Author

«التجارة» .. ومعالجة ظاهرة التستر

|

يعد التستر التجاري من أكثر الممارسات خطورة على المجتمع والاقتصاد، ذلك أنه يتسبب في هدر كبير لمقدرات المجتمع، وضياع الحقوق، فمن جانب يتسبب التستر في التهرب الضريبي ويفوت على الدولة موارد مالية كبيرة، ويحرم المجتمع والتنمية فيه من هذه الموارد، وإضافة إلى هذا فإن التستر يتسبب في انتشار ظواهر سلبية مثل الغش التجاري، خاصة مع عدم توافر فواتير وحسابات حقيقية للمنشآت ما يعيق حصول المواطن على حقه إذا ظهرت له عيوب في البضائع والسلع أو سوء في الخدمات، وأيضا يتسبب التستر في فوات فرص وظيفية للموطنين مع تنامي ظاهرة البطالة، ولقد أكدت إحصائيات عدة أن نسبة المواطنين الذي يعملون في المحال التجارية لم تتعد 25 في المائة بينما تجاوز عدد الأجانب 75 في المائة، ورغم وضوح هذه التأثيرات السلبية من التستر فإنه لم يزل يشكل ظاهرة، فقد ذكرت وزارة التجارة والاستثمار أن عدد قضايا التستر التجاري التي أحالتها الوزارة إلى النيابة العامة خلال العام الهجري الماضي، بلغ 1195 قضية، أنها قامت بنشر 15 إعلان تشهير بمخالفين لنظام مكافحة التستر التجاري خلال الأشهر القليلة الماضية، بعد صدور الأحكام القضائية كما أن الوزارة تعكف على خطة تنفيذية ضمن مبادرة "البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري"، ترتكز على ثلاثة محاور، أولها مراجعة نظام مكافحة التستر التجاري، ثانيها تطبيق التقنية، وثالثها تطوير مواصفات المتاجر.
المحور الأول يهدف إلى معالجة العقود الضمنية في التستر التجاري التي استفاد منها المخالفون وتشديد العقوبات، فالنظام يمنع غير السعودي – في جميع الأحوال – أن يمارس أو يستثمر في أي نشاط غير مرخص له بممارسته أو الاستثمار فيه بموجب نظام الاستثمار الأجنبي. ويعتبر متسترا كل من يمكن غير السعودي من الاستثمار في أي نشاط محظور عليه الاستثمار فيه أو ممارسة أي نشاط محظور عليه ممارسته، سواء كان ذلك عن طريق استعمال اسمه أو ترخيصه أو سجله التجاري، أو بأي طريقة أخرى. وتتركز الأنشطة التي يكثر فيها التستر التجاري، في تجارة التجزئة، والمقاولات، والصيانة المنزلية، والخدمات الشخصية. وكما هو واضح فإن هذه الأنشطة مما يكثر فيها التلاعب بالسلع والخدمات وغموض في العقود، ويكثر فيها الغش التجاري الذي قدر حجمه بمبلغ يزيد على 40 مليار ريال.
في المحور الثاني تأتي جهود وزارة التجارة في إصلاح نظام المبادلات التجارية، فلا بد لكل مؤسسة أو منشأة اقتصادية تتعامل من خلال الحسابات البنكية أن تقبل الدفع من خلال شبكة التعاملات النقدية، وأن تقوم بإصدار فواتير إلكترونية، وهذا يعزز جهود هيئة الزكاة والدخل لتتبع التهرب الزكوي والضريبي، هذه الإجراءات سوف تجبر المتستر على تحمل مسؤولياته القانونية على المعاملات التجارية وهو ما يعزز من تطبيق الأنظمة خاصة مكافحة الغش التجاري. كما أن هذه المبادرة تركز على مراقبة مصادر الأموال وتوفر معلومات دقيقة عن الممارسات التجارية المخالفة ومعالجتها، وهذا يحتاج من ضمن أمور عدة إلى تضافر الجهود بين الهيئات والجهات الحكومية المختلفة لتطوير وتحديث البنية التحتية للقطاعات.
المحور الثالث يأتي في تطوير المتاجر، وهنا لا بد من إنشاء آلية للتمويل والحوافز لتطوير تجارة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتجارة التجزئة، ودعم نظام الامتياز التجاري، وهذه المبادرة مهمة لمعالجة البطالة، فالتطوير المنشود والدعم هو الذي سيمكن أرباب العمل من توفير فرص وظيفية وخدمات ومنتجات أفضل بأسعار أكثر تنافسية وشفافية أعلى

إنشرها