Author

نمو الاقتصاد السعودي .. استراتيجية متوازنة

|
تتواصل مسيرة النمو للاقتصاد السعودي، مستندة إلى أسس قوية، ومخططات مساندة. وفي السنوات القليلة الماضية حقق الاقتصاد نموا مطردا، حتى في الأوقات التي شهدت انهيارا حقيقيا لأسعار النفط في الأسواق العالمية. ولكن هذا النمو واصل الارتفاع والتماسك في أعقاب إطلاق "رؤية المملكة 2030" التي وفرت في الواقع سلسلة من المشاريع المتنوعة في كل القطاعات، ولا سيما أنها تهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد الوطني السعودي على أسس عملية ومستدامة ومتنوعة، كما أنها حققت قفزات نوعية في العامين الماضيين، خصوصا مع بدء انتهاء بعض المشاريع، وطرح أخرى جديدة. فالنمو في المملكة يستند بالدرجة الأولى إلى الحراك الاقتصادي الاستراتيجي الراهن، الذي أثبت قوته في الفترة الماضية، القوة التي عكستها في الواقع تقديرات مؤسسات اقتصادية دولية بصورة إيجابية. متوسط نمو الاقتصاد السعودي بلغ 3.8 في المائة خلال السنوات السبع الماضية. وفي الربعين الأول والثاني من العام الجاري بلغ 1.2 و1.6 في المائة. فقد نما الاقتصاد السعودي بالفعل بأسرع وتيرة في الربع الثاني من العام الحالي. علما بأن هذه الوتيرة لم تظهر على الساحة منذ عام 2016. المهم أن المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان، إضافة إلى مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني، أجمعت في توقعاتها على ارتفاع النمو الاقتصادي السعودي للعامين الجاري والمقبل. وهذه التوقعات تأتي في وقت أكدت فيه المؤسسات نفسها استقرار النمو في بلدان متقدمة كبرى، بل تراجعه في كثير من البلدان التي كان فيها النمو يرتفع بصورة متسارعة. ولا شك في أن الاستراتيجية الاقتصادية تسهم في إيجاد هذا النمو، مع الأخذ في الحسبان، الجوانب الخاصة بتنويع مصادر الدخل، التي أسهمت في الميزانيتين العامتين السابقتين بمستويات مرتفعة، وتشهد ارتفاعا مطردا أيضا. يضاف إلى ذلك بالطبع ارتفاع حجم الإنفاق العام التنموي وليس الاستهلاكي، ما عزز وتيرة النمو، ومتانة الاقتصاد الوطني بشكل عام. وتظهر أرقام النمو الاقتصادي، أن إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني تمضي قدما بالصورة الأمثل، مع حرص القيادة في البلاد على تحقيق الأهداف في الأزمنة المحددة لها وبأعلى معايير ممكنة. وعلى هذا الأساس، تأتي توقعات مؤسسات عالمية كبرى للنمو في المملكة، وهي تستند "بحسب المؤسسات نفسها" إلى الأرقام الحقيقية للحراك الاقتصادي السعودي الشامل. ووفق المشهد العام، فقد توقع "صندوق النقد" أن تستمر وتيرة الصعود إلى 2.4 في العام المقبل، وهي نسبة مرتفعة بالفعل، بينما يتحدث البنك الدولي عن وصول النمو في العام 2020 إلى 2.3 في المائة، وهي أيضا نسبة جدية. ولكن في النهاية، سيكون النمو المشار إليه مضمونا استنادا إلى الحراك الاقتصادي الشامل. ولابد من الإشارة هنا، إلى توقعات بأن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 2.93 تريليون ريال في العام الجاري، ثم 3.14 تريليون ريال في العام المقبل. وهي نسب عالية بالفعل، مع ضرورة الإشارة إلى أن الميزانية العامة المقبلة قفزت فوق تريليون ريال، ومن المتوقع أن تواصل ارتفاعها في السنوات القليلة المقبلة، مستندة إلى الإنفاق الاستراتيجي العام. وفي النهاية، يبقى الارتفاع في القطاعات غير النفطية نقطة تحول أساسية، مع الارتفاع أيضا في الإنتاج النفطي. إنها عملية استراتيجية متوازنة.
إنشرها