FINANCIAL TIMES

الأرجنتينيون يشعرون بألم التضخم مع تراجع مستويات المعيشة

الأرجنتينيون يشعرون بألم التضخم مع تراجع مستويات المعيشة

بنديكت ماندير
من بوينس آيرس

تقول فلورنسيا بولاسيوس وهي في طريق عودتها إلى المنزل مع اثنين من أكياس التسوق فيهما أقل القليل مما تحتاج إليه لإطعام عائلتها، "إن وقتا طويلا قد انقضى منذ آخر مرة تمكنت فيها من إنفاق مبلغ من المال على قطعة من لحم البقر الشهير في الأرجنتين".
تضيف هذه الأم العزباء "45 عاما" التي تعمل أمينة صندوق "ليس بمقدورنا الحصول على أشياء تشعرنا بمتعة خاصة. لا بد لي من الاعتماد على التنزيلات"، موضحة أن الأجر الذي تحصل عليه لا يكفي لمواكبة التضخم الذي يتوقع أن يصل إلى نحو 50 في المائة هذا العام. "كنت أظن أن هذه الحكومة ستكون قادرة على إصلاح الاقتصاد. الآن لست متأكدة".
في الوقت الذي استضاف فيه الرئيس موريسيو ماكري قمة مجموعة العشرين السنوية في بوينس آيرس هذا الأسبوع، ومع وجود نحو عشرة آلاف زائر واجهوا التضخم الجامح في الأرجنتين مع ارتفاع أسعار الفنادق، السمعة الجيدة التي لا يزال يتمتع بها الرئيس الإصلاحي بين قادة العالم، تبخرت في الداخل.
عندما تسلم ماكري السلطة قبل ثلاث سنوات قاطعا وعدا بوضع حد لعقود من التقلبات الاقتصادية، كان معظم الأرجنتينيين متفائلين بشأن مستقبلهم. لكن هذا العام بدأ التفاؤل يتلاشى وسط أزمة عملة خسر فيها البيزو نصف قيمته تقريبا، ما أدى إلى تقديم خطة إنقاذ بـ 56 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
هناك أمثلة على الطريقة التي ناضل بها ائتلاف ماكري، "دعونا نغير"، من أجل تغيير البلاد بشكل كبير. وما زالت النقابات العمالية قوية مثلما كانت دائما، يوم الإثنين الماضي أضربت شركة الطيران الحكومية ما أدى إلى تعطل 371 رحلة احتجاجا على توقيف 367 موظفا عن العمل في وقت مبكر من هذا الشهر.
ومع ارتفاع أسعار الفائدة حتى وقت قريب إلى أكثر من 70 في المائة، عانت الشركات الصغيرة والمتوسطة والطبقة دون المتوسطة على وجه الخصوص التقلبات الاقتصادية المستمرة. التضخم المرتفع يعني أن الأجور الحقيقية من المتوقع أن تنخفض 11 في المائة في الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2018، وفقا لشركة Ecolatina للاستشارات الاقتصادية.
ونتيجة لذلك، نسبة تأييد ماكري التي تبلغ نحو 30 في المائة هي بالكاد أعلى من تلك التي حصلت عليها الرئيسة السابقة، كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر، التي تركت السلطة في وقت كانت فيه البلاد على شفا أزمة اقتصادية.
قال مدير متجر لبيع الملابس قبالة شارع صاخب في وسط بوينس آيرس طلب عدم الكشف عن هويته "لم تكن الأعمال التجارية رائعة قبل أن يتسلم ماكري السلطة، لكنها بالتأكيد ليست أفضل الآن. ما نكسبه لا يكفي، وليس الأمر كما لو أننا نستطيع الاقتراض لتخفيف التصدعات. نحن معرضون لخطر إغلاق متاجرنا".
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد الأرجنتين 2.6 في المائة عام 2018، بنسبة 1.6 في المائة عام 2019. وألقى ذلك بظلال من الشك على قدرة ماكري على الفوز عندما يرشح نفسه لإعادة انتخابه في العام المقبل.
ويعتمد كثير على مدى سرعة انتعاش الاقتصاد، إذ يتوقع معظم الاقتصاديين أن يرتفع النشاط في الربع الثاني من عام 2019، على الرغم من أن الانتعاش من المتوقع أيضا أن يكون غير منتظم في القطاعات المختلفة من اقتصاد البلاد المتنوع.
إنريك كريستوفاني، الرئيس التنفيذي لـ "سانتاندر ريو"، أكبر مصرف في القطاع الخاص في البلاد قال "من المرجح أن يكون تحسن الاقتصاد مفاجئا العام المقبل"، مجادلا بأن الانتعاش سيأتي عاجلا غير آجل.
وعلى الرغم من التقلبات الاقتصادية هذا العام، يشير كريستوفاني إلى أن هناك ثلاثة عوامل أساسية إيجابية بالنسبة إلى الاقتصاد على المدى المتوسط: لدى الأرجنتين الآن سعر صرف تنافسي، وحملة التقشف المدعومة من صندوق النقد الدولي ستؤدي إلى التوازن المالي العام المقبل، وأسعار الفائدة الحقيقية الإيجابية تقوي النظام المالي.
وبحسب خوان جيرمانو، مدير "إسونوميا" Isonomia، شركة استطلاعات الرأي في بوينس آيرس، "كل الأدلة "من الرأي العام" تظهر أن المائة يوم الأخيرة قبل الانتخابات أكثر أهمية بكثير من الألف يوم الماضية".
وأضاف "ستستمر حالة عدم التأكد "حول من سيفوز" حتى "الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية" في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام المقبل"، معتبرا من غير المرجح أن تحقق الجولة الأولى من الانتخابات في تشرين الأول (أكتوبر) الفوز لأحد، ما يؤدي إلى جولة إعادة تصويت غير متوقعة.
المشكلة الكبرى التي يواجهها ماكري هي أنه من غير الواضح لكثير من الأرجنتينيين مدى التغير الذي تمكن تحالفه "دعونا نغير" من تحقيقه بالفعل في البلاد. وعلى الرغم من استقامته المالية، التي لا تظهر إلا للأرجنتينيين العاديين من خلال التقشف الذي يشعل الركود الحالي، تبدو الأرجنتين من نواح كثيرة مثلما كانت دائما.
قال جريجوريو مونيوز، وهو جزار "الأرجنتين ستكون دائما الأرجنتين، في أوقات الرخاء وأوقات الشدة"، مضيفا أنه "على الرغم من أن الأعمال التجارية أضعف بسبب الركود، إلا أن معظم زبائنه يقلبون الدنيا رأسا على عقب للحصول على حاجتهم الأسبوعية من اللحم البقري. كان الله في عوني، إذا تغير الوضع فسأفقد عملي".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES