FINANCIAL TIMES

موجة الثورة تجتاح ثقافة القهوة .. بقيادة «كيبكاب»

موجة الثورة تجتاح ثقافة القهوة .. بقيادة «كيبكاب»

موجة الثورة تجتاح ثقافة القهوة .. بقيادة «كيبكاب»

عندما أصل إلى منزل أبيجيلفورسايث، ليست هناك إشارة إلى المرأة التي في مهمة لإحداث ثورة في طريقة شُرب الأشخاص للقهوة. مراهقة بمظهر ناعس تفتح الباب الأمامي يتبعها عن قُرب بروس، كلب يقفز يبلغ من العمر عامين، يقوم باستكشافي سريعاً عن طريق الشم أثناء دخولي إلى جناح صغير بأسلوب كاليفورنيا في العشرينيات – وهو نمط شائع للإسكان في مناطق الضواحي في أستراليا.
بعد بضع دقائق، تدخل فورسايث إلى منزلها في ملبورن، تلتقط خوذة دراجتها الهوائية، وتعتذر لعدم وجودها عندما وصلت عن "حالة المنزل". تلتقط بعض الأطباق وتضعها بسرعة في مجلى مستطيلة مزدوجة مركبة داخل سطح العمل في مطبخ من الجرانيت.
"أرى أنك قابلت ابنتي بيس"، كما تقول صاحبة المشاريع البالغة من العمر 47 عاماً، التي تتولى وظيفة العضو المنتدب ومؤسسة مشاركة في كيبكاب – الشركة التي تضم 85 موظفاً ومكاتب في ملبورن، ولندن ولوس أنجلوس – إلى جانب دورها كأم لثلاثة أطفال.
تقول فورسايث: "هناك طريقة واحدة فقط لإدارة هذا من دون أن يفشل الأمر، وذلك من خلال الحصول على المساعدة"، حيث عمل زوجها ديفيد ثلاثة أيام في الأسبوع لفترة من الوقت لتمكينها من تأسيس شركة كيبكاب بتطلعات عالمية.
تقول: "لا أعلم كيف تقوم جاسيندا أرديرن بهذا مع طفلها الجديد"، مُشيرةً إلى رئيسة وزراء نيوزيلندا – أول زعيمة أنثى تُنجب طفلاً أثناء توليها المنصب منذ بنظير بوتو عام 1990. "أعتقد أنه من الرائع أن زوجها موجود في كل الصور في الأمم المتحدة. وقد تعمّد الظهور في تلك الصور ليُظهر أنها لا تستطيع فعل كل شيء بنفسها".
فورسايث أطلقت شركة كيبكاب مع شقيقها جيمي عام 2009 بعد أن أصابهما الذهول من العدد الهائل من الأكواب التي تُستخدم لمرة واحدة، التي يتم التخلص منها بعد الاستخدام في بلوباج، وهي سلسلة قهوة صغيرة كانا يُديرانها في ملبورن. بحثا عن أكواب قابلة لإعادة الاستخدام ويمكن بيعها للزبائن، لكنهما لم يعثرا على أي نوع كان ملائماً للقهوة المميزة التي يصنعها مختصو القهوة، التي انطلقت في ملبورن خلال أواخر التسعينيات.
تقول: "الأكواب التي كانت متوافرة كانت مصممة للقهوة المفلترة على الطريقة الأمريكية. كانت "ثرموس" فعلاً، ولا يمكن وضعها تحت رأس المجموعة على آلات القهوة، ما كان يعني أن صناع القهوة لا يستطيعون تحديد الكميات بشكل صحيح. الأغطية كانت ملولبة، وليست بالضغط، وكل هذه العوائق جعلت من الصعب علينا اعتمادها".
هذا لم يفت في عضد فورسايث، التي قررت تصنيع مجموعتها الخاصة من الأكواب القابلة لإعادة الاستخدام. أحد المصممين الذين اتصلت بهم أخبرها أن هذه "أغبى فكرة سمعها على الإطلاق"، لكنه قدّم أيضاً بعض النصائح الحكيمة، حيث قال لها: "في النهاية هذا مجرد كوب بلاستيكي، لذلك إذا لم تكوني مستعدة لترويج الفكرة فلا تضيعي وقتك".
بدأت المقاهي العصرية في أستراليا بيع أكواب كيبكاب، ما منح الشركة مصدرا إضافيا للإيرادات. بعد أقل من عقد من الزمن، باعت الشركة ثمانية ملايين كوب في 32 بلدا، التي تقدر فورسايث أنه سيمنع 12 مليار كوب من أكواب القهوة التي تُستخدم لمرة واحدة من الذهاب إلى مكب النفايات.
اشترت فورسايث حصة شقيقها في شركة كيبكاب عام 2014 – وذهب لتأسيس شركة بيتبوكس التي تصمم وتبيع صناديق الغداء المحمولة.
عدد من أكواب كيبكاب الملونة اللامعة مكدّسة في زاوية مطبخها ذي التصميم المفتوح، الذي تم توسيعه أثناء عملية تجديد "مُجهدة" لمدة 18 شهراً. تتميز الغرفة الآن بأرضيات خرسانية مصقولة مع تدفئة تحت الأرض، وسقف مائل مصنوع من الخشب الصلب ونوافذ كبيرة مع إطلالات شاملة على حديقة محلية.
تقول فورسايث، التي انتقلت إلى المنزل في ضاحية فيتزوري العصرية عام 2006: "نحن نقضي كثيرا من وقتنا في المطبخ خلال النهار". كانت تعرف المقاطعة جيداً؛ لأنها درست في جامعة ملبورن القريبة، وأحبت ثقافة المقاهي في فيتزوري وقربها من مركز المدينة.
قامت فورسايث بزراعة أشجار أسترالية وأنواع من النباتات، بما في ذلك الشواك، واليوكالبتوس ومخلب الكانجارو، في حديقة لجذب الطيور المحلية.
تقول: "هذا جيد للبيئة. لدينا طيور المغبب في الحديقة الآن"، مُشيرةً إلى أنواع الطيور المحلية من عائلة آكلات العسل.
نجحت فورسايث في تحقيق الاستدامة في منزلها، فضلاً عن شركتها. رفضت تركيب أجهزة تكييف الهواء خلال التجديدات الأخيرة، على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة في الصيف في ملبورن، وتسعى إلى العيش بفلسفة "اشتر جيداً، واشتر مرة واحدة". تقود سيارة تسلا، التي تعمل بنظام بطارية الطاقة الشمسية الذي تم تركيبه في منزلها ومكان عملها.
"يُمكنني إخبارك بعض الحكايات عن غضب الرجال عندما يرونني في هذه السيارة. إنها فخمة وتدل على البذخ، لكنها تُشير إلى معتقداتي حول إيجاد مكان للتغيير وجعل السيارات الكهربائية ذات مطمح للناس. أنا من أشد المعجبين بإيلون، فقد أحدث تغييراً في صناعة السيارات". نظرة فورسايث للتصميم المغامر ملحوظة في غرفة معيشتها، المكسوّة بورق جدران تيموروسبيستيز الذي يصوّر السحالي، والطيور وفراشا باللون الأرجواني الأحمر. هناك كثير من الأعمال الفنية معلقة على الجدار، إلى جانب قطعة من الصخور الموضوعة في إطار. تقول: "هذه قطعة من الصخر المكسور من جدار برلين عندما كنت في عطلة مع أحد الأصدقاء".
شركة كيبكاب تصنع منتجاتها محلياً في اثنين من أكبر أسواقها، أستراليا والمملكة المتحدة، لتقليل تأثيرها البيئي. "لم آخذ الصين قط في الحسبان؛ لأننا نُركز في الأساس على التصنيع المحلي، حيث نضع أنفسنا في المجتمع، ونخفّض البصمة البيئية للشركة. إذا كنا سنحصل على اقتصاد دائري وضمان أنه تتم إعادة تدوير البلاستيك هنا فعلينا التصنيع محلياً". تركيز شركة كيبكاب على الاستدامة اجتذب زبائن شركات بارزين. غالباً ما يتم وضع العلامة التجارية على الأكواب مع شعار الزبون، ويُمكن استخدامها كمواد ترويجية أو لتقديم الطعام للموظفين. كان البنك الوطني الأسترالي أول زبائنها الكبار من الشركات، حيث طلب 5500 من أكواب كيبكاب لمساعدتها على الانطلاق. كما تبنى كل من بنك إنجلترا ومجموعة لويد المصرفية منتجات الشركة الأسترالية، مع إشارة الأخير في تقرير الاستدامة عام 2017 إلى أن مبادرته لاعتماد أكواب كيبكاب أوقفت 43389 كوبا ورقيا من أن تُصبح نفايات في ذلك العام. الحملة من قِبل الشركات لإثبات مؤهلاتها الصديقة للبيئة أمام الزبائن والمستثمرين أثبتت أنها نعمة بالنسبة لشركة فورسايث.
كانت المملكة المتحدة خياراً طبيعياً لتوسع "كيبكاب" الدولي. فقد ولدت "فورسايث" في جلاسجو، ولا تزال تحتفظ بما تدعوه جواز سفر "جيمس بوند" البريطاني. تلقت شركتها دفعة قوية عندما بثت شبكة بي بي سي برنامج ’حربهيو على النفايات‘، وهو برنامج تلفزيوني يُقدمه الشيف الشهير هيوفيرنلي-ويتنشتال، الذي كرس حياته لإلقاء الضوء على الكم الهائل من النفايات الذي تولّده المتاجر الكبيرة وصناعة الوجبات السريعة.
أثار ذلك عاصفة من الشكوى من السياسيين والمشاهدين (ضد هدر الموارد)، وأوصت مراجعة برلمانية في المملكة المتحدة في كانون الثاني (يناير) الماضي، بحظر استخدام الأكواب التي تستخدم مرة واحدة.
تقول فورسايث، التي تلاحظ أن الوعي العام للنفايات قد ارتفع بشكل كبير: "أدى هذا إلى تغيير عجيب في قواعد اللعب". الحكومتان البريطانية والأسترالية لم تنفذا بعد حظراً على استخدام الأكواب التي تُستخدم مرة واحدة، لكن فورسايث لا تزال مقتنعة بأنها مسألة وقت فقط.
وتضيف أن خطوتها التالية هي التراجع عن إدارة الأعمال اليومية في الشركة؛ للتركيز أكثر على القيادة الحكيمة، والدعوة إلى التغييرات التنظيمية من النوع اللازم لمعالجة مشكلة النفايات. "في غضون خمسة أعوام، أود رؤية العالم خاليا من الأكواب التي تُستخدم مرة واحدة – هذا هو ما أهدف إليه".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES