشي وهج هذا العشاء، ستعود الحقيقة إلى الظهور بسرعة" في إشارة إلى حفل العشاء الذي حضره "ترمب" و"جينبينج" في بوينس آيرس.
ويضيف "لا أري أي طريق سهل لحل الخلافات القائمة بين الجانبين خلال فترة الـ90 يوما".
في الوقت نفسه، فإن شروط الهدنة التجارية مازالت غامضة. فرغم أن الصين والولايات المتحدة قالتا إنهما تؤديان إلى تأخير زيادة الرسوم الأمريكية على سلع صينية قيمتها 200 مليار دولار من 10 في المائة حاليا إلى 25 في المائة التي كان مقررا تطبيقها أول كانون الثاني (يناير) المقبل بحسب البيانات الرسمية، فقد بدا هناك تباين واضح بين رؤية كل جانب لما تم الاتفاق عليه.
ومقابل تأجيل زيادة الرسوم الأمريكية، تعهدت الصين بشراء "ما لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن لكنها ستكون كميات كبيرة من المنتجات الزراعية والصناعية والطاقة وغيرها من المنتجات" الأمريكية، بحسب الإعلان الأمريكي، في حين لم يتحدث المسؤولون الصينيون عن أي مشتريات من السلع الأمريكية.
وكان الرئيس "ترمب" قد كتب على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في ساعة متأخرة من مساء الأحد الماضي، أن الصين وافقت على خفض الرسوم على السيارات المستوردة من الولايات المتحدة، التي كانت قد وصلت إلى 40 في المائة بعد أن رفعتها الصين ردا على الرسوم الأمريكية التي تم فرضها في وقت سابق من العام الحالي.
وتبلغ الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة غير الأمريكية في الصين حاليا 15 في المائة فقط.
وقال الجانبان الأمريكي والصيني، إنهما اتفقا أيضا على بدء المفاوضات حول "الموضوعات الهيكلية"الأوسع نطاقا، حيث يقول الأمريكيون إنهم سيحرصون على إتمامها خلال 90 يوما، في حين لم يشر الصينيون في بياناتهم إلى أي موعد محدد لإتمام المفاوضات.
وبعيدا عن التفاصيل قصيرة المدى، فإن ترمب وشي جينبينج مازال أمامهما أسئلة أكبر تحتاج إلى إجابات.
وبحسب وكالة بلومبرج للأنباء، يدعي الرئيس ترمب أن الرسوم التي فرضها خلال العام الجاري، على كمية قيمتها 250 مليار دولار من الواردات الأمريكية من الصين، وتهديده بفرض مزيد من الرسوم على المنتجات الصينية منحت بلاده تفوقا في حربه ضد الممارسات التجارية غير العادلة، التي يعتقد أنها سبب الصعود الاقتصادي للصين. لكن هذه الرسوم لم تؤد إلى أي تنازلات ملموسة من جانب شي بالنسبة للمطالب الأمريكية.
في الوقت نفسه، فإن المفاوضات المنتظر بدؤها، هي واحدة من المفاوضات التي يقول ترمب عنها إنها المفاوضات التي ظل الصينيون يتطلعون إليها منذ شهور، فيما يرى الصقور في إدارته أنها مثيرة للريبة.
بالطبع فبعد العودة من الأرجنتين سيكون لكل زعيم منهما جمهوره الذي يريد مغازلته. بالنسبة للرئيس الصيني سيكون السؤال هو كيف يتجاوب مع المطالب الأمريكية التي تبدو منطقية من الناحية الاقتصادية في بعض الحالات، مثل فتح الاقتصاد الصيني أمام مزيد من المنافسة الخارجية، مع النفور الوطني الصيني التقليدي من فكرة الرضوخ لضغوط القوى الأجنبية.
ومن الأحداث المهمة التي ينتظرها "شي" احتفال الصين بالذكرى الـ 40 لإطلاق برنامج الرئيس الأسبق "دينج شياو بنج" للإصلاح والانفتاح الاقتصادي، الذي كان البداية للصعود الاقتصادي للصين.
ومن الممكن أن يستغل "شي" الاحتفال لإطلاق حزمة إصلاحات والاستجابة الهادئة لكثير من المطالب الأمريكية.
من ناحيته، قال "كريج آلين" رئيس مجلس الأعمال الأمريكي الصيني إنه حتى في ظل "الجدل الشديد" حول تراث "دينج شياو بنج" في الصين حاليا، فإن أي خطوة من جان "شي" تحتاج إلى حسابات دقيقة.
ويقول "توم أورليك" كبير خبراء الاقتصاد في "بلومبرج إيكونوميكس" إن المشكلات الهكيلية الخطيرة في العلاقات التجارية الأمريكية - الصينية لا يمكن حلها في مثل هذه الفترة القصيرة.
ويضيف "نعتقد أن الصين لديها بعض السياسات مسبقة التجهيز، ويمكنها تقديمها كإصلاحات في السياق المحلي وكتنازلات بالنسبة للولايات المتحدة".
ويقول"ماثيو جودمان"الذي عمل في إدارة آسيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي في عهدي الرئيسيين باراك أوباما وجورج دبليو بوش إن ترمب الذي أظهر ميولا تصادمية بالنسبة لقضايا التجارة الدولية في أول عامين له في البيت الأبيض، يبدو الآن أنه يتراجع عن هذه السياسة بالنسبة للصين.
ويؤكد أن ترمب أظهر قدرته على إثارة الاضطراب في نظام التجارة العالمية القائم منذ عقود مع استخدام أدوات تحظى بالازدراء منذ وقت طويل، مثل الرسوم الجمركية.
ومع ذلك فقد بدا أنه يتراجع عن هذه السياسات كما حدث بعودته إلى التفاوض مع المكسيك وكندا حتى تم التوصل إلى اتفاق تجاري جديد بديلا عن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا" ووافق على الدخول في مفاوضات تجارية مع اليابان والاتحاد الأوروبي.
ويقول "جودمان" الذي يعمل حاليا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن ترمب "عندما يقترب من حافة الهاوية في موضوعات التجارة، فإنه يتراجع خوفا من الصدام"، مضيفا أنه مع توتر أسواق المال الدولية نتيجة احتمالات تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، فإن الهدنة التي أعلنت مطلع الأسبوع الحالي كانت مثالا على أن رد الفعل المحتمل للأسواق وقف حائلا أمامه (ترمب).
في المقابل، فإن قبضة الرئيس تبدو ضعيفة الآن، حيث يوجد إجماع بين خبراء الاقتصاد على نمو الاقتصاد الأمريكي وصل إلى ذروته خلال العام الجاري، وهذا يعني أن القدرة على امتصاص تداعيات أي صدامات تجارية دون أن يكون لذلك عواقب سياسية تتراجع.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية