FINANCIAL TIMES

«ذروة آيفون» نذير بأوقات صعبة لصناعة أشباه الموصلات

«ذروة آيفون» نذير بأوقات صعبة لصناعة أشباه الموصلات

عندما أعلنت "أبل"، الشركة الأكثر قيمة في العالم، هذا الشهر أنها لن تكشف بعد الآن عن عدد أجهزة آيفون أو أجهزة "ماك" التي تبيعها، أخذ الحديث عن "ذروة آيفون" يدور في أنحاء السوق.
على الرغم من أن هذا القرار يبدو مجرد تعديل بسيط في طريقة الإبلاغ، إلا أن التغيير يعد علامة على قلق أوسع نطاقا من أن الطلب على الهواتف الذكية آخذ في الانخفاض، ما يرسل موجات صادمة في أنحاء قطاع أشباه الموصلات العالمي وأجزاء أخرى من سلسلة إمدادات آيفون.
أدى ذلك، إلى جانب مشكلات أخرى ناجمة عن انخفاض قيم العملات المشفرة والحرب التجارية، إلى إثارة تساؤلات حول ما إذا كانت صناعة أشباه الموصلات، التي كانت في الماضي قوية للغاية، تواجه هبوطا هيكليا على المدى الطويل.
مايكل أرون، كبير المحللين الاستراتيجيين لدى "ستيت ستريت جلوبال أدفايزرز"، قال "في السنوات القليلة الماضية حققت أشباه الموصلات جنبا إلى جنب مع أسهم شركات التكنولوجيا الأخرى أداءً جيدًا في الواقع. كانت لديهم معدلات نمو عالية وكانوا مستفيدين من الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والألعاب".
وأضاف "الناس قلقون من أن نمو الإيرادات لن يرتقي إلى مستوى التوقعات (...) إذا كان الناس لا يقبلون على تحديث أجهزتهم بالمعدل نفسه - سواء الهواتف أو الأجهزة اللوحية أو الألعاب. إذا كان معدل الاستبدال أبطأ، فسيكون هذا إشارة مهمة على تباطؤ الاقتصاد".
تعرض القطاع لضربة ضخمة يوم الإثنين، عندما زعمت السلطات الصينية أنها اكتشفت "أدلة هائلة" على انتهاكات مكافحة الاحتكار من قبل ثلاث من أكبر شركات تصنيع رقائق الذاكرة في العالم.
وقال مسؤولون في بكين "إن تحقيقا في شركتي سامسونج إلكترونيك وإس كي هاينكس الكوريتين الجنوبيتين، وشركة مايكرون التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، أحرز تقدما مهما". وتمثل الشركات الثلاث أكثر من 95 في المائة من إمدادات العالم من رقائق الذاكرة DRAM.
المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وتزايد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وسوق أسهم هابطة في الصين، وانخفاض أسعار العملات الأجنبية، كلها عوامل تدفع المستثمرين إلى تقليص المخاطر، ما يؤدي بهم إلى تقليص مراكزهم في أسهم شركات التكنولوجيا وأشباه الموصلات التي هي أكثر حساسية تجاه الاقتصاد.
في الأسابيع القليلة الماضية تراجعت الأسهم في بعض أكبر شركات أشباه الموصلات في العالم، مثل "تايوان سيميكوندكتر" و"سامسونج إلكترونيك" و"أدفانسد مايكرو ديفايسز" في الولايات المتحدة، حيث أقدم المستثمرون المتوترون على تقليص مراكزهم.
جاءت هذه الانخفاضات بعد أن أعلن عدد من الشركات في القطاع عن أرباح ضعيفة في الربع الثالث، ما يشير إلى زيادة العرض من رقائق الذاكرة وتراجع الطلب على المنتجات التي تستخدمها.
في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) حذرت سامسونج إلكترونيك، وهي واحدة من أكبر مجموعات التكنولوجيا في آسيا، من انخفاض أسعار رقائق الذاكرة بسبب التوسع الكبير في الطاقة الصينية. دق جرس الإنذار حتى في الوقت الذي سجلت فيه مجموعة الإلكترونيات، التي تستمد 80 في المائة من أرباحها من رقائق الذاكرة، ربعا قياسيا من الأرباح.
حتى التراجع في سعر العملات المشفرة، مع انخفاض سعر البتكوين من مستوى عال يزيد على 19 ألف دولار في العام الماضي إلى ما دون ستة آلاف دولار، له تأثير ضار. وقالت TSMC، وهي واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في آسيا، في بيان أرباحها عن الربع الثالث "إن الضعف المستمر في الطلب على التحقق من معاملات العملات المشفرة سيؤثر في نموها في الربع الرابع".
يوم الخميس، انخفضت أسهم مجموعة Nvidia الأمريكية، التي تصنع رقائق الألعاب، بنسبة 17 في المائة بعد أن فوتت الشركة توقعات الإيرادات التي أُلقي باللوم فيها على "مخلفات التشفير" الناجمة عن تزايد مخزونات الرقاقات مع تلاشي نشاط التحقق من معاملات العملات المشفرة.
كذلك عبر المستثمرون عن مشاعر قلق أكبر بشأن التأثير المحتمل لحرب تجارية طويلة الأمد بين الولايات المتحدة والصين.
وقال وليام يوين، مدير صندوق في شركة إنفيسكو، مقره في هونج كونج "عوقب كثير من الأسهم خلال التوتر التجاري، لذا أي انعكاس يجب أن يترتب عليه ارتفاع "الأسهم" نتيجة الارتياح على المدى القصير".
وعلى الرغم من الرياح المعاكسة الفورية، قال مستثمرون "إن الحجة طويلة الأجل لأشباه الموصلات جذابة، ويرجع ذلك جزئيا إلى الطلب المتزايد عليها في قطاعات مثل السيارات وصناعات أخرى التي تتحول بشكل متزايد إلى الروبوتات والذكاء الاصطناعي".
كريس ريتزلر، مدير محفظة في Needham Funds، اعتبر أشباه الموصلات مقياسا للاقتصاد الأوسع. وقال "تستمر أشباه الموصلات في لعب دور متزايد في الاقتصاد العالمي وكل حياتنا "..." نحن نشهد استخدام أشباه الموصلات في مجالات صناعية مثل الرعاية الصحية والطاقة والسيارات".
قد يوفر ضعف سعر السهم نقطة دخول جذابة للمستثمرين الذين يؤمنون بقصة النمو. وبحسب أوليفر كوكس، من "جيه بي مورجان" لإدارة الأصول، "يمكن القول إن "سامسونج" هي أرخص سهم من بين شركات التكنولوجيا الكبرى في آسيا بأسرها. رقائق تخزين الذاكرة تظل المصدر الرئيسي للأرباح، وشركة سامسونج الشركة الرائدة عالميا في سوق الذاكرة من حيث الحصة والربحية والقدرة التكنولوجية".
وأضاف "توفر ظروف السوق الحالية اختبارا كلاسيكيا لقناعات المستثمرين على الأمد الطويل. لقد عملنا على زيادة مراكزنا في شركات التكنولوجيا ذات رأس المال الكبير عند الهامش".
مع ذلك، يدرك المستثمرون احتمال حدوث مزيد من الانخفاض في أسعار الأسهم في الأشهر المقبلة، على خلفية عوامل اللبس الجيوسياسية والاقتصادية.
كيسي ماكلين، محلل الاستثمار في "فيديليتي إنترناشونال"، رجح أن يكون هناك مزيد من الانخفاض في أسعار الأسهم في الوقت الذي تخفض فيه الشركات توجيهات الأرباح. وقال "إن القطاع قطع ثلثي الطريق تقريبا نحو موجة بيع كبيرة. هذا يتزامن مع دورة المخزون التي تراكمت وسط ضعف الطلب. يتطلب الأمر بضعة أرباع لتخفيض المخزون".
سيتابع المستثمرون اجتماع مجموعة العشرين المرتقب بحثا عن علامات على وجود مصالحة بين الصين والولايات المتحدة، على الرغم من أن أي كلمات دافئة سيُنظَر إليها بارتياب في الوقت الذي يستعد فيه المستثمرون لمجموعة جديدة من الرسوم الجمركية في بداية العام المقبل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES