منوعات

شركات الطائرات بدون طيار تلجأ إلى أفريقيا "للإفادة والاستفادة"

شركات الطائرات بدون طيار تلجأ إلى أفريقيا "للإفادة والاستفادة"

خارج مكان صغير محاط بسور في مدينة موهانجا، وسط رواندا، يمكن سماع أزيز في السماء. يبدو وكأنه سرب من البعوض، ولكن في الواقع يأتي الصوت من شيء آخر: إنه طائرة بدون طيار، بيضاء اللون.

تحلق الطائرة فوق مدرج ثم تتخذ الوضع الصحيح، قبل أن تسقط في شبكة تم إعدادها لالتقاطها.

كانت الطائرة قد عادت للتو من رحلة قامت خلالها بتوصيل كمية من الدم لإنقاذ حياة مرضى في عيادة طبية نائية. وفي غضون ثوان، يبدأ موظفو شركة "زيبلين" الأمريكية في التعامل معها.

وبعد دقائق قليلة، يتم إطلاق طائرة أخرى بدون طيار في السماء لتبدأ رحلة إلى مركز صحي آخر، بسرعة تصل إلى 100 كيلومتر في الساعة.

ولا تقتصر عمليات الشركة، التي يقع مقرها بولاية كاليفورنيا الامريكية، على توصيل الدم داخل رواندا، فهي أيضا تقوم باختبار نموذج أعمالها هنا، وتعتزم إطلاقه في الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم.

كما تأمل في البدء في نقل الأدوية واللقاحات في رواندا في المستقبل القريب، وأيضا في تقديم هذه الخدمات في دول أخرى.

ويعتبر يسرائيل بيمب، وهو أحد مديري شركة "زيليب"، رواندا مكانا مثاليا لاختبار استخدام الطائرات بدون طيار لأغراض الشحن، لأن قوانين الطيران بها متساهلة.

ويقول بيمب لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "الحكومة منفتحة جدا فيما يتعلق بالأمور التنظيمية".

ولأن الدولة التي تقع في شرق أفريقيا ترغب في جذب الابتكارات لتحفيز النمو الاقتصادي، فإنها تسمح للطائرات بدون طيار بالتحليق لمسافات طويلة برخصة بسيطة. كما يمكن استخدام الطائرات بدون طيار المتطورة في البلاد بدون تصاريح.

يقول جان دي ديو رورانجيروا، وزير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: "نريد بصورة خاصة أن نوفر البنية التحتية والإطار السياسي لإدخال التكنولوجيا الحديثة لتحسين حياة الناس".

وعلى العكس من ذلك، عادة مايحتاج مشغلو الطائرات بدون طيار في الدول الغربية إلى الالتزام بالعديد من المطالب، خاصة عندما يتم تسيير هذه الطائرات لأغراض تجارية.يحتاج المشغلون إلى رخصة طيران، ويتعين عليهم الالتزام بتعليمات مختلفة بشأن الطائرات بدون طيار ذات الأوزان المختلفة.

ولهذا، فإن المطورين ورواد الأعمال الراغبين في إطلاق مشاريع جديدة يتطلعون إلى أفريقيا، حيث يتم استخدام الطائرات بدون طيار في قطاعات السياحة والصحة ورعاية الحيوانات والأمن، والتغير المناخي والزراعة.

وعلى سبيل المثال، قامت الشركة المغربية "أتلان سبيس" بتطوير برمجيات استخباراتية اصطناعية تتيح للطائرات بدون طيار رصد الجرائم البيئية مثل الصيد غير المرخص والتسربات النفطية في مياه غرب أفريقيا، وإبلاغ السلطات بها فور حدوثها.

ووفقا لبدر إدريسي، الرئيس التنفيذي للشركة، بمجرد قيام طائرة بدون طيار باكتشاف الأنشطة غير القانونية، فإنها ترسل بيانات حول موقع السفينة ورقم هويتها للسلطات عبر الأقمار الاصطناعية.

وفي جنوب أفريقيا وزيمبابوي وبوتسوانا وملاوي، تساعد طائرات مزودة ببرمجيات مماثلة في تعقب الصيادين في إطار برنامج يطلق عليه "الراعي الجوي". وتستطيع الطائرات، المزودة بكاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء، كشف حركة الأشخاص داخل المحميات البرية أثناء الليل، وإبلاغ قوات الأمن.

ويقول أوتو ويردمولر فون إيلج، مدير البرنامج، :"إحصائياتنا تظهر أن حوادث الصيد الجائر تتناقص بشكل كبير عندما تكون طائراتنا في المنطقة".

وفي ملاوي أيضا، تستخدم الطائرات بدون طيار لإرسال عينات الدم لاختبار إصابتها بفيروس "إتش.آي.في" من المناطق النائية إلى المختبرات لتشخيص المرض.

وقد خفض هذا الإجراء إلى حد كبير فترات الانتظار لنتائج الاختبارات المهمة في هذا البلد الذي يقع جنوبي القارة الأفريقية، والذي يسجل واحدة من أعلى معدلات الإصابة بالفيروس في العالم، فضلاً عن سوء شبكة الطرق.
وشرقا نحو السودان، الذي عانى من الجفاف والمجاعات على مدار عقود، يتم أيضا استخدام الطائرات بدون طيار.

وتقوم الشركة المحلية "ماسيف دايناميكس" بتصنيع الطائرات بدون طيار لإسقاط بذور أشجار السنط في المناطق المهددة بالتصحر.

وفي الوقت نفسه، يمكن للطائرات بدون طيار تشخيص حالة مجموعة واسعة من النباتات الزراعية، ما يساعد المزارعين والباحثين ومنظمات الإغاثة على الحد من الأضرار التي يمكن أن تلحق بالمحاصيل.
وفي نيجيريا، يستخدم الباحثون طائرات بدون طيار لوضع خرائط للمواقع الأثرية.

يقول أديسا أوجونفولكان، مدير متحف التاريخ الطبيعي النيجيري، :"بمساعدة التصوير الفوتوغرافي الجوي، نقرر مكان الحفر والمناطق التي نركز عليها".

وقد ساعدت الصور التي التقطتها الطائرات بدون طيار الباحثين على اكتشاف الجدران القديمة غير المرئية، والمناطق السكنية المهجورة.

ويعد عمل "زيبلين" في رواندا مثالا يحتذى به في كيف يمكن لتقنية الطائرات بدون طيار تسهيل العمل وتوفير المال. فعندما يحتاج مريض في عيادة ريفية إلى عملية نقل دم على نحو عاجل، يمكن للفرق الطبية تسجيل طلب عبر رسالة نصية بسيطة وسريعة.

وفي غضون دقائق، يتم تجهيز الطائرة. وبدلا من عدة ساعات أو حتى أيام، يستغرق الأمر نحو 30 دقيقة فقط قبل أن يتم إسقاط الدم بواسطة مظلة.

وتسيّر "زيبلين" 30 طائرة يوميا في المتوسط، في جميع أنحاء البلاد.

وتقول وزيرة الصحة الرواندية ديان جاشومبا :"إذا كنت ترغب في إنقاذ أرواح، فالثانية لها قيمتها. الطائرات بدون طيار هي الحل بالنسبة لنا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات