Author

كنوز حفرة الآثار

|
الذي حدث، خلال سنيات قصيرة، أننا استعدنا وعينا في أمور لم تكن تحظى باهتمام. من هذه الأمور، أننا تصالحنا مع تراثنا الوطني والعمراني ومع آثارنا. وتنبهنا إلى أهمية ثرائنا الحضاري. بل وأصبحنا نتباهى به. لقد صار وعينا واعتزازنا بالمحتوى المحلي أكبر. التصالح مع الآثار قصة تحكي جهدا وشغفا، وقد أخذت مسارات مجتمعية ومؤسسية. ويمكن تلخيص جزء من هذه القصة في عبارة يرددها الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، دوما، وهي: إخراج قضية الآثار من حفرة الآثار. وفي كتاب "البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية: من تشكيل المفهوم إلى تعزيز الانتماء"، الذي ألفه الأمير سلطان مع الدكتور علي الغبان، إشارات مهمة ومعلومات ثرية. إذ يشيد الكتاب بدور علماء الآثار في البحث والتنقيب، لكن الأمير سلطان يرى أن حصر هذا الأمر في دائرة المختصين فقط لم يكن يخدم قضية الآثار. ومن هنا، حرص على تكريس فكرة تقاسم المعرفة الأثرية والتراثية مع الشركاء، بما في ذلك المواطنون. هكذا بدأت المسيرة. وأخذ الوعي بأهمية الآثار والتراث الحضاري يتشكل، وصار علماء الدين يدعمون هذا التوجه. صحيح أن زوار المتاحف من المواطنين لا يزال عددهم أقل من المأمول، لكن هناك جهد يتواصل عبر برامج عدة، من بينها "عيش السعودية" الموجه لطلاب المملكة. ولهذا، فإن الوعي بأهمية الآثار وإعادة القطع الأثرية يتزايد بشكل مطرد، وأصبح للمواطنين مبادراتهم الفردية بإنشاء المتاحف الخاصة، وظهر في مواقع التواصل الاجتماعي أفراد يهتمون برصد الآثار والتنويه عنها باعتبارها جزءا من ذاكرة الوطن الحضارية. والحكومة تضخ مليارات لبناء المتاحف وتطوير المواقع الأثرية والتراثية والاستثمار فيها، مثل العلا والدرعية وجدة التاريخية ورسوم حائل الصخرية... إلى آخره. الصورة قبل نحو عشرة أعوام لم تكن مشرقة كما هو حالها الآن.
إنشرها