Author

مشروعات كبرى للاقتصاد المعرفي والتحولي

|

دشن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، أمس الأول، مشروعات الاقتصاد المعرفي في المملكة. وقد عرف الاقتصاد المعرفي بأنه منتجات وخدمات تعتمد على الأنشطة المستندة إلى المعرفة المعززة بها، الذي يسهم في تسريع التطور العلمي والتقني. وهناك من يربط بين الاقتصاد المعرفي وبيانات براءة الاختراع وارتباطها بالارتفاع المفاجئ في إنتاج المعرفة والتوسع في الصناعات الجديدة، وكذلك التطورات التكنولوجية ودورها في زيادة الإنتاجية، وبالتالي نمو الإنتاجية Productivity growth، بالتركيز على الصناعات المرتكزة على العلم Science-based industries ودورها في إحداث التغييرين الاقتصادي والاجتماعي. ولهذا، عندما دشن ولي العهد، سبعة مشروعات استراتيجية، في مجالات الطاقة المتجددة والذرية وتحلية المياه والطب الجيني وصناعة الطائرات، وحاضنات التقنية، فقد دشن مرحلة جديدة كاملة من الاقتصاد السعودي نحو اقتصاد معرفي حقيقي وليس مجرد تنظير وانتظار.
لقد كانت زيارة ولي العهد لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، لوضع حجر أساس المشروعات الاقتصادية الحديثة من مقارها، له دلالة واضحة جدا، وإن الاقتصاد المعرفي في المملكة قفز اليوم قفزة كبيرة، فهناك أول مفاعل للأبحاث النووية، ومركز لتطوير هياكل الطائرات، ومختبر وطني للجينوم البشري السعودي، الذي يوثق أول خريطة للصفات الوراثية للمجتمع السعودي، ويستهدف الكشف عن الطفرات الجينية المسببة للأمراض الوراثية، ومحطة لتحلية المياه المالحة بالطاقة الشمسية في الخفجي، تبلغ طاقتها 60 ألف متر مكعب يوميا، وخطان لإنتاج الألواح والخلايا الشمسية، ومختبر لفحص موثوقية الألواح الشمسية في العيينة، حاصل على متطلبات شهادة الآيزو 9001، وشهادات الهيئة الكهروفنية الدولية IEC المتعلقة بمطابقة المنتج للمعايير العالمية. وهذه المشروعات الاقتصادية لن تكون مجرد أبحاث ودراسات، بل إن هذا التدشين يعني أننا اليوم نتصل بعالم الاقتصاد المعرفي الإنتاجي productive بكل وضوح.
وفي التفصيل، نجد إنشاء أول مفاعل نووي بحثي في المملكة ليسهم في إنتاج وتأهيل وتطوير القوى البشرية والكفاءات البحثية المرتبطة بالعلوم والهندسة النووية وإجراء البحوث العلمية المتخصصة وتطوير الصناعة النووية ونقل تقنياتها، ما يدعم المشروع الوطني للطاقة الذرية في المملكة. ويأتي المختبر الوطني للجينوم البشري السعودي لفحص 100 ألف عينة، وتكوين قاعدة معلومات تمكن من التحول إلى عصر الطب الشخصي المبني على معلومات الجينوم، وقد تم تكوين فريق متخصص من أكثر من 150 طبيبا وعالما وفنيا، وتدريبهم في مجال دراسات الجينوم واستخداماته في الطب، وتم حتى الآن فحص أكثر من 35 ألف عينة من مختلف أنحاء المملكة وفك شفرتها الوراثية، وتم الكشف عما يقارب 15 ألف متغير وراثي مسبب للأمراض الوراثية، منها 500 متغير وراثي موجود حصريا في المجتمع السعودي، التي تعد سببا رئيسا في ارتفاع نسبة الوفيات والأمراض الوراثية في المواليد.
ومن أهم مشاريع الاقتصاد المعرفي، محطة تحلية المياه المالحة بالطاقة الشمسية في الخفجي، وهذا تطور معرفي تقني بختم "صنع في السعودية" فكرا وتنفيذا؛ حيث نفذت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مشروع تحلية المياه بخاصية التناضح العكسي بالطاقة الشمسية في مدينة الخفجي، الذي يتميز بمصدر الطاقة، هو الحقل الشمسي خلال ساعات النهار، وتوفير محطة تجريبية مطابقة تماما للمحطة الرئيسة، تتيح تطبيق أبحاث المدينة، وخفض استهلاك الطاقة الكهربائية إلى 3.6 كيلوواط للمتر المكعب مقارنة بحجم المحطة ودرجة ملوحة مياه البحر لمياه الخليج العربي، ومقارنة أيضا بجودة مياه الشرب المنتجة. هنا، عندما تتلاقح المعرفة مع التقنية لتعزيز النمو والإنتاج؛ حيث بدأ الإنتاج من المشروع في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، وتجاوز ما تم ضخه لمدينة الخفجي مليوني متر مكعب من المياه المحلاة، وفي المسار نفسه يأتي خط إنتاج الألواح والخلايا الشمسية ومعمل موثوقية اختبار الألواح الشمسية نتيجة أبحاث مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في مجال الطاقة الشمسية الكهروضوئية منذ عام 1979، وتم إنشاء أول مصنع آلي لإنتاج ألواح الطاقة الشمسية، كما تمت توسعته عام 2015 لتصبح قدرته الإنتاجية 100 ميجاواط سنويا.
وفي اقتصاد المعرفة، تأتي ريادة الأعمال كأحد أهم عناصر الاقتصاد المعرفي، وإدراكا من ولي العهد لذلك، فقد جاء تدشين هذه الحاضنات والمسرعات "برنامج بادر" في الدمام والقصيم والمدينة المنورة وأبها ضمن باكورة مشاريع الاقتصاد المعرفي، التي تمت الإشارة إليها، كما جاء مركز تطوير هياكل الطائرات في مطار الملك خالد الدولي في الرياض بإدارة سعودية بالكامل في جميع التخصصات المتعلقة بهذا المجال، ومنها هندسة الطيران والهندسة الميكانيكية والهندسة الكهربائية. وبهذه المشاريع المعرفية الكبرى، فإن المملكة تبعث رسالة واضحة للعالم حول التحولات الرئيسة التي يقودها الأمير محمد بن سلمان.
ومن المتوقع في هذه المشاريع والتحولات العميقة التي ستقودها، أن الترتيب الاقتصادي للمملكة في المؤشرات كافة، سيصبح أفضل وأقوى، وستكون المملكة فعلا رائد التحولات الاقتصادية في الشرق الأوسط.

إنشرها