الطاقة- النفط

تخمة الإمدادات تضغط على معنويات أسواق النفط

تخمة الإمدادات تضغط على معنويات أسواق النفط

استقرت أسعار النفط أمس بعد أن تخلت عن انخفاضات سجلتها في وقت سابق، لكن المعنويات في السوق ظلت تتسم بحالة من الحذر بفعل مخاوف من نشوء تخمة إمدادات في ظل توقعات اقتصادية متشائمة.
وبحسب "رويترز"، بلغت العقود الآجلة لخام برنت لشهر أقرب استحقاق 66.17 دولار للبرميل مرتفعة خمسة سنتات مقارنة بالإغلاق السابق.
وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 56.29 دولار للبرميل مرتفعة أربعة سنتات من سعر التسوية السابقة.
ويقول متعاملون "إن خام برنت وخام غرب تكساس الأمريكي تغلبا على خسائر تكبداها بفعل مؤشرات على أن الصين والولايات المتحدة ربما تتخذان خطوات لتصعيد نزاعهما التجاري المرير".
وعلى الرغم من هذا، خسرت أسعار النفط نحو ربع قيمتها منذ مطلع تشرين الأول (أكتوبر) مع ارتفاع الإنتاج في الوقت الذي من المتوقع فيه أن يتباطأ الطلب تزامنا مع تراجع اقتصادي.
وقال بنك مورجان ستانلي الأمريكي في مذكرة "إن الأوضاع الاقتصادية في الصين تدهورت على نحو كبير في الربع الثالث من 2018، فيما يعتقد محللون لدى "كابيتال إيكونوميكس" أن التوقعات الاقتصادية للصين في "الأمد القريب" تظل متشائمة، وتعد الصين أكبر مستورد في العالم للنفط وثاني أكبر مستهلك للخام".
في غضون ذلك، أظهرت بيانات نشرت هذا الأسبوع انكماشا في اليابان وألمانيا، وهما من المراكز الصناعية، في الربع الثالث من العام.
في الوقت ذاته، ترتفع الإمدادات بالأخص بسبب زيادة الإنتاج النفطي الأمريكي 22 في المائة هذا العام إلى مستوى قياسي يبلغ 11.6 مليون برميل يوميا.
وقال معهد النفط الأمريكي "إن مخزونات الخام ارتفعت بشدة في الأسبوع الماضي، بينما زادت مخزونات البنزين وانخفضت مخزونات نواتج التقطير".
وذكر المعهد أن مخزونات الخام ارتفعت بمقدار 8.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) مسجلة 440.7 مليون برميل، مقارنة بتوقعات محللين بزيادة قدرها 3.2 مليون برميل.
وارتفعت مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج في أوكلاهوما بمقدار 726 ألف برميل.
وزادت معدلات استهلاك المصافي بمقدار 216 ألف برميل يوميا، ونمت مخزونات البنزين بمقدار 188 ألف برميل، مقارنة بتوقعات المحللين بانخفاض قدره 1.5 مليون برميل.
وهبطت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بمقدار 3.2 مليون برميل مقارنة بتوقعات بانخفاض قدره 1.7 مليون برميل.
وزادت واردات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي بمقدار 222 ألف برميل يوميا إلى 8.3 مليون برميل يوميا.
إلى ذلك، أكد تقرير "ريج زون" الدولي - المعني بأنشطة الحفر والاستثمار - أنه من الضرورى علاج مشكلة فائض المعروض النفطي على نحو عاجل، مشيرا إلى أن هذا الفائض تسببت فيه الولايات المتحدة نفسها عندما قررت منح إعفاءات تسمح لثمانية من مستوردي النفط الإيرانيين بالاستمرار في الشراء على الرغم من العقوبات، وهو ما أربك السوق وأسهم في تراجع أسعار النفط بشكل حاد.
وأشار التقرير إلى أن القرار الأمريكي جاء في الوقت الذي كانت فيه منظمة أوبك وحلفاؤها وبالأخص روسيا يضخون مزيدا من الإمدادات تحسبًا لتراجع صادرات إيران إلى مستوى الصفر، لافتا إلى تأكيد السعودية أنه يتعين على المنتجين أن يتراجعوا عن نصف زيادات الإنتاج التي حققوها في وقت سابق من هذا العام.
وقال التقرير الدولي "إنه ينبغي للمستثمرين مراقبة حقول إنتاج النفط في الولايات المتحدة، حيث يواصل المنتجون زيادة عدد الحفارات"، لافتا إلى أنه عادة ما تحدد الشركات خطط الإنفاق الرأسمالي مقدما لشهور مقبلة، مؤكدا أن مكاسب إنتاج أمريكا - بالفعل عند مستويات قياسية - وقد تستمر في التأثير في السوق في المستقبل القريب.
وأضاف أن "ارتفاع الدولار الأمريكي هذا الأسبوع إلى أقوى مستوى في 18 شهرا مقابل سلة من العملات الأجنبية، سيرفع بالتبعية تكلفة النفط الخام ويؤدي إلى تفاقم الأعباء المالية على الاقتصادات الناشئة"، موضحا أنه على الرغم من انخفاض سعر خام مزيج برنت والخام الأمريكي إلى أدنى مستوى على مدار العام إلا أنه لا يزال مرتفعا بنسبة 11 في المائة في السوق الهندي بسبب تراجع الروبية الهندية، و14 في المائة في السوق البرازيلية بسبب تراجع الريال البرازيلي، معتبرا هذا الأمر يثقل الطلب على الأسواق الناشئة الأقوى في النمو والأكثر استهلاكا للنفط الخام.
إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لمجموعة "كيو إتش آي" للطاقة، "إن منظمة أوبك على أعتاب تغيير استراتيجية عملها فى كانون الأول (ديسمبر) المقبل"، وهو ما أكده سهيل المزروعي رئيس مؤتمر "أوبك" وزير الطاقة الإماراتي، مشيرا إلى أن التغيرات المتلاحقة في السوق تتطلب تفاعلات مرنة من قبل المنتجين.
وأوضح كيندي أن الجميع يرجح خفض الإنتاج بسبب حالة وفرة المعروض التي سيطرت على السوق في الشهر الأخير، مشيرا إلى تأكيد "أوبك" أنها ستفعل ما تتطلبه السوق وما يعزز استعادة التوازن والاستقرار وهو الأمر الذي يعد أحد الأهداف الرئيسية لمنظمة أوبك على مدار تاريخها الطويل فى الصناعة.
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن السوق تواجه حالة من الإمدادات المتزايدة في مقابل توقعات غير إيجابية لمستوى الطلب على النفط، خاصة مع قدوم فترة الضعف الموسمي في الربع الأول من العام المقبل، مشيرا إلى أن الأنظار تتجه إلى تحالف المنتجين لاتخاذ تعديلات وضبط جديد لمستوى الإمدادات في السوق لوقف نزيف خسائر الأسعار. وأضاف كروج أن "المخزونات النفطية في الدول الصناعية ارتفعت على مدار أربعة أشهر ومن المتوقع أن تنمو أكثر في النصف الأول من العام الجديد كما أن توقعات الطلب غير مضيئة بسبب أن الاقتصاد العالمي على وشك اجتياز موجة من الانكماش نتيجة الحرب التجارية وغيرها من العوامل المؤثرة". من ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، "إن موجة انخفاض الأسعار هي دون شك على عكس رغبة شركات الطاقة الدولية خاصة مع تراجع أسعار أسهم كبريات شركات الطاقة لأدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) الماضي وأبرزها "بي بي" و"شل".
وأشار شيميل إلى أن الشركات تعلمت الدرس جيدا من دورة تهاوي الأسعار فى صيف عام 2014 حيث لجأت إلى سياسات صارمة لضبط الإنفاق لم تتخل عنها عندما تعافت الأسعار وكسرت حاجز 80 دولارا للبرميل فى أيلول (سبتمبر) الماضي، لافتا إلى تمسك الشركات بمستويات انضباط وكفاءة عالية تمكنها من مواجهة كافة تقلبات السوق صعودا وهبوطا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط