Author

آفاق الطاقة 2040 .. نمو الطلب ونقص محتمل في الإمدادات

|

من غير المتوقع أن يبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته قبل عام 2040، وفقا لتقرير جديد عن آفاق الطاقة العالمية، على الرغم من أن نقص إمدادات النفط قد يظهر قبل ذلك.
في أوائل هذا الشهر، نشرت وكالة الطاقة الدولية تقريرها السنوي عن "آفاق الطاقة العالمية 2040"، وهو أحد أهم تقارير توقعات الطاقة العالمية التي يتم نشرها كل عام، إلى جانب تقرير "أوبك" عن آفاق النفط العالمية. في توقعات هذا العام، أشارت وكالة الطاقة الدولية ضمن "سيناريو السياسات الجديدة" إلى أنه من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في المتوسط بمقدار مليون برميل في اليوم كل سنة حتى عام 2025 قبل أن يستقر عند معدل ثابت يبلغ 250 ألف برميل يوميا إلى 2040 عندما يصل إلى أعلى مستوياته عند 106.3 مليون برميل في اليوم. وفي هذا السيناريو، قامت الوكالة برفع توقعات الطلب عام 2040 بأكثر من مليون برميل في اليوم مقارنة بتوقعات العام الماضي؛ بسبب النمو السريع على المدى القريب والتغيرات في سياسات كفاءة استهلاك الوقود في الولايات المتحدة.
تحقق السيارات الكهربائية بالفعل نجاحات في قطاع النقل، ومن المتوقع أن تتسارع في السنوات المقبلة. بحلول منتصف العقد المقبل، تقول الوكالة إن الطلب على النفط سيصل إلى ذروته بالنسبة لسيارات الركاب، حتى مع ارتفاع مبيعات السيارات 80 في المائة حتى عام 2040. وترى الوكالة أن هناك 300 مليون سيارة كهربائية ستكون على الطرق بحلول عام 2040، ما سيؤدي إلى إزاحة نحو 3.3 مليون برميل في اليوم من الطلب على النفط. في حين قالت الوكالة "إن إجراءات الكفاءة أكثر أهمية لوقف نمو الطلب على النفط؛ حيث إن تحسين كفاءة أسطول السيارات غير الكهربائية تجنب أكثر من تسعة ملايين برميل في اليوم من الطلب على النفط عام 2040". ومع ذلك، سيستمر الطلب العالمي على النفط في النمو ولا يصل إلى ذروته حتى عام 2040، وهو، في هذه المرحلة، يعد تقديرا متحفظا ضمن التوقعات العالمية لذروة الطلب.
والسبب في ذلك هو أن وكالة الطاقة الدولية تعتقد أن القطاعات الأخرى بدأت تأخذ أهمية متزايدة في دفع الطلب على النفط. الجميع يفكر في السيارات والشاحنات كمصدر رئيس للطلب على النفط، لكن خلال العقدين التاليين، ستمثل البتروكيماويات، الطيران والشاحنات الثقيلة حصة الأسد في نمو الطلب. وفيما يلي بعض الأرقام الرئيسة في توقعات وكالة الطاقة الدولية:
سينمو الطلب على النفط في قطاع البتروكيماويات بنحو خمسة ملايين برميل ﻓﻲ اليوم، وهو الأكبر ﻣن أي ﻗطاع آخر. تمثل الشاحنات الثقيلة أربعة ملايين برميل ﻓﻲ اليوم ﻣن نمو الطلب حتى ﻋﺎم 2040، ﻋلى اﻟرﻏم ﻣن أن كفاءات المركبات واللوجستيات تزيح نحو 5.5 مليون برميل ﻓﻲ اليوم ﻣن نمو اﻟطﻟب الإضافي. تشهد الاقتصادات النامية نموا في الطلب على سيارات الركاب يزيد على خمسة ملايين برميل في اليوم، ولكن هذا يعوضه تقريبا انخفاض في الطلب "إلى حد كبير بسبب سيارات الركاب" في الاقتصادات المتقدمة.
على جانب العرض، تمثل الولايات المتحدة نحو ثلاثة أرباع الزيادة في إنتاج النفط العالمي حتى عام 2025، وهو رقم كبير. لكن نمو النفط الصخري يبدأ في التلاشي من حيث الأهمية بعد هذا التاريخ، مع استعادة "أوبك" موقعها كمصدر رئيس لنمو العرض.
في الواقع، قالت وكالة الطاقة الدولية إنه حتى مع استمرار نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، هناك خطر في أن تصبح أسواق النفط معتمدة بشكل مفرط على هذا المصدر. بعد انهيار أسعار النفط في عام 2014، خفضت الصناعة النفطية الإنفاق بصورة كبيرة. وقد ترجم ذلك إلى عدد قليل من الاكتشافات وعدد أقل من المشاريع الجديدة التي يجري تطويرها. وقد بدأ الإنفاق العالمي على المشاريع الاستخراجية "المنبع" في الارتفاع خلال العام الماضي، ولكن فقط ببطء، وتخشى وكالة الطاقة الدولية من أنه إذا استمر على هذه الوتيرة، يمكن أن تعاني أسواق النفط أزمة في الإمدادات منتصف العقد المقبل. وقد التزمت الوكالة بهذا النهج من النقاش منذ بضع سنوات، ولم تكن وجهة نظرها هذه السنة مختلفة.
وحذرت وكالة الطاقة الدولية من أنه "في حالة عدم ارتفاع وتيرة تطوير المشاريع الجديدة بشكل حاد عن المستويات الحالية، يتحتم على إنتاج النفط الصخري الأمريكي النمو إلى أكثر من 15 مليون برميل يوميا بحلول عام 2025 لتلبية الطلب". ولكن من غير الواضح ما إذا كان بإمكان إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة أن يصل إلى هذا المستوى. في الواقع، السيناريو المرجعي الذي وضعته وكالة الطاقة الدولية يتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى 9.2 مليون برميل في اليوم في منتصف العقد المقبل. وحذرت الوكالة من أنه إذا لم يرتفع الإنفاق على المشاريع التقليدية بشكل كبير أو لم يستطع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة تحمل المهمة الضخمة المتمثلة في النمو إلى 15 مليون برميل في اليوم، فإن "هناك احتمالا حقيقيا لحدوث ارتفاع مفاجئ في الأسعار وزيادة تقلبات الأسعار".
وفي "سيناريو التنمية المستدامة" البديل، الذي يشمل "تصميم سياسات تدخل" من قبل الحكومات للحد من الاستهلاك لتحقيق أهداف المناخ، تتوقع الوكالة أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته في وقت مبكر من العقد المقبل عند 97 مليون برميل في اليوم. علاوة على ذلك، سيصل الطلب إلى ذروته في جميع دول العالم بحلول عام 2030. وفي هذا السيناريو، تتوقع الوكالة أن يصل عدد المركبات الكهربائية على الطرق إلى 930 مليون مركبة بحلول عام 2040؛ أي أكثر من ثلاثة أضعاف السيناريو الرئيس للوكالة. إذا حدث ذلك، فإنه سيمحو نحو 18 مليون برميل في اليوم من الطلب على النفط بحلول ذلك التاريخ.
في هذا السيناريو الذي تعده الوكالة مستداما، تتوقع أن يكون كل من إنتاج النفط وأسعاره أقل بكثير من السيناريو المرجعي. ومن شأن ذلك أن يعرض الإنتاج المرتفع التكلفة للخطر، وأن المنتجين ذوي التكلفة المنخفضة فقط هم الذين سيبقون في السوق، وكثير منهم جزء من "أوبك".
بشكل عام، فإن رسالة وكالة الطاقة الدولية في توقعاتها الجديدة هي أن الطلب على النفط سينمو على المدى المتوسط قبل أن يهدأ ويصل في نهاية المطاف إلى ذروته بحلول عام 2040. ولكن في غضون ذلك، يمكن أن يتحول النقص في الإنفاق من قبل شركات النفط إلى نقص في الإمدادات منتصف العقد المقبل.

إنشرها