Author

عذرا الرقم السحري 935 ليس سحريا بما يكفي

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى
قبل عدة أشهر، كتبت مقالا بعنوان "الرقم السحري 935 كن على بينة"، وقلت فيه ما كنت مقتنعا به آنذاك، كما تلقيت رسائل عدة بعد نشر المقال، ولا تتفق معي بشأن الرقم 935، لعل أهمها هي هذه الرسالة التي وصلتني بعد المقال مباشرة: "بعد التحية وبخصوص مقالك الرقم السحري. تواصلت مع حماية المستهلك بخصوص مطالبة، ولم أجد أي تجاوب، وأيضا أي خبرة تواصل من الموظفة. وهناك ملاحظة أنه ليس لهم أي وسيلة تواصل كتابيه إلا في "تويتر". وليس لدي حساب "تويتر". وأغلب المستهلكين ليست لديهم حسابات "تويتر"، وهذا خلل كبير في التواصل، وأبلغتهم بذلك. وأيضا وعدوني بالتواصل ولم يتواصلوا. الحقيقة أن من يجرب بعد اقتناعه بمقالكم يفقد الثقة، ليس بالجهة فحسب، لكن عفوا أيضا الثقة بالكاتب رغم علمي باهتمامكم وحسن قصدكم. وأخيرا، أرجو أن تتم الاستفادة من رسالتي هذه للإصلاح الحقيقي، وليس الدعاية والتلميع فقط لخدمات نصاب بالصدمة عندما نجربها" انتهى. وأنا هنا أعرض الرسالة بكل صدق وأمانة كما وصلتني القسوة الظاهرة فيها؛ لأنني وعدت المرسل بذلك، لكن بعد أن أقيم تجربتي الشخصية مع الرقم، وللحقيقة فإن تواصل الموظفة المسؤولة عن الرد على الرقم 935 كان جيدا، وفعلا تم إرسال طلبي إلى الجهة التي ردت بقبول الطلب فورا وفي اليوم التالي، لكن ولعدة أشهر مضت لم أسمع شيئا منهم، وقبل عدة أيام فقط وصلني الرد أن الشركة التي تقدمت بالشكوى ضدها، "لا تعمل في المملكة"، وبهذا تم إغلاق الشكوى، هكذا ببساطة. إذن فالرقم سحري هو كذلك بقدر ما يوجهك إلى الجهة المختصة فورا، لكن يبقى سحريا إلى حد ما بقدر تفاعل الجهة التي سيتم التوجيه إليها، ولن يغير واقع الرقم شيئا من حقيقة تعامل شركات القطاع الخاص معنا، وهكذا تبقى الحقائق بين بلاغات وجهات تستقبل البلاغ ثم ترد بعد فترة تطول أو تقصر بلا حل جذري للمشكلة، وهذا يذكرني بمشكلة أخرى تطفو على السطح، وهي تسابق الجهات الحكومية على نشر رقم البلاغات، وتتسابق على نشر عدد البلاغات التي تستقبلها ونمو عددها، وكأنه إنجاز ومؤشر أداء، لكن كم من هذه البلاغات تمت معالجته، لا أحد يخبرك، وقد لن. الرقم 935 لا بأس به، فهو يضيف رقما إلى أرقام رفع البلاغات، لكن المشكلة الحقيقية كامنة في عدم حل المشاكل القائمة، وهذا يمكن تشبيهه بمن يستخدم جوال آيفون بمبلغ أربعة آلاف ريال، وآخر يستخدم جوالا بمبلغ 200 ريال، وكلاهما يتصل على الرقم نفسه الذي لا يرد، والمسألة لن تختلف سواء اتصلت من رقم 935 أو من رقم البلاغات في المؤسسة والوزارة، أو حتى ذهبت بنفسك لرفع الشكوى، الإنجاز سيظل محصورا في نوعية الحل الذي ستحصل عليه. وفي المقال السابق، تحدثت عن شركات الحجز عن طريق التطبيقات الإلكترونية، ومن المدهش حقا أن تجد شركة تقوم بالحجز في الفنادق السعودية، ونقوم نحن بتحويل مبالغ مباشرة من حساباتنا المصرفية السعودية لها، وهي تقوم بتحويل المبالغ إلى الفنادق السعودية، كما أن لها رقم بلاغات خاصا برقم سعودي وداخل المملكة، ثم تجيبك الجهة عن الشكوى أن هذه الشركة "لا تعمل في المملكة". إذن؛ فمن كان يعمل معي؟ ومع من تعمل الفنادق السعودية وتتلقى الحجوزات وتستقبل الأموال؟ وهنا لا يمكن قياس حجم المخاطر التي قد نتكبدها ونحن نتعامل مع هذه المواقع الإلكترونية، التي يمكنها التنصل بسهولة من شكوى العملاء إذا لم تناسبهم، وإذا كانت مثل هذه المواقع تتوسع وتشمل اليوم نقل أبنائنا وبناتنا، فإن من السهولة بمكان عند حدوث المشاكل أن يقال إنه ليس للشركة مقر في المملكة، وأنا أقول مع هذا الوضع القانوني فلن يكون لها، ذلك أنه من السهل عليها أن تبقى في عالم الفضاء الإلكتروني، وتعمل دون أن تعاقب أو ترفع عليها الشكوى. وإذا وضعنا كل ذلك جانبا، فإن سؤالا اقتصاديا ملحا، وهو يخص الضرائب على الدخل الناتج لهذه الشركات والتطبيقات من أعمالها في المملكة، فإذا كانت الشركة صاحبة التطبيق تحصل منا على مبالغ طائلة، وتدفع جزءا منها إلى الفنادق السعودية أو غيرها، وهي تتحصل على الأرباح من جراء تلك العملية، ونحن نقوم بالدفع بالريـال السعودي، فهل هذه الشركات لا تدفع ضريبة على هذا الدخل، أم يقال أيضا إنها لا تعمل في المملكة؟ وإذا كانت تدفع ضريبة، فلماذا تتنصل من مقابلة استحقاقات العملاء، خاصة أن لديها سجلا ضريبيا في المملكة؟ أضع هذه الحقائق كما هي، وأعتذر للقارئ الكريم عن مقالي السابق. ولكم الشكر.
إنشرها