Author

خامنئي .. بطل العالم بالأوهام

|
كاتب اقتصادي [email protected]
ينافس علي خامنئي مرشد نظام الإرهاب في إيران، شخصيات إيرانية حالية وسابقة وراحلة، في معدل الأوهام التي يعيشها. فكل هزيمة لبلاده سياسية كانت أم غير ذلك، يتعاطى معها كانتصار! وكل تراجع هو عند خامنئي قفزة إلى الأمام. كل خراب هو نهضة! وكل مأساة هي ابتهاج! إنه بحق بطل العالم في الأوهام والأحلام. ولم يتعلم هذا الإرهابي مما مر على بلاده من مآس كان سببها الوحيد هو ونظامه الذي يقوم على مبادئ العصابات. وفي كل يوم هناك مصيبة تحل على الإيرانيين، والسبب يبقى دائما خامنئي وعصاباته. لم ينصت ولا مرة واحدة إلى أنين شعب كان أول المظلومين على يديه، وعلى أيدي نظام الملالي بكل مراحله. بل لم يتعظ من الاحتجاجات والانتفاضات والمظاهرات التي هتفت علانية بموته وسقوطه. نظام هذا "المرشد" لم يستمع حتى إلى بعض الجهات التي حاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولا سيما الأوروبية منها. ولأنه مجبول بأوهام مروعة وأحلام بائسة، يتحدى وهو أضعف من أي يحمي نفسه، ويصيح بصوت عال لا يسمع إلا نفسه! ينشر الأكاذيب التي صارت منذ سنوات طويلة مصدرا للسخرية منه ومن نظامه. أول الساخرين هم الإيرانيون بالطبع، الشعب الذي فقد كل شيء تقريبا، وأول هذه الأشياء كرامته. شعب تتحول عملته الوطنية التي بين يديه إلى أوراق مطبوعة تخسر قيمتها بمعدلات خرافية! شعب صار يبحث عن الكهوف ليسكنها! شعب فقد حتى الأدوية الأساسية! شعب تتوالد فيه بطالة الشباب بسرعات خيالية! شعب يشهد توقف مصانع بلاده يوميا! شعب مصاب بنظام لا يستحقه بشر على وجه الأرض! شعب "يمول" حروبا تخريبية لا علاقة له بها. ورغم فداحة هذا المشهد ومأساويته، لا يتردد ذلك الخامنئي في القول، إنه ألحق الهزيمة بأمريكا، قول لا يستحق إلا قهقهة عالية طويلة، على واهم يعيش وحيدا في كوكب آخر يبعد آلاف السنوات الضوئية عن كوكبنا هذا. أمريكا التي ألحق خامنئي "الهزيمة" بها، أطلقت أمس الحزمة الثانية القوية الماحقة من العقوبات على النظام الإيراني، ولا أقول على الشعب الإيراني. لماذا؟ لأنها رغم ضرباتها الشديدة تصب في النهاية في مصلحة هذا الشعب، ولا سيما أن الولايات المتحدة لم تستهدف الإيرانيين مطلقا، بل تدعوهم إلى تغيير نظامهم كي يستعيدوا كرامتهم وعزتهم. فمن دون هذا النظام، يستطيع الإيرانيون أن يصنعوا مستقبلا يستحقونه، مستندين إلى ثروات حقيقية يمتلكونها. عليهم فقط الاهتمام بشؤونهم، وبناء علاقات طبيعية مع الجيران والعالم. عليهم أن ينعموا بمقدراتهم ويستثمروها من أجل حاضرهم ومستقبلهم. الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يظل واضحا بهذا الخصوص، إما أن يغير نظام الملالي سلوكاته، وإما ينتظر الكارثة. لا حلول وسطا بهذا الشأن. لماذا؟ لأن هذا النظام حصل بالفعل على عشرات الفرص الإقليمية والعالمية ليكون جزءا طبيعيا من المنظومة العالمية، وأن ينعم هو وبلاده باستقرار يحتاج إليه في عملية التنمية والبناء. ومن هنا، فإن الموجة الثانية الصاعقة من العقوبات الأمريكية ستضرب ركائز محورية في الاقتصاد الإيراني. وهذا الأخير فقد على مدى عقود هذا التوصيف؛ لأنه - ببساطة - يقبع تحت السيطرة الكاملة لخامنئي وعصاباته. لندع الحكومة الإيرانية جانبا، فهي صورة ضرورية لمشهد عبثي. إنها حكومة بلا سلطة، تضم وزراء بلا مسؤوليات حقيقية. وفي النهاية، لابد من الحكومة للتغطية. هذه هي أهميتها على أرض الواقع. عقوبات الأمس بدأت في الواقع بالضرب القوي حتى قبل أن تطلق على نظام خامنئي. فقد أسرعت بعض الدول إلى التوقف عن توقيع عقود لاستيراد النفط الإيراني، التزاما منها بالعقوبات، وحرصا على الرضا الأمريكي. ونظرا لوجود بعض التداخل، استثنت واشنطن ثماني دول من العقوبات، لكن بصورة مؤقتة حتى تتدبر أمرها؛ أي أن الولايات المتحدة لا ترغب في الضغط على حكومات ربما تتأثر لوهلة سلبا بهذه العقوبات. لكن النقطة الأهم هي أن إيران لن تستطيع تصدير نفطها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. فالرقابة الأمريكية في البحار تجري على مدار الساعة. لا تهريب وتصدير من الباطن؛ ما يعني أن الخنق المالي سيبلغ حدا فظيعا على رقبة نظام الخراب الإيراني. أما النقطة المهمة الأخرى، فهي تلك التي تتعلق بمنع طهران من التعاملات المالية العالمية بصورة تامة. فلا يحق لها شراء الدولار الأمريكي، ولا بيع أو شراء العملة الإيرانية الوطنية بكميات كبيرة، فضلا عن وقف توريد معدات أو مواد أولية للمصانع الإيرانية. إنها عقوبات لم يسبق لها مثيل بالفعل، كما أنها قضت نهائيا على الاتفاقيات التي تمت بين خامنئي وإدارة باراك أوباما. إنها مرحلة الخنق الاقتصادي المالي. والحل الوحيد لا يزال كما هو، على هذا النظام الإرهابي الطائفي أن يغير سلوكاته، وعلى الشعب الإيراني العمل على التخلص منه، لسبب واحد فقط، وهو أنه نظام ليس قابلا لإعادة التأهيل بأي شكل من الأشكال.
إنشرها