Author

الادخار وغياب البرامج المحفزة

|
أعلن بنك التنمية الاجتماعية إطلاق برنامج "الادخار الوطني" تحت مسمى برنامج "زود". ضمن خطة التحول الوطني للبنك في تقديم منتجات جديدة، وهي فكرة جيدة تخرج البنك من ضغط الاستمرار في خدمات الإقراض، التي كنت من المنتقدين للتوسع فيها بعد أن أصبحت جزءا من ثقافة الأفراد الاستهلاكية، وكانت نتائجها السلبية أكثر من إيجابياتها على مدى السنوات السابقة، ولعل ارتفاع قيمة القروض الشخصية للأفراد إلى 316 مليارا خلال هذا العام 2018 أحد المؤشرات على تزايد الثقافة الاستهلاكية بصورتها السلبية، وتمتد آثارها إلى الاقتصاد الوطني بشكل أكبر. أما البرنامج الوطني للادخار -بحسب البنك- فيهدف إلى تنمية سلوك الادخار، وزيادة وعي المستهدفين لاتخاذ القرارات المالية الصحيحة، ودعمهم في بناء خططهم المالية الشخصية. وبحسب الدراسة التي قام بها بنك التنمية، فإن معدل الادخار لدى السعوديين لا يتجاوز 16 في المائة من إجمالي الدخل، بينما تصل النسبة المتوسطة في دول الخليج إلى 29 في المائة، وفي الدول المتقدمة إلى 52 في المائة، ودراسة البنك تتطابق مع التوجه المعلن لمؤسسة النقد "ساما"، التي تؤكد أن معدل الادخار لدى الأسر السعودية يعتبر من أدنى المعدلات في العالم، وهذا يشكل أحد أبرز التحديات التي تواجه تطبيق أهداف برنامج تطوير القطاع المالي؛ حيث تسعى المملكة ضمن "رؤيتها 2030" إلى رفع نسبة مدخرات الأسر على أساس منتظم إلى 29 في المائة بحلول عام 2020. لكن مؤسسة النقد لم توضح لنا خطة العمل التي يمكن تقديمها بالشراكة مع المؤسسات والمصارف المالية لرفع نسبة المدخرات، في ظل غياب ثقافة الادخار لدينا، وغياب البرامج المحفزة للادخار، سواء من قبل المصارف أو المؤسسات المالية الأخرى. ويظل الحديث عن الادخار -في تقديري- ضربا من التنظير، لا يمكن تطبيقه ما لم يرتبط ببرامج محفزة وفاعلة لكل الشرائح الاجتماعية، بدءا من طلاب المدارس، وانتهاء بالمتقاعدين وكبار السن، كما تفعل المؤسسات المالية في دول العالم، التي تتنافس في استقطاب المدخرين. وبرنامج "زود"، الذي أطلقه بنك التنمية، مع ترحيبنا بهذه الخطوة، إلا أن حصر البنك باشتراط المشترك في البرنامج أن يكون من المستحقين لقرض بنك التنمية الاجتماعية، فهذا سيحد من الإقبال على البرنامج، وكان الأولى أن يكون الاشتراك في البرنامج مفتوحا ودون شروط؛ ليشمل الأفراد والطلبة والطالبات والموظفين والموظفات والأسر المنتجة وأبناء الأسر المستحقة للضمان الاجتماعي؛ ليتناسب مع مختلف الشرائح، فنحن في حاجة في هذه المرحلة إلى توسيع ثقافة الادخار، وتحفيز المجتمع على تطبيقها بسهولة وتدريجيا، مع تكثيف التوعية والتدريب على هذه الممارسات بالشراكة مع المؤسسات المالية والتعليمية المؤثرة.
إنشرها