أخبار اقتصادية- عالمية

العقوبات تضرب سوق الوظائف في إيران .. ومئات الشركات تغلق أبوابها

العقوبات تضرب سوق الوظائف في إيران .. ومئات الشركات تغلق أبوابها

العقوبات تضرب سوق الوظائف في إيران .. ومئات الشركات تغلق أبوابها

العقوبات تضرب سوق الوظائف في إيران .. ومئات الشركات تغلق أبوابها

أغلقت تامنوش، وهي شركة إيرانية لتصنيع المشروبات الغازية، خط إنتاجها بعد 16 عاما من التشغيل، وسرحت عشرات العمال، حيث تواجه خسائر ضخمة بفعل العقوبات الأمريكية التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة.
وقال فرزاد رشيدي الرئيس التنفيذي للشركة "أصبح جميع العاملين لدينا وعددهم 45 بدون عمل الآن. يقود الرجال سيارات أجرة، وعادت النساء لرعاية منازلهن".
وأظهرت عشرات المقابلات التي أجرتها "رويترز" مع مالكي الشركات في أنحاء إيران، أن مئات الشركات علقت الإنتاج وسرحت آلاف العمال، نظرا لمناخ أعمال غير موات، يرجع بشكل رئيسي إلى العقوبات الأمريكية الجديدة.
وهبطت العملة الإيرانية الريال إلى مستويات قياسية متدنية، وتباطأ النشاط الاقتصادي بشدة، منذ انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من الاتفاقية النووية بين إيران وقوى عالمية كبيرة في أيار (مايو) الماضي.
وفرض ترمب عقوبات على شراء الدولارات الأمريكية وتجارة الذهب وصناعة السيارات في آب (أغسطس) الماضي. وتضرر قطاعا النفط والمصارف الحيويان في إيران في تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
وقال رشيدي "خسرنا نحو خمسة مليارات ريال "120 ألف دولار بسعر الصرف الرسمي" في الأشهر القليلة الماضية، ولذا قرر مجلس إدارة الشركة وقف جميع الأنشطة طالما استمرت التقلبات في سوق العملة. من الحماقة الاستمرار في النشاط، عندما نرى طريقا مسدودا".
وعانت إيران بالفعل اضطرابات هذا العام، في ظل اندلاع اشتباكات بين محتجين شباب، مستائين من البطالة وارتفاع الأسعار، وقوات الأمن. ويتوقع مسؤولون احتمال وقوع اضطرابات مجددا، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل العقوبات.
وقبل أربعة أيام من قيام البرلمان بإقصائه في آب (أغسطس) لفشله في فعل ما يكفي لحماية سوق الوظائف من العقوبات، قال علي ربيعي وزير العمل الإيراني "إن البلاد ستفقد مليون وظيفة بحلول نهاية العام، كنتيجة مباشرة للإجراءات الأمريكية".
ووصل معدل البطالة بالفعل إلى 12.1 في المائة، مع عجز ثلاثة ملايين إيراني عن إيجاد عمل.
وحذر تقرير برلماني في أيلول (سبتمبر) الماضي، من أن ارتفاع معدل البطالة ربما يهدد استقرار إيران.
وقال التقرير "إذا كنا نعتقد أن الوضع الاقتصادي في البلاد هو المحرك الرئيسي للاحتجاجات الأخيرة، وإن معدل للتضخم عند 10 في المائة وللبطالة عند 12 في المائة أطلقا الاحتجاجات، فلا نستطيع تخيل مدى شدة ردود الأفعال الناجمة عن ارتفاع حاد في معدلي التضخم والبطالة".
وأضاف التقرير أنه "إذا ظل النمو الاقتصادي في إيران دون 5 في المائة في السنوات المقبلة، فإن معدل البطالة ربما يصل إلى 26 في المائة".
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد إيران 1.5 في المائة هذا العام، و3.6 في المائة في 2019، نظرا لتضاؤل إيرادات النفط.
بدوره، حذر إسحاق جهانجيري نائب الرئيس الإيراني من أن إيران تحت طائلة العقوبات تواجه خطرين رئيسيين، هما البطالة وانخفاض القدرة الشرائية.
ونقلت وسائل إعلام حكومية عن جهانجيري قوله "يجب أن يحتل إيجاد الوظائف أولوية قصوى. لا يجب أن ندع شركات بناءة تسقط في براثن الركود بسبب العقوبات".
لكن أصحاب شركات أبلغوا "رويترز" أنه أصبح من المستحيل عليهم الاستمرار في العمل نظرا للسياسات النقدية للحكومة، المتضاربة في بعض الأحيان، إضافة إلى التقلبات في سوق الصرف الأجنبي، وارتفاع أسعار المواد الخام، وصعود الفائدة على القروض من المصارف.
وأصبح كثيرون منهم لا يستطيعون دفع الأجور منذ أشهر، أو اضطروا إلى تسريح عدد كبير من العمالة.
وقال مدير لدى "جولفاكاران أراس"، وهي واحدة من أكبر شركات المنسوجات في إيران، "إن الشركة تدرس وقف عملياتها، وإن مئات العاملين ربما يفقدون وظائفهم".
وتابع المدير، الذي طلب عدم نشر اسمه، "تم تسريح نحو 200 عامل في آب (أغسطس) الماضي، وتفاقم الموقف منذ ذلك الحين. هناك احتمال كبير بغلق المصنع".
وأبدى أحمد روستا، الرئيس التنفيذي لـ "تاكبلاست نور"، أمله في أن تجلب موجة جفاف في إيران دعما لمصنعه المُنشأ حديثا، الذي ينتج أنابيب بلاستيكية تستخدم في الزراعة.
وقال بوستا "سأنتظر شهرا أو شهرين، لكنني سأضطر إلى الإغلاق إذا بقي الوضع على ما هو عليه. المزارعون، وهم المستهلكون الرئيسيون لمنتجاتنا، لا يستطيعون تحمل ثمنها".
وأثرت العقوبات في قطاع صناعة السيارات في إيران، الذي شهد ازدهارا بعد رفع العقوبات منذ عامين، ووقع عقودا كبيرة مع شركات فرنسية وألمانية.
وعلقت مجموعة بي.إس.إيه الفرنسية لصناعة السيارات مشروعها المشترك في إيران في حزيران (يونيو) الماضي لتفادي عقوبات أمريكية، بينما تخلت "دايملر الألمانية" لصناعة السيارات والشاحنات عن خطط لتوسعة أنشطتها هناك.
وقال مازيار بيجلو، عضو مجلس إدارة رابطة مصنعي أجزاء السيارات الإيرانية، في آب (أغسطس) الماضي، "إن ما يزيد على 300 شركة منتجة لأجزاء السيارات اضطرت إلى تعليق الإنتاج، وهو ما يهدد عشرات الآلاف من الوظائف في القطاع".
وألقى متحدث باسم رابطة منتجي الإطارات باللوم على "تغيير السياسات النقدية للحكومة على مدى الأشهر الستة الماضية"، وتسببه في مشكلات للقطاع.
وقال المتحدث مصطفى تانها في مقابلة عبر الهاتف من طهران "لحسن الحظ، لم يشهد نشاط مصانع الإطارات تباطؤا، لكن نمو الإنتاج الذي خططنا له لم يتحقق".
وتؤكد واشنطن أن الضغوط الاقتصادية على طهران موجهة ضد الحكومة ووكلائها في المنطقة، وليس ضد الشعب الإيراني.
وقالت مريم، وهي مديرة علاقات عامة في شركة لاستيراد الأغذية فقدت وظيفتها الشهر الماضي، "ارتفعت الأسعار بدرجة كبيرة حتى أفقدتنا كثيرا من العملاء. في نهاية المطاف، قرر الرئيس التنفيذي تسريح عمالة، وبدأ بإدارتنا".
وأضافت أن "الشركة أوقفت الاستيراد، وأن العاملين المتبقين بها قلقون من أنها ربما تغلق أبوابها بعد بيع مخزونها".
وبلغت البطالة بين الشباب بالفعل 25 في المائة، في بلد 60 في المائة من سكانه "البالغ عددهم 80 مليون نسمة"، تحت سن الـ 30.
وبحسب بيانات رسمية فإن البطالة بين الشباب من حملة الشهادات العليا تجاوزت 50 في المائة في بعض أرجاء البلاد.
أرمن "29 عاما"، لديه شهادة في الهندسة الميكانيكية، لكنه فقد عمله في قطاع بناء المنازل حينما تضرر القطاع جراء ركود في أعقاب هبوط قيمة الريال.
وقال من مدينة رشت في شمال إيران، "تشهد سوق العقارات تباطؤا بسبب ارتفاع الأسعار الذي جعل تكلفة المنازل لا يمكن تحملها. يتفاقم الموقف يوما بعد يوم".
ويعتقد نيما، وهو مستشار قانوني لشركات ناشئة وشركات كمبيوتر، أن العقوبات أثرت بالفعل في شركات كثيرة في القطاع، تعتمد على نموذج موجه للتصدير، وتأمل في التوسع في المنطقة.
وقال "إنه حتى شركات الألعاب في إيران شعرت بأوجاع العقوبات"، مضيفا "أصبح الموقف صعبا لدرجة أن كثيرا من تلك الأطقم قررت تعليق تطوير ألعابها، وتنتظر لترى ما سيحدث لاحقا. بدون الوصول إلى الأسواق العالمية، لا يرون فرصة تذكر لتحقيق أرباح".
لكن سعيد ليلاز المختص الاقتصادي في طهران كان أكثر تفاؤلا، وقال "إن البطالة بين الشباب هي نتاج للتركيبة السكانية الإيرانية وسياسات الحكومة، وإن العقوبات أضافت فقط إلى مشكلة قائمة".
وقال ليلاز "العقوبات، الضبابية في السوق، سياسات روحاني المتعرجة، ضغطت على الاقتصاد وسوق الوظائف".
إلى ذلك، نقلت وكالة مجلس الشورى الإسلامي للأنباء عن محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني قوله أمس، "إن الدول الأوروبية تجد صعوبة في إنشاء آلية محددة الغرض تسمح بالتجارة مع إيران بغير الدولار".
وستكون الآلية الخاصة بمنزلة دار مقاصة يمكن استغلالها في تسوية صادرات النفط والغاز الإيرانية مقابل مشتريات طهران من سلع الاتحاد الأوروبي للالتفاف على العقوبات الأمريكية التي تستند إلى استخدام الدولار في تجارة النفط عالميا.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على قطاعات النفط والمصارف والنقل في إيران في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
وقال ظريف "يواجه الأوروبيون تحديات في تحديد الدولة التي تستضيف الآلية المحددة الغرض. في الواقع بعض الدول التي تم اقتراحها لاستضافة الآلية لم تقبل هذه المهمة، وما زالت المفاوضات مستمرة لاختيار مضيف للآلية".
وقال ستة دبلوماسيين الأسبوع الماضي "إن الاتحاد الأوروبي يريد إنشاء الآلية الشهر الجاري، لكن لم تعرض أي دولة استضافتها".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية