Author

الحاسد في الأرض

|
"الرازق في السماء والحاسد في الأرض" مثل شعبي جميل يردده الأجداد الذين عصرت قلوبهم الحياة عصرا، قفز هذا المثل إلى ذهني وأنا أستمع لقصة تلك المرأة المسكينة التي حاولت بشتى الطرق والأساليب التخلص من حسد أقاربها لها لكنها لم تستطع، كان الحسد يأكل قلوبهم وهم يرونها تصعد درجات النجاح وتحصد المال من خلال محلها الذي افتتحته بعد طول كفاح وصبر، فكادوا لها حتى تسببوا في قطع رزقها وإغلاق محلها. الحاسد شخص لن يرضيه إلا زوال نعمتك وسوء أحوالك، ولذلك مهما أحسنت له فلن تغير من سلوكياته أو مشاعره تجاهك؛ فسيبقى في قلبه كل ذلك السواد الذي لن ترى علاماته على وجهه إلا حين يحدث لك أمر مفرح كزواج أو وظيفة أو نجاح أو منزل أو غيره، ستأكل قلبه مشاعر الغيرة السوداء، وسيبتلع ريقه بصعوبة وهو يبارك لك، وسيتمنى أن تلحق بك مصيبة أو أمر سيئ حتى ترتاح نفسيته ويهدأ خاطره، لا تعتقد ولو لوهلة واحدة أن الحاسد قد يكون صديقك يوما ما، فحتى لو استطاع إجادة الدور وتمثيل دور الشخص المساند لك في عثراتك فكن واثقا أنه وهو يربت على كتفك بحنان مصطنع فإنه في داخله يقول "عساك من حالك وأردى"، ولذلك إبقاؤك للحاسد في حياتك هو نوع من الحماقة التي ستندم كثيرا على فعلها، لأنه سيترصد لك الزلة، وسيبحث عن نقائصك وعيوبك، وإن سنحت له الفرصة فسيكون سدا منيعا أمام كل خير قد يصل إليك، أذكر أن إحدى الفتيات قالت لي اكتشفت مصادفة أن إحدى صديقات أمي، حين أرادت إحدى الأمهات أن تخطبني لولدها أخبرتها أنني مخطوبة، وفعلت هذا الأمر أكثر من مرة حسدا حتى لا أتزوج أنا وشقيقاتي قبل بناتها، وفعلا "الرازق في السماء والحاسد في الأرض" رغم كل ألاعيبها وأقاويلها وحسدها إلا أنني وشقيقاتي تزوجنا ونعيش في سعادة. لن يحول أي إنسان في هذا العالم بينك وبين رزقك الذي كتبه الله سبحانه وتعالى لك، ولن يمنع عنك خيرا أراده الله أن يصل إليك، وهذا أمر مفروغ منه، لكن أنا أستغرب من بعض الأشخاص الذين يدركون تمام الإدراك أن فلانا من الناس حسود "وما يحب الخير لنا"، ورغم ذلك لا يأخذون احتياطاتهم منه إلا بعد أن "ينقرصوا منه" مرة واثنتين وثلاثا. مهما تفانيت في إرضاء الحاسد فلن يرضى إلا بزوال نعمتك.. فهل مثل هذا يستحق البقاء في حياتك؟!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها