Author

البعد الإنساني .. استراتيجية سعودية للخير

|
يندرج قرار الحكومة السعودية بإعفاء عدد من الدول أكثر من ستة مليارات دولار، ديونا مستحقة للمملكة، يندرج في إطار السياسة الاستراتيجية القديمة المتجددة التي تتبعها السعودية في هذا المجال. فقد وضعت القيادة السعودية مسألة مساعدة البلدان الأقل نموا، أو تلك التي تعاني أزمات اقتصادية كبيرة، ضمن أولوياتها الاستراتيجية. وهي بذلك تنطلق من عدة مبادئ، في مقدمتها المعايير الإنسانية التي تستند إليها في كل شيء، وكذلك نقل الدول من أوضاع سيئة إلى حالات أفضل، وتوفير ما أمكن من تنمية في هذا البلد أو ذاك، الذي يستحق بالفعل المساعدة، والقيام بدورها كقوة إقليمية وعالمية على صعيد توفير المساعدات والمعونات اللازمة. وعلى هذا الأساس، تخصص جزءا من موازناتها العامة كل عام لهذا البند الإنساني الحضاري العظيم. ومنذ سنوات، اتخذت المملكة سلسلة من الإجراءات لتطوير آليات مساعداتها للبلدان الفقيرة، وعلى رأس هذه الآليات تحويل المساعدات إلى محركات للتنمية، لأنها بذلك تؤسس لقاعدة تنموية سليمة تسهم في دفع البلد المعني إلى الأمام. والقيادة السعودية وجدت أهمية كبيرة لما يمكن وصفه بـ "المساعدات التنموية"، التي أظهرت فروقات حقيقية بالفعل في البلدان المستهدفة طوال السنوات الماضية. دون أن ننسى – بالطبع - التدخل المالي الفوري للسعودية لإنقاذ حالة طوارئ اقتصادية في هذا البلد أو ذاك، ولا سيما في البلدان العربية والإسلامية. وهذا التدخل بطبيعته يوقف تداعيات خطيرة قد تنتشر في الأرجاء. ومن هنا، يمكن القول، إن تطور مساعدات المملكة أسهم في الواقع في تعزيز التنمية للبلدان المتلقية للمساعدات، وهذا هو المطلوب وطنيا وعالميا أيضا. في غضون 25 عاما قدمت السعودية أكثر من 269 مليار ريال، كقروض ومساعدات للدول المحتاجة، ومع إضافة الديون الأخيرة التي تم إلغاؤها من قبل الرياض، فإن الأموال التي دفعتها المملكة لهذه البلدان نحو 291.5 مليار ريال. وقد سجلت السنوات المتتالية، كيف أن حجم هذه المساعدات على اختلاف أهدافها يرتفع من عام إلى آخر. والأهم أنها مساعدات تستحقها البلدان التي تصلها، دون أي اعتبارات أو مقابل تنتظره السعودية من ذلك. إنها لا تنتظر إلا رضا الله - عز وجل - على أعمالها الإنسانية، ولا تبتغي أجرا ولا منة. وفي هذا العالم، وجدنا مساعدات كثيرة من دول إلى أخرى مشروطة أو بمقابل ما. إن إلغاء ستة مليارات دولار من ديون البلدان الفقيرة، هو بالفعل خطوة طبيعية ضمن السياسة السعودية العامة. علما بأن المملكة توفر مساعدات ومعونات متنوعة، سواء بشكل مباشر، أو عبر منظمات عالمية معروفة، أو ضمن جمعيات ومؤسسات تابعة للأمم المتحدة. وهذه الأموال التي تنفق لا تدخل في الواقع ضمن المساعدات التنموية والاقتصادية المباشرة. ولذلك، فإنه بين العامين 1993 و2017، بلغ إجمالي المساعدات الخارجية التي قدمتها السعودية أكثر من 320 مليار ريال. يضاف إلى ذلك المبادرات التي تطلقها بين الحين والآخر لدعم البلدان المحتاجة. ليست هناك حدود معينة للتوجهات الإنسانية السعودية نحو الأشقاء والأصدقاء. وكل المعايير التي تتبعها الرياض، تبقى كما هي استراتيجية الخير، التي تستهدف بالدرجة الأولى مرضاة الله -عز وجل- إنها العائد الأعظم.
إنشرها