Author

سوق العمل .. نظرة إلى المستقبل

|
في النشرة الأخيرة لإحصائيات التأمينات الاجتماعية، الخاصة بالقوة العاملة لسوق العمل، كشفت النشرة عن استمرار تراجع توظيف السعوديين في منشآت القطاع الخاص 3.4؛ أي مغادرة 60 ألف موظف وموظفة من السعوديين وظائفهم للربع الثالث من عام 2018، وسبق للنشرة ذاتها أن بينت أن هناك 70 ألف سعودي وسعودية خسروا وظائفهم خلال الربع الثاني من العام نفسه. وإجمالا، تشير الإحصائيات إلى أن عام 2018 شهد تراجع معدلات التوطين، ومغادرة 150 ألف مواطن ومواطنة لسوق العمل بنسبة تزيد على 7 في المائة من إجمالي القوة الوطنية لسوق العمل البالغة 1.71800 موظف وموظفة مقارنة بثمانية ملايين وافد. أما تحليل الأجور للشرائح المغادرة سوق العمل، فتصدرت شريحة الأجور ثلاثة آلاف ريال شهريا فما دون بـ 9.7 في المائة "من إجمالي المغادرين 81.9 ألف عامل وعاملة"، أما الشريحة الثانية من الأجور 3001 - 4999 ريالا شهريا، فسجلت مغادرة 3.8 ألف مواطن ومواطنة بنحو 1.0 في المائة. أما الداخلون إلى سوق العمل، فكان اللافت للنظر ارتفاع المستفيدين لوظائف شريحة الأجور 5000 إلى 9999 ريالا شهريا بـ4.0 في المائة؛ "أي أن هناك 13 ألف سعودي وسعودية تسلموا وظائفهم بهذه الرواتب"، وفيما يخص شريحة الأجور التي تزيد على عشرة آلاف ريال شهريا، فقد سجلت توظيف 12 ألف سعودي وسعودية بـ 5.5 في المائة. أما العمالة الوافدة، فقد سجلت انخفاضا بنحو 9 في المائة، وشهدت سوق العمل مغادرة 778 ألف وافد، بينهم 755 ألف عامل من ذوي الأجور المنخفضة، و14 ألف عامل من ذوي الأجور المتوسطة، و500 عامل فقط من ذوي الأجور المرتفعة. وقراءتي لهذه الأرقام تعطي لدي شخصيا انطباعا إيجابيا، بأن رحلة التصحيح الكبيرة لتشوهات سوق العمل قد بدأت، ونحتاج إلى مزيد من الصبر والتركيز لتكون النتائج كما نتمنى. فخروج الأعداد الكبيرة من السعوديين، الذين يعملون تحت شريحة ثلاثة آلاف ريال وأقل، من أهم الخطوات التصحيحية لعمليات التوظيف الوهمي، التي أغرقت سوق العمل، وقادتها مجموعة من المؤسسات الفردية، مستغلة ثغرات أنظمة نطاقات، التي كانت تركز على الكم وليس الكيف، وكذلك تعد تصحيحا لخروج كثير من مؤسسات التستر التجاري وغيرها من المؤسسات التي أغرقت السوق لأسباب غير تنافسية. ولو نظرنا إلى المؤسسات التي خرجت من السوق، وقارب عددها 5700 مؤسسة في النصف الأول من 2018 لتطابقت النتائج والمقارنات؛ حيث كانت هذه المؤسسات مخزنا للتوظيف الوهمي والعمالة الرخيصة التي أغرقت السوق. أما دخول السعوديين تحت شريحتي الأجور المتوسطة والعالية، وارتفاع النسبة خلال الربع الأخير، فهو أحد المؤشرات الإيجابية لرحلة التصحيح، والرغبة في تطبيق قرارات التوطين بشكل فعال في المستقبل. وحتى تتحقق النتائج بشكل أفضل، ما زالت شريحة الوظائف القيادية والوظائف المتوسطة في سوق العمل تحت سيطرة الوافدين، ولم تترك قرارات الرسوم المالية وقرارات التوطين أثرا واضحا، وأظن أن هذا يحتاج إلى مزيد من الدراسة، سواء بزيادة فرض الرسوم المالية على هذه النوعية من الوظائف، أو دراسة فرض ضريبة الدخل؛ لتحقيق مزيد من التوازن في سوق العمل.
إنشرها