Author

قاهرو الروتين ... قادة المستقبل

|
يحسب للقائد أنه بعيد عن التمسك بالروتين والعلاقات الإدارية التي تحكمها الرتابة، هنا تبدأ رحلة مهمة من التقارب بين الإبداع والقيادة. الذين يتمسكون بحرفية البيروقراطية والتسلسل المتوارث هم أقلية في المواقع العليا في كثير من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص. هؤلاء يعرفون أن واحدا زائد واحد يساوي اثنين، ولا يمكن أن يحيد تفكيرهم للبحث في أساليب تغيير هذه المعادلة الواضحة السهلة. الفكر الذي توارث أسلوب العمل، والعلاقات الوظيفية لعقود في أغلب المنشآت يرى أن ما فعلناه بالأمس هو الصحيح، وأن أي شيء نقوم به بشكل مختلف سيجلب المشاكل أولا ثم سيحولنا إلى فقدان المكاسب التي حققناها باتباع النظرية العتيقة التي – غالبا – ثبتت صحتها. أرى في عيون القارئ نظريات التغيير ومقاومته التي نعلم أنها أساس من أسس التعامل مع البشر، وتزداد صعوبته كلما ارتفع الناس في السلم الوظيفي أو حتى في المستوى الأكاديمي، ذلك أنه عندما تتشبع العقول بنجاح أمر معين وصحته، فمن الصعب أن نقنعها بغيره، وهو ما يؤرق كل من يمتهنون وظيفة إدخال الجديد على المنظومات وأغلبهم ممثل في مديري المشاريع التطويرية الذين يعانون في الغالب الوحدة والرفض ليس لأنهم أتوا بمصيبة أو ارتكبوا خطأ، وإنما لأنهم يحملون في برامجهم بذور تغيير المألوف. أفضل الأمثلة التي أستخدمها للتدليل على مقاومة التغيير هي بكاء الطفل وهو يخرج من رحم أمه، رغم أنه يرى النور وابتسامات الناس ويستطيع التنفس بقدرته الذاتية، إلا أنه لم يتعود على الجديد الذي سيصبح فراقه أكبر مؤرق له عندما يصبح متعودا عليه، وتلك قصة الحياة باختصار. القدرات الشخصية التي يكونها الأفراد المميزون التي تتعلق بمحاولة الدخول على خط المألوف ومحاولة تغييره لجعل حياة الناس أفضل، ولتمكين المنظومة ككل من الأداء والحركة والنمو بطريقة مختلفة، هو ما يجعلهم مميزين ويلزم القائد باكتشافهم ودعم تميزهم واختلافهم. أغلب الرؤساء يجد صعوبة مع هؤلاء، ليس لأنهم سيئون وإنما لأنهم مختلفون. هذا الاختلاف الذي يجب أن نقف عنده ونراقبه وندفع به نحو الوجهة الصحيحة، هو ما ينتج الفرق في مستقبل الشخص والمنظومة ككل، حيث نكتشف القادة ونميزهم وندفع بهم للأمام.
إنشرها