الطاقة- النفط

تراجع أسعار النفط 7 % في يوم

تراجع أسعار النفط 7 % في يوم

هبطت أسواق النفط أمس، مع تدهور الآفاق الاقتصادية وارتفاع الإنتاج الأمريكي، ما طغى على تأثير التخفيضات المتوقعة في إمدادات منظمة "أوبك".
وسجل خام القياس العالمي مزيج برنت 62.20 دولار للبرميل بحلول الساعة التاسعة مساء بتوقيت السعودية بانخفاض 4.80 دولار أو ما يوازي 7.3 في المائة عن سعر آخر إغلاق.
ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 53.30 دولار للبرميل، بانخفاض 3.70 دولار أو 6.68 في المائة عن آخر تسوية، لأول مرة منذ عام.
وجاءت الانخفاضات عقب زيادات في الأسعار في وقت سابق من الجلسة.
وانخفضت أسعار النفط كثيرا من المستويات المرتفعة الأخيرة التي سجلتها في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، نتيجة زيادة الإمدادات ولا سيما من الولايات المتحدة.
وبحسب "رويترز"، ارتفع الإنتاج الأمريكي بنحو 25 في المائة هذا العام مسجلا مستوى قياسيا عند 11.7 مليون برميل يوميا.
ويأتي ذلك وسط توقعات واسعة النطاق بتباطؤ اقتصادي دفعت أسعار الأسهم الآسيوية للهبوط أمس، فضلا عن خسائر حادة لـ"وول ستريت" أمس الأول.
وفي ظل القلق من أن يؤدي فائض الإنتاج الذي بدأ يظهر إلى انهيار الأسعار كما حدث في عام 2014، تضغط "أوبك" من أجل خفض الإمدادات بين مليون و1.4 مليون برميل يوميا.
وحقق الخام الأمريكي عند تسوية أمس الأول، ارتفاعا بنسبة 0.6 في المائة، في رابع مكسب يومي على التوالي، مع استمرار عمليات التعافي من أدنى مستوى في عام 54.74 دولار للبرميل، وصعدت عقود برنت بنحو 0.1 في المائة، ضمن عمليات التعافي من أدنى مستوى في ثمانية أشهر 64.63 دولار للبرميل.
وسجلت أسعار النفط العالمية سادس خسارة أسبوعية على التوالي، ضمن أطول سلسلة خسائر أسبوعية منذ حزيران (يونيو) 2015، بفعل تصاعد مخاوف تخمة المعروض العالمي خاصة بعد ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة لمستوى قياسي جديد.
وتتصاعد المخاوف بالسوق تجاه مستويات الطلب العالمي، خاصة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وأوروبا، والتوقعات الاقتصادية التي تشير إلى مزيد من التباطؤ خلال 2019 بالتزامن مع ضعف أداء معظم الاقتصادات الناشئة.
وفي الولايات المتحدة، تشير التوقعات إلى تسارع الإنتاج لمستوى تاريخي جديد، خاصة أن منصات الحفر والتنقيب العاملة حاليا في مناطق الزيت الصخري عند أعلى مستوياتها خلال ثلاث سنوات ونصف السنة.
وبفضل أنشطة الحفر القوية، قفز الإنتاج الأمريكي بأكثر من 38.5 في المائة منذ منتصف عام 2016 إلى إجمالي 11.7 مليون برميل يوميا، الذي يعد أعلى مستوى على الإطلاق للإنتاج في الولايات المتحدة، متجاوزا إنتاج روسيا لتصبح الولايات المتحدة حاليا أكبر منتج للنفط في العالم.
وتسعي منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" بقيادة السعودية - أكبر مصدر للنفط في العالم - وحلفاء المنظمة لخفض الإنتاج العالمي ما بين مليون و1.4 مليون برميل يوميا لدعم السوق والحيلولة دون تجدد أزمة تخمة المعروض.
إلى ذلك، أكد تقرير "فوربس" الأمريكي، أن عصر النفط مستمر ولا يقترب من النهاية كما يتصور البعض، مشيرا إلى أن "أوبك" بقيادة أكبر منتج فيها وهي السعودية قد تلجأ إلى خفض الإنتاج لدعم الأسعار وسحب الفائض في المعروض النفطي.
وقال التقرير إن استقرار وتوازن السوق هو الهدف الرئيس للمنتجين وليس التحكم في الأسعار سواء صعودا أو هبوطا، مشددا على ضرورة عدم الانشغال كثيرا بسعر النفط في الغد، إذ إن السوق دائما ما تصعد وتهبط في دورات متلاحقة.
وأضاف التقرير أن السوق العالمية حاليا مزدحم بوفرة من النفط الخام حيث تجاوز الإنتاج العالمي 100 مليون برميل يوميا، بينما لا تزال موارد الطاقة المتجددة وإنتاجها محدودا مقارنة بالوقود التقليدي وفي صدارته النفط الخام.
وذكر التقرير أن الهبوط الحاد على مدار الشهرين الماضي والجاري في الأسعار كان سببا في تحمس المنتجين التقليديين وفي صدارتهما السعودية وروسيا على العمل على ضبط الإنتاج.
وأوضح التقرير أن حدوث أي فائض في سلعة من المنطقي أن يؤدي إلى انهيار الأسعار وهو ما ينطبق على النفط الخام مفترضا أنه لو هبط سعر النفط إلى 50 دولارا للبرميل بدلا من 80 دولارا للبرميل سيمثل ذلك خسارة فادحة تبلغ تريليون دولار سنويا للمنتجين، وعلى العكس من ذلك يمكن أن يحقق وفورات هائلة في تكلفة الطاقة بالنسبة للمستهلكين.
وأشار التقرير إلى أن هذا التباين يخلق توترات واضحة ولكن السبب الرئيس في حالة زيادة المعروض النفطي الحالية يرجع إلى وجود واقع طاقة جديد لا يزال غير مفهوم بشكل جيد.
وأفاد التقرير أن الولايات المتحدة كانت مسؤولة عن ثلثي النمو في إنتاج النفط العالمي على مدى السنوات الخمس الماضية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تصدر حاليا نفطا – رغم حداثة تجربة التصدير لديها - بما يفوق جميع أعضاء منظمة "أوبك" باستثناء الثلاثة الكبار السعودية والعراق وإيران.
وأفترض التقرير أنه لو حدث غياب واسع لإنتاج النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة سيكون العالم اليوم تحت وطأة نقص حاد في المعروض وستصل الأسعار إلى أكثر من 100 دولار للبرميل.
وأشار التقرير إلى أن فائض المعروض يتسع حاليا خاصة مع توقعات انكماش وتباطؤ في نمو اقتصادي عالمي خلال العام المقبل.
وفي سياق متصل، قال لـ"الاقتصادية" ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، إن أسعار النفط الخام تجتاز مرحلة من التقلبات المتوالية بسبب توقع خفض الإنتاج من قبل "أوبك" والحلفاء المستقلين بقيادة روسيا، مشيرا إلى قول وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن خطة المنتجين القادمة ما زالت موضع تشاور.
وأوضح أن قرار خفض الإنتاج ليس قرارا سهلا والمنتجون يدركون ذلك ويركزون حاليا على فهم تطورات السوق على نحو أعمق قبل الإقدام على تلك الخطوة التي من المتوقع أن تقفز بالأسعار في موجة صعود جديدة خاصة مع اقتراب فترة ضعف الطلب الموسمي بسبب صيانة المصافي في الولايات المتحدة وضعف النمو بسبب الحرب التجارية.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية" أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، أن السوق النفطية مزودة بشكل جيد حاليا، كما أن وكالة الطاقة الدولية تعتبر أن خفض الإنتاج قد تكون له انعكاسات سلبية على المستهلكين، بينما يرى المنتجون أن الخفض ضرورة لمواجهة حالة متنامية من وفرة الإمدادات في العام المقبل.
وأشار إلى وجود تنسيق سعودي - روسي مستمر لتجنب حدوث فجوة بين العرض والطلب، لافتا إلى أن تقديرات "أوبك" تشير إلى الحاجة إلى خفض مليون برميل يوميا لاستعادة التوازن في السوق ووقف نزيف الأسعار الذي كان السمة البارزة للسوق في الأسابيع الماضية.
بدوره، قال لـ"الاقتصادية" رينهولد جوتير مدير قطاع النفط والغاز في شركة سيمنس العالمية، إن عودة انتعاش الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري كان العنصر الأهم في السوق النفطية في الشهور الأخيرة، مشيرا إلى ارتفاع الإنتاج الأمريكي بنحو 18 في المائة خلال العام الجاري فقط حتى أنه كسر حاجز 11 مليون برميل يوميا.
ولفت إلى أنه من الصعب التنبوء بمدى قدرة الإنتاج الأمريكي على الاستمرار في الزيادات المتوالية خاصة في ظل ظروف سوق الطاقة الحالية التي تشهد تقلبات متسارعة وحادة، مبينا أن الاتفاق الجديد بين المنتجين في "أوبك" وخارجها سيسعى إلى التعامل مع تلك المتغيرات وتعزيز الاستقرار في السوق ودعم الشراكة الناجحة بين المنتجين والمستهلكين.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط