«رؤية 2030».. استثمارات استثنائية

يتذكر الجميع كيف بدأت الأفكار والنقاشات حول صندوق الاستثمارات العامة، وكيف وقف البعض منبهرا برغبة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وعزمه على إنشاء أكبر صندوق استثماري في العالم بحلول عام 2030. وقد كان للصندوق عديد من الصفقات، لعل أبرزها تلك التي أبرمها مع مجموعة سوفت بنك اليابانية، من خلال صفقة تدشين أكبر صندوق دولي سمي "رؤية سوفت بنك"، من أجل جمع ما قيمته 100 مليار دولار. وقد استثمر صندوق الاستثمارات العامة بما قيمته 45 مليار دولار في هذا الصندوق، واليوم استطاع هذا الصندوق العالمي جمع ما قيمته 93 مليارا فعلا وبمشاركة مؤسسات عالمية مرموقة ومشهود لها، وبدأ استثمارات عالمية من المتوقع أن تغير صورة العالم المعاصر وتقودنا نحو مرحلة عالمية جديدة من المنتجات التكنولوجية المذهلة. ورغم أن نتائج مثل هذه الاستثمارات الاستراتيجية قد لا تظهر سريعا، لكن هناك مؤشرات قوية جدا على النجاح الكبير، ومن أبرز تلك المؤشرات قدرة مجموعة سوفت بنك على أن تجمع مبلغ الـ 100 مليار دولار للاستثمار في التقنية الجديدة، كما يأتي المؤشر الثاني مع قفزة في أرباح الربع الثاني لمجموعة سوفت بنك نفسها بفضل تحسن تقييمات استثمارات صندوق الرؤية في التكنولوجيا الفائقة، حيث ارتفعت أرباح المجموعة من تموز (يوليو) حتى أيلول (سبتمبر) إلى 705.7 مليار ين (6.23 مليار دولار) مقارنة بـ 395.6 مليار ين قبل عام، وهذه قفزة عملاقة لا يمكن أن تحدث في عالم المحاسبة والمال ما لم يكن ذلك بفضل تقييمات جديدة وقوية للأصول والاستثمارات، وهذا هو المؤشر الثالث، فالعالم يثمن الاستثمارات في عالم التقنية الفائقة والتكنولوجيا. وهناك توقعات هائلة للقيمة في المستقبل، ومن المعروف اقتصاديا قدرة المنتجات التكنولوجية على تحقيق تراكم في القيمة سريع وهائل جدا. بالطبع، يجب ألا نهمل في هذه القراءة معلومة تغيير القواعد المحاسبية لمجموعة سوفت بنك كان لها أثر في تعديل رقم الأرباح، لكن نؤكد أن هذه التعديلات المحاسبية سببها هو التحول الرئيس في نتائج أعمال مجموع سوفت بنك بسبب المشاريع الاستراتيجية في الرؤية، وهنا نشير أيضا إلى التأثير القوى لمعالجة القيمة العادلة لمثل هذه الاستثمارات، التي تتبناها المعايير المحاسبية الدولية، حيث إن تقييمات الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا، مثل تطبيقات سيارات الأجرة على غرار "أوبر تكنولوجيز" ووحدة السيارات ذاتية القيادة في "جنرال موتورز"، قد أثرت بقيمتها العادلة الإيجابية في نتائج البنك بهذه القوة، وهذا أيضا مؤشر على أهمية هذه الاستثمارات الحديثة والجريئة وتأثيرها في المراكز المالية لجميع الصناديق المشاركة في "رؤية سوفت بنك"، من بينها بالطبع صندوق الاستثمارات العامة. لقد أطلقت المملكة مع صندوق "رؤية سوفت بنك" عدة مشاريع استثنائية في المملكة، خاصة في مشروع "نيوم"، حيث سيتم بناء أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، وبذلك فإن المملكة تحقق من هذا المشروع عدة مزايا، فهي سترفع من قيمة الاستثمارات ونتائج أعمال صندوق "رؤية سوفت بنك"، الذي تملك فيه حصة جوهرية، وأيضا تقوم بتنمية المملكة وتوفير فرص عمل في المستقبل من خلال نجاح مشروعات "نيوم"، كما أن صرامة العمل وتقييم الاستثمارات في "سوفت بنك" وتوقعها مع المملكة بشأن الطاقة الشمسية، تؤكد أن مشروع الطاقة سيكون ناجحا بكل المقاييس. وهكذا تتم قراءة النجاح وهكذا هي الشجاعة في الاستثمارات، فمن كان يقرأ عن "سوفت بنك" ورؤيته، وعن شجاعة الأمير محمد بن سلمان في الاستثمار فيه، يشعر الآن بمزيد من الفخر والاعتزاز، خاصة ما يتمتع به هذا التقرير من قوة وحيادية للدلالة على الرغبة الصادقة لدى ولي العهد في التوجه الجاد نحو آفاق جديدة وواعدة وتوطين التقنيات المتقدمة، وأن نضع قدما في المستقبل نزاحم بها الدول المتقدمة بدلا من أن نقف مع المنبهرين.