Author

«مصبغة» خامنئي للأموال

|
كاتب اقتصادي [email protected]
«على خامنئي أن ينفق على الشعب الإيراني، بدلا من إنفاقه على الإرهابيين» مايك بومبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة يصعب العثور على قطاع واحد في إيران ليس غارقا في الفساد. السبب واضح ومعروف للجميع، هو أن النظام الحاكم الحقيقي لهذا البلد، الحاضن الأول للفساد بأشكاله كلها، كما أنه من تلك الأنظمة التي تنهار في حال تراجع مستوى الفساد، وتنتهي تماما فيما لو تم التخلص منه! وأنه لا يمكن محاسبة الحكومة الإيرانية على المصائب التي تعم البلاد على الساحات كلها. هي صورة ضرورية لمشهد عبثي، كما أنها مناسبة لتحميلها كل المصائب الممكنة، وخلعها عند اللزوم. حكومات رؤساء إيران لم تكن يوما صاحبة قرار، أو جهة تنفيذية طبيعية. وهؤلاء الرؤساء يعرفون أنهم يتصدرون المشهد السياسي لتجميله، وليس لتحقيق أهداف تصب في مصلحة الشعب الإيراني. وهذا الأخير اتفق العالم أجمع على أنه أكثر المظلومين من نظام الملالي، الحاكم الحقيقي للبلاد. لم تتوقف إيران منذ وصول الملالي إلى حكمها عن ممارسة الأساليب غير القانونية للوصول إلى أهدافها، أو بمعنى أصح أهداف النظام فقط. ومع اشتداد مواجهاتها مع المجتمع الدولي، طورت هذه الأساليب والأدوات، مستندة إلى حقيقة أنه يتم النظر إليها على أنها خارجة عن القانون الدولي، فما المانع من تطوير الأدوات غير المشروعة؟ وهذا صحيح، فقد أصر نظاما الخميني وخامنئي على البقاء بعيدا عن المجتمع الدولي، إلى درجة أن حولا إيران إلى الجهة الأولى التي تهدد هذا المجتمع بالفعل، عبر طرق ووسائل عديدة، على رأسها الإرهاب الذي يموله النظام بأموال سرقها من شعبه، والتدخلات في شؤون بلدان أخرى، ونشر الخراب فيها مع سابق الإصرار، والتجارة غير المشروعة، ولا سيما المخدرات والبشر، والتهريب، وغسل الأموال، وتشغيل شركات ومؤسسات وهمية لإتمام صفقات تجارية غير قانونية. والحق أن غسل الأموال في إيران أو عبرها أو لحسابها ليس جرائم جديدة يرتكبها نظام الملالي. فهذا الأخير يحتل المركز الأول عالميا في هذا الخصوص، وهو يسيطر على واحدة من أكبر "مصابغ" الأموال القذرة على الساحة العالمية، إلى درجة أن أعلن جواد ظريف وزير الخارجة نفسه أن "كثيرين في إيران يستفيدون من عمليات غسل الأموال"، وهذا ما يفسر "مثلا" أن معارضي قوانين مكافحة غسل الأموال، يمتلكون أموالا طائلة، ينفقون منها لمعارضة هذه القوانين. هذا بالضبط ما قاله ظريف علنا. ولم يقل ذلك، إلا بعد أن وصلت سمعة بلاده إلى ما دون الحضيض، خصوصا معارضته لقبول القوانين الدولية التي تكافح عمليات غسل الأموال. لا صدمة هنا، فالرجل لا يقصد مهاجمة بلاده بهذا الخصوص، لكنه اعتاد أن يطلق مثل هذه التصريحات أملا في التقليل من الازدراء العالمي لسلوكات نظام الملالي. فوجه إيران يريده ظريف "ظريفا" على الساحة العالمية، لكن أفضل خبير تجميل في العالم لا يستطيع إلا أن يفشل في مهمته في هذا المجال. وتاريخ إيران بنظامه الحاكم هذا يعرفه الجميع، عن طريق اعتراف مصارف ومؤسسات مالية كبرى حول العالم بعمليات غسل الأموال التي يقوم بها، بحيث تحولت إلى أسلوب "مؤسسي" سري بالطبع. وهذه المصارف دفعت الثمن غاليا لمساعدتها طهران على عمليات الغسل هذه، بعد أن اعترفت بهذه الأعمال الدنيئة، وفضلت أن تدفع الغرامات الهائلة بدلا من المحاكم الطويلة والمكلفة والمرهقة، فضلا عن أنها مضمونة الإدانة. غسل الأموال في إيران أو عبرها أو بالنيابة عنها، هو جزء أصيل من منظومة الفساد التي تعج بها البلاد. فمحمد خاتمي الرئيس الإيراني الأسبق قالها أخيرا وبصورة علنية أيضا "إن الفساد المستشري في إيران، يهدد كيان الأمة كاملا". وهذا الفساد لا ينحصر فقط في سيطرة نظام المرشد على مقدرات الشعب الإيراني كلها، بل يشمل أيضا توجيهها نحو شر الأعمال، وأقبح الأهداف. يوجهها إلى تمويل أوهام طائفية مريضة. يوجهها إلى توسع وهمي هنا وهناك. والنتيجة نراها على الأرض؛ انهيار اقتصادي لم يحدث في تاريخ البلاد، زوال درامي لقيمة العملة الوطنية، تضخم بلغ أخيرا أكثر من 35 في المائة، ناهيك عن البطالة المتعاظمة، وتزايد أعداد سكان الكهوف، وتوقف خدمات أساسية منها حتى الصحية. قيام نظام خامنئي بغسل الأموال القذرة على هذا المستوى العالمي، جزء أساسي من استراتيجية الفساد التي ينتهجها. فحتى ناتج غسل الأموال المشار إليها لا يذهب إلى الشعب الإيراني، إنما يورد فورا إلى تغذية الخراب والمصائب والحروب والقتل والظلم هنا وهناك، وتمكين الإرهاب في أي منطقة يمكن الوصول إليها. وعلى هذا الأساس، فإن أي توجه يخنق نظام الملالي ماليا، يصب - في الواقع - في مصلحة المجتمع الدولي كله، وقبلها في مصلحة ومستقبل الشعب الإيراني نفسه.
إنشرها