أخبار اقتصادية- عالمية

"السترات الصفراء" تقود غضب الفرنسيين ضد زيادة أسعار الوقود

"السترات الصفراء" تقود غضب الفرنسيين ضد زيادة أسعار الوقود

حشدت حركة "السترات الصفراء" أكثر من مئة ألف شخص أمس في فرنسا احتجاجاً على فرض ضريبة بيئية على الوقود وزيادة أسعارها وكذلك على سياسة الرئيس ايمانويل ماكرون، لكن دون أن تتمكن من "شل" حركة النقل في فرنسا.
وأطلق على مجموعات الاحتجاج هذه "السترات الصفراء" في اشارة إلى السترة الصفراء المضيئة التي يتعين على كل سائق في فرنسا أن يحتفظ بها في سيارته، وذلك بغرض جعله في موضع رؤية أفضل في حال حدوث حادث سير.
وهي تحتج على زيادة سعر الوقود وفرض رسوم عليها على شكل ضريبة بيئية، وأيضا ضد سياسة الحكومة التي تمس بالقدرة الشرائية.
غير أن أحدا لا يعرف مدى اتساع حركة الاحتجاج حيث انها تبدو تلقائية الى حد كبير، وأوضح كيفن دوجاردين (27 عاما) وهو أحد المحتجين أن "الحركة غير سياسية وغير نقابية. إنها صرخة عامة لشعب فقد طاقته على الاحتمال".
وتراوح رد فعل الحكومة في الأيام الأخيرة بين التهديد والتهدئة، وأشار إدوار فيليب وزير الداخلية إلى أنه "بالامكان التظاهر.. لكن ليس مقبولا إغراق البلد في حالة شلل".
وأعلنت الحكومة الأربعاء زيادة المساعدات المخصصة للأكثر فقراً حتى يتمكنوا من تغيير سياراتهم أو دفع فواتير المحروقات. وفي اليوم ذاته، اعترف ماكرون بشكل غير مسبوق بأنه لم "ينجح في مصالحة الشعب الفرنسي مع قادته" الأمر الذي جعل منه أحد شعارات حملته الانتخابية.
وتأتي حركة الاحتجاج هذه بعد سنة صعبة للرئيس الفرنسي مع تظاهرات ضد برنامج "تغيير" فرنسا الذي طرحه، لكن تلك التظاهرات لم تنجح في وقف عجلة الاصلاحات.
في المقابل، تراجعت شعبية ماكرون الى ما دون 30 في المائة وهو أدنى مستوى لها منذ انتخابه في 2017.
وارتفعت حالة التوتر في فرنسا مع محاولة بعض السائقين تجاوز تجمعات المحتجين وتوفيت متظاهرة عندما صدمت امرأة أصيبت بالهلع جمعاً منهم في منطقة الألب.
وأوقعت حوادث أخرى 47 جريحاً، ثلاثة منهم حالتهم خطرة وفق مصادر رسمية، ومن بينهم أحد المارة الذي أدخل إلى "العناية الفائقة" بعد ان صدمته سيارة في شمال البلاد.
واوقفت الشرطة 24 شخصاً واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق التجمعات، وقالت وزارة الداخلية إن أكثر من الفي تجمع شارك فيها 124 ألف شخص، وإن الحركة أعيقت في بعض الطرق لكن لم يتم غلق أي محور طرق استراتيجي.
وذكرت إيفيلن راليير بيني وهي تعطل الطريق في جورا (شرق) حيث رفعت لافتة كتب عليها "أغيثوا أمة في خطر، نحن هنا، هذا هو الشعب، نحن صغار العاملين، لم يعد بمقدورنا أن نعيش". وفي باريس سار خمسون متظاهرا من قوس النصر الى جادة الشانزيليزيه وهم يهتفون "ماكرون استقل".
وفي الاثناء تلقت حركة "السترات الصفراء" دعم 73 في المائة من الفرنسيين بحسب معهد الاستطلاع إيلابي.
وأوضح فنسنت تيبو مسؤول الدراسات في المعهد أن "54 في المائة من ناخبي ماكرون يدعمون أو يتعاطفون مع هذه الحركة. وهذا أمر ليس بالقليل".
من جانبه، قال جيروم سانت ماري رئيس معهد بولينج فوكس للاستطلاعات "هذا يشكل نجاحا لدى الرأي العام".
وكتبت صحيفة لوباريزن "سواء كانوا بضعة آلاف أو عدة ملايين وسواء تمكنوا من شل البلاد أم لا، لقد نجح أصحاب السترات الصفراء .. وذكروا قادتنا بأن الرسوم البيئية مآلها الفشل اذا تجاهلت الواقع اليومي لمن تخصص لمساعدتهم".
ورأى جيروم سانت ماري أن "هذه الانتفاضة أخطر من سابقاتها لأنها تملك القدرة على الاتساع لتشمل أربعة أخماس المجتمع أي كل من يملك سيارة ولديه دخل متواضع".
وأوضح الخبير "أن ايمانويل ماكرون يواجه صعوبات كبرى أمام شعب الوسط والفرنسي متوسط الدخل الذي لا يشعر أنه محبوب من ماكرون لأن الرئيس يجسد نوعا من النخبة الباريسية والاجتماعية والثقافية".
من جانبه اعتبر فنسنت تيبو أن "صورة رئيس الأغنياء لازالت ماثلة بقوة وماكرون يجد صعوبة في النأي بنفسه عنها".
وحركة "السترات الصفراء" تجمع بين الغضب والاحباط وهي أيضا "نتيجة اتهامات وتراكم الهفوات" في تصريحات ماكرون عندما تحدث عن الناس العاديين.
ويرى تيبو أن رفع أسعار البنزين ليس إلا "صاعق تفجير.. فالاستياء عام"، من جهته رأى سانت ماري أن "تراجع شعبية ماكرون يستفحل. وهناك أرضية ملائمة ووقود جاهز للتفجير".
وعنونت صحيفة ليبيراسيون اليسارية "ضريبة البنزين: القطرة التي جعلت الكيل يطفح"، وكتبت "أن اتساع الحركة يعود إلى أن ماكرون لم يفشل فقط في مصالحة الشعب مع قادته بل إنه زاد من الهوة التي تفصلهما".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية