أخبار اقتصادية- عالمية

فرنسا .. 6 مليارات دولار غرامة محتملة على مصرف سويسري

 فرنسا .. 6 مليارات دولار غرامة محتملة على مصرف سويسري

بعد انقضاء محاكمة صعبة بدأت تحقيقاتها الأولى قبل أربع سنوات، دخل مصرف "يو بي إس" السويسري في مرحلة استرخاء، لكنه بات الآن مهددا بعقوبة مالية يمكن أن تصل إلى مبلغ قياسي لم يسبق له مثيل في فرنسا.
وتدور التكهنات حول 5.3 مليار يورو (6 مليارات دولار)، إذا ما تمت إدانة المصرف بعمليات غسل أموال واسعة النطاق، وأعمال مالية غير مشروعة للتهرب من الضرائب.
ويُتهم المصرف السويسري رقم واحد أنه قام بتسويق عمليات مالية بشكل غير قانوني للفرنسيين والمقيمين في فرنسا، وساعد الآلاف من دافعي الضرائب الفرنسيين على التهرب من الضرائب بين 2004 و2012، وسيتم الإعلان عن الحكم في 20 شباط (فبراير) 2019.
وفي الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر)، طالب مكتب المدعي العام المالي الفرنسي بفرض غرامة قدرها 3.7 مليار يورو على المصرف السويسري إضافة لتعويضات بنحو 1.6 مليار يورو تطالب بها الدولة الفرنسية، وهي طرف الحق العام الوحيد في هذه القضية.
وبرر المدعون العامون المطالبة بكل تلك المبالغ بالصفة المنهجية لوقائع غسل الأموال التي أصبحت سياسة عامة مُسجلة ينفذها المصرف وقادته، والمدى "الاستثنائي" الذي أخذته عمليات غسل الأموال بالاحتيال الضريبي بأساليب ووسائل مصطنعة.
ورفض محامو المصرف وعددهم أربعة محامين هذه الاتهامات، وقال جان فيي، المحامي الرئيس للمصرف: إنه "من الصعب اليوم الدفاع عن يو بي إس. الفرنسيون يكرهون المصارف".
ولم يتردد عن وصف محامي الدولة الفرنسية، وهو الطرف المدني الوحيد، عن القول إن "كراهية الأجانب تطارد السويسريين فقط لأنهم سويسريون.. هذه هي الغوغائية".
وأشار فرانسوا اسكلاتين، وهو محام آخر للمصرف، إلى أن أول المجرمين الذين تمت الإشارة إليهم "سويسرا.. وبسبب عدم القدرة على شن الحرب على سويسرا.. أصبح يو بي إس الجاني المثالي".
وأثناء مرافعاتهم، بما في ذلك خلال جلسات الأسابيع الخمسة الماضية، تحدث محامو المصرف وكأنه لا يوجد هناك في ملف التهمة "أي دليل، ولا تحريض، ولا حتى غسل أموال".
ورأى دينيس تشيلا، وهو محامٍ آخر للمصرف، أنه "في مصرف دولي كبير، فإن نظام التهمة الكبيرة كتلكَ التي رفعها الإدعاء المالي العام ضد المصرف لا بد، بل حتما، أن تتركَ آثارا، ملاحظات، مذكرات، تقارير، ومئات الآلاف من الرسائل الإلكترونية.. لم يُقدم الإدعاء، ولا ملف التهمة أي شيء مِن ذلك.. نحن ليس لدينا أي شيء على الإطلاق، نحن موجودون هنا للا شيء".
واتهم المحامي الادعاء العام الفرنسي باعتماده، في غياب عناصر مادية، على حفنة من الشهادات لم تؤد سوى إلى تشويه سمعة أصحابها.
وأعاد المحامون إلى الأذهان أن السلطة القضائية السويسرية رفعت دعوى ضد اثنين من هؤلاء الشهود، وهم موظفون سابقون في مصرف "يو بي إس"، بتهمة الاحتيال في استخدام بطاقة مصرفية مهنية وأيضا في إساءة استعمال حسابات عملاء في المصرف.
وقال محام باستهزاء: "هذه ليست صحوة ضمير من موظف أراد الإساءة إلى يو بي إس، هي مصلحة شخصية".
ويشير المحامون، إلى أن لائحة الاتهام لم تستطع، رغم كل شيء، أن تُقدم شاهدا يعترف أن التهم الموجهة له قد أزيلت.
وبسبب عدم وجود أدلة قانونية تدعم ملف الاتهام بقيام المصرف بأعمال غير مشروعة، أُجبِرَ قُضاة التحقيق على "عولمة" القضية بتوسيعها لتشمل غسل أموال وتهرب ضريبي.
ودفع هيبولتي ماركويتي، وهو محام رابع من "يو بي إس"، بعدم كفاءة المحكمة في الحكم على وقائع غسل أموال مرتكبة خارج فرنسا، والتقادم الكلي أو الجزئي للجرائم التي يدعيها ضد المصرف.
وشكك محامو المصرف في المبلغ المتضمن لعمليات غسل أموال، معتبرين أنه "غير عقلاني ومُسرِف" في مطالبته بإيقاع العقوبات بالمصرف بهدف تأسيس انطباع ضد يو بي إس في الصحافة والمحكمة.
وعلى سبيل المقارنة، دفع "يو بي إس" 780 مليون دولار للولايات المتحدة في 2009 و300 مليون يورو في ألمانيا في 2014، لتجنب مواجهة دعوى قضائية، وهذا الترتيب غير ممكن في فرنسا.
وكانت الفرنسية ستيفاني جابو، مديرة التسويق السابقة في المصرف وراء كل هذه الدعوى المقامة ضد "يو بي إس" بعد أن أعلنت نفسها بأنها كاشفة فساد ومتعاونة" مع القضاء الفرنسي في قضية الاحتيال الضريبي لـ "يو بي إس".
وفي ضوء ذلك، تلقت جابو، ثناء من القضاء الفرنسي التي منحها صفة "متعاون للخدمة العامة".
و"كاشف الفساد أو المُبلِّغ عن الأعمال غير القانونية أو المُخبر" هو شخص يكشف سوء السلوك أو الاحتيال المزعوم أو النشاط غير القانوني الذي يقع في المؤسسة. ويمكن تصنيف سوء السلوك المزعوم بطرق عدة مثلا، انتهاك قانون أو قاعدة أو تشريع أو تشكيل تهديد مباشر على الصالح العام، مثل الاحتيال وانتهاكات الصحة والسلامة والفساد.
وقد يقدم كاشفو الفساد ادعاءاتهم داخليا (مثلا، لأشخاص آخرين داخل المؤسسة المُتهمة) أو خارجيا (للمراقبين أو هيئات إنفاذ القانون أو الإعلام أو المجموعات المعنية بقضايا خرق القوانين).
وحكمت المحكمة الإدارية في باريس أن تدفع الدولة لـ جابو 3000 يورو كتعويض عن الضرر المعنوي الذي عانته نتيجة لتعاونها مع الحكومة الفرنسية بين حزيران (يونيو) 2011 والشهر ذاته في 2012. وأوضح أنطوان ريلاك محامي جابو، أن "هذا قرار سيسمح لكاشفي الفساد بالحصول على حماية الدولة التي يجب أن تحمي المتعاونين معها عندما يُحاكمون أو يتعرضون للتهديد".
غير أن مديرة التسويق السابقة في الفرع الفرنسي لـ "يو بي إس" طالبت بتعويضات قدرها 3.5 مليون يورو، وهو رقم لا يتناسب مع المبلغ الذي حصلت عليه، ولا سيما بسبب "عدم وجود أدلة"، ولأن المحكمة الفرنسية احتفظت بهذا التعاون على مدى سنة كانت تعمل فيها داخل المصرف وتنقل معلومات للسلطة الفرنسية.
وبعد أن تمت إقالتها من عملها عام 2012، قدمت جابو، شكوى عن تعرضها لأضرار معنوية لتحصل بذلك على 30 ألف يورو من "يو بي إس".
وبرأتها محكمة فرنسية من تهمة تشهير ضد المصرف السويسري، ومن ثم رُفِعت ضدها دعوى قضائية للتشهير بعد نشر كتابها "المرأة التي عرفت كثيرا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية