Author

الجدوى الاستثمارية للسندات وقوتها الاقتصادية

|
تتزايد الثقة بأداء الاقتصاد السعودي على الصعيدين المحلي والعالمي. وتبدي الدول الكبرى أهمية بما يجري على الساحة الاقتصادية في المملكة، ولا سيما في ظل تنفيذ "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. وتدلل على ذلك شركاتها ومؤسساتها التي ترغب في الوصول إلى السوق السعودية في مجالات مختلفة. وهي متوافرة. وهذه الثقة العالمية الكبرى المتصاعدة دوما، سبقتها في الواقع الثقة المحلية بالاقتصاد السعودي، من خلال حصول القطاع الخاص على الفرص اللازمة له ليكون جزءا أصيلا من عملية التنمية. وانعكست هذه الثقة أيضا من خلال مشاريع سعودية وطنية كبرى، يمتلك القطاع الخاص فيها حصصا رئيسة. كما انعكست الثقة المحلية بالاقتصاد الوطني، عبر اهتمام المصارف المحلية بالسندات الحكومية. وهذا الاهتمام يعد من أفضل الإشارات على صحة المسار الاقتصادي، خصوصا أنها "أي المصارف" قلصت من استثماراتها في السندات العالمية، وضخت نسبة كبيرة من هذه الاستثمارات في السندات الحكومية المشار إليها. وهذا التحول "أو التكور" الاستثماري بدأ في الواقع في عام 2015، عندما أخذت المصارف السعودية في تقليص استثماراتها في الخارج، مقابل زيادتها في الداخل، عبر السندات الحكومية وغير الحكومية، حتى وصلت إلى أكثر من 296 مليار ريال في أيلول (سبتمبر) من هذا العام. وبهذه الوتيرة ارتفع رصيد المصارف السعودية من السندات الحكومية 244 في المائة، بينما تدل المؤشرات على أنها ماضية في تحولاتها هذه في الفترة المقبلة، استنادا إلى قوة الأداء الاقتصادي السعودي بشكل عام. واللافت أن هذه المصارف قلصت استثماراتها في الخارج بنسبة 44 في المائة، لتبلغ حاليا 98.9 مليار ريال. ولا شك في أن هذا الارتفاع الكبير في غضون ثلاث سنوات فقط، يدعم أيضا الحراك الاقتصادي الوطني، ويصب بشكل مباشر وغير مباشر في عملية البناء الاقتصادي المستمرة. فالأدوات المحلية تشكل داعما مهما لأي حراك اقتصادي، يضاف إلى ذلك أن القوانين واللوائح التي جاءت ضمن "رؤية المملكة" تشجع مثل هذا التوجه. والمراقب لعملية سير الاستثمارات في السندات الحكومية من قبل المصارف السعودية، يرى قفزات كبيرة، لكنها متوازنة كل عام من الأعوام الثلاثة الماضية. ففي عام واحد "مثلا" صعدت هذه الاستثمارات 26 في المائة، أو ما يعادل أكثر من 61 مليار ريال. وفي كل الأحوال، تسهم هذه التحولات في تكريس الثقة القوية بالاقتصاد السعودي، في حين تدعم التوجهات العالمية حيال هذا الاقتصاد الثقة من زاوية أخرى. كل هذا يأتي بعدما أقدمت الحكومة السعودية في عام 2015 على إصدار سنداتها وصكوكها المحلية والدولية، في إطار تمويل العجز الذي نتج آنذاك عن تراجع كبير جدا في أسعار النفط. فقد أثبتت التحركات فيما بعد، مدى جاذبية هذه السندات محليا وعالميا. وفي العامين المقبلين، ستشهد استثمارات المصارف السعودية في السندات الحكومية مزيدا من الارتفاع، ولا سيما أن الحكومة تتوقع أن يصل الدين العام في نهاية العام الجاري إلى 576 مليار ريال، وسيرتفع بنسبة 17.7 في المائة في العام المقبل، بينما تتوقع أن يبلغ في عام 2021 نحو 848 مليار ريال. أمام هذه التوقعات، يمكن التأكيد على أن الاستثمارات المحلية في السندات، ستحصل على حصتها اللازمة، خصوصا في ظل وجود جدوى استثمارية حقيقية فيها.
إنشرها