Author

الطاقة البديلة .. تعيد اكتشاف الدول الناشئة

|
في مضمار السباق نحو اكتشاف موارد جديدة للطاقة، حقق عدد كبير من الدول الناشئة نجاحات طيبة في مجال اكتشاف موارد الطاقة البديلة مثل طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة النووية، وغير ذلك من موارد الطاقة البديلة. فمثلا في محيط عالمنا العربي أنجزت بعض الدول العربية نجاحات ملحوظة على صعيد التوصل إلى موارد بديلة تخفف من استخدام المورد الواحد، وذلك لضمان الاستمرار في تحقيق مشاريع التنمية المستدامة. ونذكر ـ على سبيل المثال ـ أن المملكة تأتي في مقدمة الدول التي أولت اهتماما ملحوظا بمشاريع الطاقة البديلة، ومن أجل ذلك أسست المملكة منذ عقود طويلة مؤسسات تعنى باكتشاف الطاقة البديلة والمتجددة مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، وكلفت هذه المؤسسات باكتشاف مزيد من موارد الطاقة البديلة والمتجددة، وفي شباط (فبراير) 2017 أطلقت المملكة المرحلة الأولى من طلبات عروض التأهيل RFQs للبرنامج الوطني للطاقة المتجددة NREP الذي يديره مكتب مشاريع الطاقة المتجددة REPDO، وعلى أثر إطلاق هذا المشروع صرح المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية قائلا: إن هدفنا هو أن نجعل البرنامج الوطني للطاقة المتجددة من بين البرامج الاستثمارية الحكومية الأكثر جاذبية وتنافسية وكفاءة من الناحية التنفيذية في العالم، وأن المملكة تتمتع بكل البنى التحتية اللازمة لضمان ذلك، كذلك فإن مصر من الدول التي حققت تقدما ملحوظا في مجال اكتشاف موارد جديدة للطاقة مثل الطاقة النووية، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وقس على ذلك عددا آخر من الدول في آسيا وفي أمريكا اللاتينية مثل ماليزيا وسنغافورة وتركيا والبرازيل. وهكذا فإن العالم يتجه بقوة في هذه الأيام نحو البحث عن طاقات بديلة ومتجددة. وإذا رجعنا إلى الأسباب الكامنة وراء هذا الموقف العالمي من المورد الواحد الذي اعتمدت عليه دول العالم لعقود طويلة خلت، وهو البترول.. نجد أن العالم يريد أن يتفادى البترول لسببين، السبب الأول أن البترول مادة ناضبة، وأنه في المستقبل القريب أو البعيد سيغيب عن الأسواق رضينا أم أبينا. أما السبب الثاني فهو أن البترول يفرز انبعاثات سامة تتسبب في إلحاق أضرار بالغة بالبيئة، أي أن مشتقات البترول ملوثة للبيئة، ولقد ثبت أن احتراق البترول أسهم في تكريس وتفجير دفعات الاحتباس الحراري الذي بات يهدد أماكن متعددة من العالم، بل أصبح التلوث يهدد الوجود الإنساني فوق كوكب الأرض، وهو ما حذرت منه المنظمات المتخصصة في هيئة الأمم المتحدة وطالبت كل دول العالم بالابتعاد عن استخدام كل ما يضر البيئة ويلوث المناخ. وأرجو ألا يفهم أننا ندعو إلى خفض استخدام الطاقة، بل نحن نؤكد على حقيقة لا شك فيها، وهي أن محاولات خفض استخدام الطاقة هي محاولات يائسة وبائسة، والدول سواء كانت دولا متقدمة أو ناشئة أم دولا نامية، فإنها تتجه إلى استخدام واسع للكهرباء، ولن تكون هناك حضارة إذا لم تستخدم المدن مزيدا من الكهرباء لتحقيق التنمية والنمو في جميع المجالات، وإذا سلمنا بهذه الحقيقة، فإن الطلب العالمي على الطاقة سيظل في تزايد ولا يمكن إيقافه أو حتى التخفيف منه. ويفيد المشهد الدولي حاليا أن الأزمات السياسية التي تجتاح العالم كأزمة المفاعل النووي الإيراني أدى إلى حشر البترول في القرارات السياسية ما حدا بالغرب اتخاذ قرارات بوقف شراء البترول الإيراني عقابا لإيران على إصرارها في الاستمرار في مشروعها النووي المغرض والمريب. وإزاء هذا الحشد من مشكلات الطاقة، فإن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وجه بضرورة تنويع مصادر الطاقة، من خلال تنشيط وتفعيل أعمال مدينة الملك عبدالعزيز ومدينة الملك عبدالله. والواقع أن مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة لم تأت إلا بعد دراسات مستفيضة قامت بها عدة جهات حكومية، ففي آب (أغسطس) 2009 رفع مجلس الشورى إلى المقام السامي اقتراحا بإنشاء هيئة سعودية للطاقة الذرية، وبناء على هذا الاقتراح صدر يومذاك توجيه سام بتشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الخارجية وعضوية وزير المياه والكهرباء ووزير الصحة لوضع تصور شامل عن الاحتياجات الوطنية من المياه والكهرباء في الحال والمستقبل، ومن ناحيتها فقد رفعت وزارة البترول يومئذ دراسة جاء فيها أن المملكة تشهد نموا بمعدلات عالية للطلب على الكهرباء والمياه وزيادة ملحوظة في استخدام الموارد الهيدروكربونية الناضبة، ولذلك أكد التقرير على ضرورة استخدام مصادر بديلة رخيصة الثمن ولا تلحق أضرارا بالبيئة، ونقصد هنا استخدام الطاقة الذرية أو الشمسية أو النووية في إنتاج الكهرباء والمياه، وفي ذلك تتحقق الميزتان ضمان توفير المياه والكهرباء بصورة دائمة، وتوفير جزء كبير من الموارد الهيدروكربونية الموسومة بالنضوب. وهكذا فإن الأمل معقود على مدينة الملك عبدالعزيز ومدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة لتحقيق الحلم الكبير الذي نسعى إليه منذ عقود طويلة، وهو إيجاد بدائل للطاقة تحل محل البترول في توفير ما نحتاج إليه لتنفيذ برامج ومشاريع "رؤية السعودية 2030" حتى نلحق بالدول التي سبقتنا في هذا المضمار، ونحقق حلم الأمير محمد بن سلمان ببناء أوروبا الجديدة في منطقة الشرق الأوسط. والخلاصة أن النجاح الذي حققته بعض الدول الناشئة في مجال الطاقة البديلة والمتجددة وضع هذه الدول في المقدمة، حيث أصبحت هذه الدول على موعد قريب مع تحسن كبير في أوضاعها الاقتصادية وفي ناتجها القومي الإجمالي.
إنشرها