اتصالات وتقنية

الأجهزة الذكية في أيدي الأطفال .. نعمة أم نقمة؟

الأجهزة الذكية في أيدي الأطفال .. نعمة أم نقمة؟

من المؤسف أننا أصبحنا نرى الأجهزة الذكية تسيطر على معظم أوقات الأطفال وصغار السن الذين باتوا لا يرغبون في بذل أي جهد أو الاستمتاع بأي وسيلة ترفيهية تقليدية، حيث أصبح لا يشغلهم شيء سوى الأجهزة الذكية على عكس السابق، الأمر الذي بات يشكل مشكلة حقيقية أمام كثير من الآباء والأمهات لمحاولة السيطرة وإدارة أوقات استخدام هذه الأجهزة من قبل أبنائهم، فالأطفال على عكس أهاليهم لم يعرفوا يوما عالما خاليا من الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. وبالتالي، يواجه الأهل اليوم معضلة جديدة حيث يتساءلون عن العمر المناسب لبدء تعريض أطفالهم للشاشات أو امتلاكهم جهازا خاصا بهم، ويراقبون عاداتهم الشخصية وإمكانية تأثيرها في أطفالهم.
وبحسب استبيان أجرته شركة "نورتون سيمانتك" العاملة في مجال الأمن الإلكتروني، الذي حمل عنوان "تقرير جهازي الأول"، فإن أكثر من ثلاثة من أصل أربعة مشاركين في الاستبيان في المملكة الذين تبلغ نسبتهم 82 في المائة يرون أن الأهل يقدمون مثالا سيئا لأولادهم من خلال قضاء وقت طويل على الإنترنت، واعترف أكثر من النصف الذين تبلغ نسبتهم 60 في المائة أنهم تعرضوا للتوبيخ من أطفالهم بسبب سلوكهم، ما يشير إلى صعوبة لدى العائلات اليوم في ضبط فترات صحية لاستخدام الشاشات في عالم متزايد التواصل.

السعودية مقارنة بالعالم
أشارت نتائج استبيان نورتن إلى أن الأطفال في المملكة يرغبون في استخدام الهواتف المتحركة أكثر من اهتمامهم بالحلوى، فهم يقضون وقتا أطول أمام شاشة الهاتف المتحرك مما يفعلون عند اللعب في الخارج. كما أن أكثر من ربع الأهالي قالوا إن أطفالهم يقضون على الإنترنت وقتا أطول مما يفعل أهاليهم. بالإجمال، يقضي الأطفال في المملكة يوميا ثلاث ساعات من وقت فراغهم باستخدام الهواتف المتحركة، أي أكثر بساعة تقريبا مما يمضونه في اللعب خارجا.
ويرى 60 في المائة من الأهالي في المملكة أن الهواتف المتحركة وتكنولوجياتها يمكنها تعزيز قدرة الطفل على حل المشاكل ومهارات التعلم لديه، وهي من أعلى النسب، فيما رأى 64 في المائة أن اهتمام الأطفال بهواتفهم المتحركة يعلمهم المسؤولية.
وبالمقابل، يخشى الأهل من أن يكون لاستخدام الأجهزة أثر سلبي. فقد قال أكثر من نصف الأهالي في المملكة الذين تبلغ نسبتهم 53 في المائة إن الوقت الذي يتم قضاؤه أمام شاشة الهاتف المتحرك يؤثر في نوعية نوم الطفل. كما عبر الأهالي في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا عن قلقهم من الأثر السلبي للأجهزة على مستويات الطاقة بنسبة 42 في المائة، والمهارات الاجتماعية بنسبة 40 في المائة، والصحة العقلية بنسبة 37 في المائة.
وتتنامى هذه المخاوف مع امتلاك الأطفال أجهزتهم الخاصة في عمر أصغر. فقد أظهر بحث "نورتون" أن الأهل يستسلمون أمام إصرار أولادهم إذ يحظى الأطفال في المملكة بجهازهم الأول بعمر السابعة إجمالا، أي أقل بثلاث سنوات مما يرى الأهل أنه عمر مناسب لامتلاك جهاز. ويعتبر الفارق في المملكة من الأكبر من بين أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، حيث إن الأطفال في الأسواق الأخرى يتلقون جهازهم الأول قبل عام واحد فقط من الوقت الذي يراه الأهل مناسبا لامتلاك طفلهم جهازا.
هذا ويحاول معظم الأهالي تطبيق قواعد متعلقة بوقت استخدام الهواتف لكنهم يعترفون بأنهم يشعرون بالمسؤولية كونهم لا يقدمون لأطفالهم مثالا جيدا يحتذونه. فقد قال 56 في المائة من الآباء في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا إن ابنهم يقضي كثيرا من الوقت على الإنترنت ويشعر نحو 65 في المائة في المملكة بالذنب بشأن الوقت الذي يقضونه في تصفح الإنترنت، وهو أعلى معدل في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا. واعترف أكثر من نصف الأهالي في المملكة الذين تبلغ نسبتهم 60 في المائة أنهم تعرضوا للتوبيخ من أطفالهم بسبب قضائهم وقتا طويلا على الإنترنت أو استخدامه في أوقات غير مناسبة. كما عبر 82 في المائة منهم عن قلقهم بشأن تقديم مثال سيئ لأولادهم.

حالة من الارتباك
يكتنف الآباء حالة من الارتباك في العالم الرقمي، حيث أشار 48 في المائة ممن تم استطلاع آرائهم إلى أنهم يريدون وضع حدود لاستخدام الهواتف والتحكم بشكل أكبر في الأجهزة المتصلة بالإنترنت، لكنهم لا يعرفون كيف يمكنهم فعل ذلك. في الوقت الذي يريد 64 في المائة منهم الحصول على المزيد من النصائح والدعم لمساعدتهم على حماية أطفالهم على الإنترنت. وفي الوقت نفسه، فإن واحدا من كل عشرة آباء لا يضع أية قواعد لاستخدام أبنائه الأجهزة المتصلة بالإنترنت، حيث أوضحوا أن أبناءهم يتمتعون بخبرة تقنية كبيرة تجعلهم يتحايلون على القواعد المقيدة للاستخدام.
وسلط التقرير الضوء على الأمر المثير للاهتمام وهو أن درجة القيود المفروضة تزداد بين الآباء الأصغر سنا بحسب 75 في المائة من المشاركين، وآباء الأطفال الأصغر سنا نسبة 74 في المائة. وفي الوقت ذاته سجلت هذه المجموعات مستويات أعلى في التحكم بأجهزة أطفالهم مقارنة بالآباء الأكبر سنا بنسبة 59 في المائة من المشاركين، وأولئك الذين لديهم أطفال أكبر سنا بنسبة 53 في المائة. وعلى الرغم من التحديات، فإن أولياء الأمور في المملكة هم الأكثر حرصا على إدارة استخدام الأجهزة بالنسبة لأطفالهم، ولكن العديد منهم يشعرون بالارتباك حول طريقة القيام بذلك. ويقول نحو ثلاثة من أصل أربعة من الآباء في السعودية الذين تبلغ نسبتهم 70 في المائة إنهم يريدون فرض قيود وأدوات الرقابة الأبوية على الأجهزة المتصلة بالإنترنت، وهو ثاني أعلى رقم على امتداد أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، لكنهم لا يعرفون كيف يمكنهم فعل ذلك، بينما يريد 81 في المائة مزيدا من النصائح والدعم لمساعدتهم على حماية أطفالهم عبر الإنترنت، وهي أيضا ثاني أعلى نسبة في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا. ويسمح أكثر من نصف الآباء والأمهات في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا الذين تبلغ نسبتهم 59 في المائة لأطفالهم بالاتصال بمفردهم عبر الإنترنت في غرف نومهم، ويقر 35 في المائة من الآباء والأمهات أن هذا صحيح، حتى بالنسبة للأطفال بين سن الخامسة إلى السابعة. وبالنسبة للآباء والأمهات في المملكة، فإن هذا العدد أقل بكثير، حيث يسمح 34 في المائة فقط لأطفالهم بالاتصال بالإنترنت في غرف نومهم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من اتصالات وتقنية