«وعد الشمال» .. الملك وأيادي المستقبل

أكتب دوما عن الغرائب والمعجزات هنا في هذه الزاوية، ولم يخطر ببالي أن أعيش المعجزة وأرى تفاصيل الإعجاز، وأن أرى بأم عيني عملاقا يشق الصحراء ليكسر صمتها ويبعث الروح فيها من جديد، ووعدا تحول إلى حقيقة. كان يوم الخميس 22 تشرين الثاني (نوفمبر) يوما مختلفا بكل تفاصيله، يوما لا ينسى، صحراء وجبال ورمال على طول الطريق المتجه بنا إلى المدينة الوعد ومقر الحفل، تتماثل أمامك بعد كل مسافة قصيرة معجزة، مبان، معاهد، حاضنات، محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، مصنع لمعالجة المياه، ومصانع للغاز غير التقليدي، فندق تلفه الرمال يفتح ذراعيه معلنا ترحيبه بضيوف المدينة القادمين لإعمارها ومساكن شامخة تنتظر ساكنيها! يستقبلك أبناء الشمال ببساطتهم وحفاوتهم المعهودة وأهازيجهم المميزة، تدخل إلى قاعة الاحتفال وكأنك تقف على خلية نحل كل يحمل هم إنجاح الحفل ليكون ختامها مسك كآخر محطة في الشمال تتشرف بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عدد كبير من الضيوف والزوار كانوا حريصين على أن يكونوا شاهدا على هذا الإنجاز العظيم، إعمار الصحراء وتحويلها إلى مدينة يصنع فيها الإنسان وتستثمر طاقاته قبل كل شيء. مدينة أعادت لأهل الشمال روحهم وزرعت فيهم الأمل بمستقبل واعد، تسمع في أحاديثهم الجانبية نغمة فرح وتفاؤلا، بدلا من أن يرتحل أبناؤهم للعمل خارج منطقتهم تراهم يعودون، بل ويجذبون أبناء المناطق الأخرى للعمل معهم في مدينة الشباب الواعد.. توج يومنا بمنظر لن تراه إلا هنا في السعودية حين وضع الملك والقائد والأب يده بيد أطفال المستقبل ليعلنوا معا انطلاق الحلم وتحوله إلى حقيقة ولسان حال الأب القائد يقول لأطفال السعودية في كل شبر منها: (أنا معكم أينما كنتم) ويقولون له: ( لك منا وعد أن نكون أمناء على العهد وبناة لهذه الأرض)، صورة رمزية رائعة تختصر كل الكلام في جملة واحدة (قائد عظيم وشعب محب ومخلص). تمثل كل الولاء والحب في مدينة "وعد الشمال" على مقربة من طريف وفي حضن الصحراء الغنية بالثروات الطبيعية لتخرجنا من عباءة الاعتماد الكلي على البترول إلى عالم التعدين، حيث تمتلك بلادنا ثروة معدنية تقدر بخمسة تريليونات ريال ستحقق نموا اقتصاديا وإنسانيا وتفتح آفاقا رحبة ومستقبلا مشرقا، لجيل واعد. في السعودية نعيش أفراح المستقبل قبل أن نصل إليه وهم يولولون ويلطمون ويبكون على أمجاد الماضي. أما نحن فلنا في كل حين مجد.