FINANCIAL TIMES

الشركات الصغيرة بحاجة إلى قانون يحميها

الشركات الصغيرة بحاجة إلى قانون يحميها

إليكم هذا الاختبار. لنأخذ عقدا بين طرفين؛ أحد الطرفين شركة عائلية تدير مواقف للمقطورات السكنية في شمال إنجلترا وتحقق نحو مليوني جنيه أرباحا سنويا، والطرف الآخر مصرف متعدد الجنسيات بقيمة سوقية تبلغ 31 مليار جنيه. هل ترى أن هذا عقد بين طرفين متكافئين من حيث الوزن؟
هذا أمر مشكوك فيه، أليس كذلك؟ خاصة عندما يكون الطرف الأصغر في الواقع متوسلا، ويتطلع إلى الطرف الأكبر للحصول على رأس المال لتوسيع أعماله.
لكن هكذا يرى القانون الأمر. ولهذا السبب، عندما يتعلق الأمر بإقراض الشركات الصغيرة، فإن القانون غبي.
شركة مواقف المقطورات السكنية في هذه الحالة هي في الواقع شركة حقيقية؛ شركة عائلية قديمة تحمل اسم "آرثر هولجيت آند صن"، التي تملك مواقف في كمبريا، ودومفريز، ويورك. واجهت الشركة صعوبات بعد الأزمة المالية بسبب بعض مقايضات أسعار الفائدة المريبة التي باعها المصرفيون الذين تتعامل معهم في بنك باركليز. عندما أدت المشتقات الشيطانية المذكورة إلى استنزاف رأس المال من الشركة، تدخل أولئك المصرفيون أنفسهم وقطعوا المال عن الشركة.
الآن بالكاد تعد هذه قصة غير مألوفة. بين عامي 2000 و2012، آلاف الشركات الصغيرة تعرضت للغش في بيع منتجات كهذه من قبل المصرفيين الذين تتعامل معهم، غالبا مع نتائج كئيبة مماثلة. تم تدمير حياة كثيرين، والعائلات تركت في حالة من الفقر المدقع. آخرون وجدوا أنفسهم محاصرين فيما يسمى وحدات المخاطر العالية مثل مجموعة إعادة الهيكلة العالمية المثيرة للجدل في "رويال بانك أوف أسكوتلند"، حيث تم دفعهم دفعا إلى عمليات إعادة الهيكلة تحت تهديد نزع الممتلكات منهم، بعضهم مع نتائج كارثية. المالكون، الذين كانوا في نزاع مع المصرفيين، وجدوا فرصتهم للحصول على تعويض محدود للغاية. إقراض الشركات نشاط غير خاضع للتنظيم، لذلك كانت هناك خدمة أمين المظالم المالية، التي هي نوع من مكتب التحكيم الطوعي، لكن هذا يتيح تعويضهم فقط بمبلغ إجمالي يصل إلى 150 ألف جنيه (سيرتفع إلى 350 ألف جنيه العام المقبل). للحصول على أي شيء أعلى من ذلك، كان من المتوقع أن يذهبوا إلى المحكمة. هذا كان يشمل تمويل ليس فقط نفقاتهم القانونية الضخمة فقط، لكن أيضا، ربما تكاليف المصرف الهائلة.
في بعض الأحيان الكشوفات بشأن الخداع كانت تجبر المصارف على القيام بمزيد في الأعوام الأخيرة. أنشأت المصارف برامج مخصصة لتعويض ضحايا بعض عمليات الخداع الفاضحة، مثل تلك التي تتضمن مقايضات أسعار الفائدة والفضيحة في فرع ريدنج التابع لمصرف إتش بي أو إس.
لكن مع أن هذه على الأقل توفر فرصة جلسة للاستماع دون أن يصاحب ذلك مخاطر وتكاليف إجراءات المحكمة، إلا أنها لا تزال بعيدة عن كونها كافية. يجب أن يوافق المصرف على إعدادها؛ ويعين المقيّم "المستقل"، وهناك إفصاح باتجاه واحد فقط: الزبون يعطي كل ما لديه من أدلة، لكن المصرف لا يتخلى عما لديه. يتم تقديم العروض على أساس "اقبلها أو اتركها" مع بديل العودة إلى التقاضي. الخلل الإجمالي في السلطة يبقى.
هناك طريقة لموازنة المقاييس: تأسيس نظام محاكم مستقل فعلا، يوفر عدالة سريعة بتكلفة منخفضة لمجموعة أوسع من المُدعين. هذا لن يحوّل إقراض الشركات الصغيرة إلى نشاط منظم بالكامل (وهي نتيجة تحذر المصارف من أنها ستؤدي إلى هجرة رأس المال من القطاع). لكنها ستسمح للزبائن باتخاذ إجراءات ضد خرق قواعد "سلوك الشركات" التي وضعها المنظم.
من شأن ذلك أن يُقرّ بأن مالكي الشركات الصغيرة - كثير منهم يستخدمون منازلهم ومدخراتهم ضمانة - يستحقون بعض الحمايات الممنوحة للزبائن الأفراد. ومن شأنه أيضا إزالة بضع العراقيل التي تردع المتقاضين من الشركات، مثل حقيقة أنه في كثير من الحالات حيث تقوم شركة بمقاضاة المصرفيين الذين تتعامل معهم، فإن تلك المؤسسة أيضا هي دائن مضمون. ما يعني أن أي تعويض يُمكن أن ينتهي ببساطة في خزائن المصرف الخاصة.
وجود نظام أكثر عدالة ينبغي أن يكون في مصلحة الجميع. ذلك من شأنه تشجيع ممارسات مصرفية أفضل تدعي كل الأطراف أنها تفضلها، وفي الوقت نفسه مساعدة الشركات الصغيرة على الازدهار من خلال منحها مزيدا من الثقة للاقتراض من أجل الاستثمار.
لكن الحكومة البريطانية – التي أعلنت عن استعدادها لدعم التغيير – تُظهر الآن علامات على الانحناء أمام مصالح الصناعة. هذه تفضل فقط توسيع آلية أمين المظالم من خلال زيادة الحد الأقصى للتعويض إلى 600 ألف جنيه. بدون منحها السلطة التي تخولها إجبار المصارف على تقديم الأدلة، هذا من غير المرجح أن يحقق الكثير.
عندما تنشأ النزاعات، تحتاج الشركات إلى جلسة استماع عادلة. لنأخذ قضية أفراد عائلة هولجيتس. بعد أن عُرض عليهم مبلغ 311 ألف جنيه بموجب نظام التعويض لخسارة شركتهم، قاموا بتعيين شخص لتصفية شؤون الشركة من أجل متابعة قضية أقيمت ضد المصرف وذهبوا إلى المحكمة. انتهى بهم الأمر بتحصيل نحو 10 ملايين جنيه على درجات قاعة المحكمة.
معظم المالكين لن يأخذوا هذه الخطوة خوفا من العواقب المالية. هذا يحمي القوي ضد الضعيف. لكن وجود نظام أكثر عدالة لن يفعل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES