Author

السلاح في المدارس

|
يمكن القول إن المدرسة اليوم أكثر أمنا مما كانت عليه في السابق. يأتي هذا في سياق النظر إلى نوعية الطلبة واهتماماتهم التي قد لا تكون منصبة بالكامل على العلم، ولكنها تؤمن بأهميته ومركزيته للمستقبل. متابعة الشاب والفتاة لما يشاهدانه من النماذج المجتمعية حيث يرتبط المستقبل بالإنجاز العلمي في المكونات الأكاديمية، يحقق المعادلة التي تبنى على تأكيد الربط بين الانضباط السلوكي في المدرسة وضمان أفضل النتائج في الحياة العامة في المستقبل. إذا استقرت هذه النظرية، فكلنا حري بأن ينشرها على مستويات التعامل المجتمعي كاملة وليس في المدرسة فقط. أقصد هنا البدء بتغيير كثير من القناعات التي بدأت تنتشر بين كثيرين وتعيدهم إلى الماضي الذي رغم جماله وأهمية تذكره، لم يحمل سوى البساطة والبعد عن الحضارة والسقوط في الخلاف وفقدان الميزة التنافسية والتفرد الذي يمكن تحقيقه من خلال استخدام العقل وجعله المسير الأول والأهم لكل تعاملاتنا وتفاعلاتنا وردود أفعالنا تجاه العالم الذي نعيش فيه. كيف لشاب يؤمن بأن حمل الرشاش أو السكين جزء من هويته في كل مكان، أن ينفتح على العلم والتربية ويسهم في التقدم المجتمعي بل يشعر بمسؤوليته تجاه تقدمه وحياته ونجاحه؟ لا يمكن أن يتوقع أحد أن يحقق أي نجاح مع وجود مثل هذه المفاهيم المغلوطة التي لم تكن موجودة سوى في زمن لم يسهم أبناؤه بأي شيء في مجال العلم والمعرفة المادية والمعنوية. هنا نقف عند أهمية التفاعل المجتمعي مع الواقع وما يواجهنا اليوم من حالات التراجع الخطير لدى كثيرين للماضي في مواقع لا يمكن أن نسمح فيها بالتراجع، ذلك أنها نشأت في الأساس لتغيير الواقع ومنافسة الآخرين في حالة الاستنارة وتحسين الإدراك ورفع الوعي الفكري والعلمي. هنا أستغرب ما أشاهده من حالات حمل الأسلحة، بل والاعتداء بها على الزملاء والمعلمين في مدارسنا التي لم تكن تعترف بهذا الأسلوب والفكر في كامل العقود السابقة، لأطالب كل مسؤول عن التربية والتوجيه بالوقوف صفا واحدا ضد هذه اللوثة الخطيرة، ولنحاول جميعا أن نستنقذ أطفالنا ومعلمينا وقادتهم من مخاطر مادية تتمثل في التعامل المجنون بالأسلحة، ومخاطر فكرية وتربوية تنتجها محاولات الرجوع إلى الخلف وزيادة أعداد السلبيين في المكون المجتمعي الذين يتحولون إلى معاول هدم في حاضر ومستقبل المجتمع.
إنشرها