Author

لا تأكل لحم أخيك

|
الوشاة أكثر الناس شرا. يراهن الواشي أو النمام على مسألتين. الأولى: شغف بعض الناس بالقيل والقال. الثانية: القابلية لتصديق الوشاية، والتعامل مع الأمر على أنه حقيقة، دون الرجوع للمتهم. ديننا المتحضر والراقي، اعتبر النمام، مثل الشخص الذي يأكل لحم أخيه الإنسان. هذه صورة بشعة يستهجنها كل سوي. عندما يأتيك إنسان، ليقول لك، إن فلان يحكي فيك، ويقول عنك كذا أو كذا. هو يسعى من خلال ذلك إلى أن تصبح رهينة له. مجرد إصغائك لكلماته، يجعلك ترتبط به ارتباطا دائما، وتتشوق للاجتماع به والإنصات لأخباره بشكل يومي. وهو بدوره يبدأ في صياغة الحكايات والقصص بالشكل الذي يخدم مصالحه دون سواه. من المؤسف أن بعض بيئات العمل تعاني الشخص الذي يحكي هنا وهناك. والمسؤول القوي هو الذي يقول لمن يتجرأ على تقمص دور الواشي إنه غير مستعد للإنصات لمثل هذه الكلمات. قلت مرة لصديق تسلم مكانا يستحقه، وكان يطلب النصيحة: أرجو أن تحذر ممن يحكي لك ماذا قال فلان أو فلان، لأنه سيحكي عنك. وما زلت على يقين أن الخسارات الناتجة عن صد ناقلي الكلام، أقل كثيرا من أي خسائر أخرى. وجود النمام في المجتمع لا يمكن الخلاص منه. لكن الصد عن هذه الفئة يحد من الأضرار. وكلما كان التعامل في بيئة العمل محكوما بمنظومة من اللوائح والقوانين، تتقلص السبل أمام المتسلقين الذين لا يملكون أي مؤهل سوى نقل الكلام ووضع المسؤول في أجواء من التخوف والتهيب من زملائه الذين يتوهم أنهم يتآمرون عليه، بينما المؤامرة الأدق مصدرها من يتبرع بنقل الحكي بهدف التنفير من هذا والتحريش على ذاك. هي وسيلة تمهد الطريق لمثل هذا النوع من البشر إلى الصعود السريع. ولكن سرعان ما تتضح حقيقة هؤلاء وعدم كفاءتهم.
إنشرها