FINANCIAL TIMES

صناعة سلع الاستهلاك تغيّر الاتجاه .. تحت ضغط التكاليف

صناعة سلع الاستهلاك تغيّر الاتجاه .. تحت ضغط التكاليف

بدأت شركات السلع الاستهلاكية الكبيرة في العالم برفع الأسعار على كل شيء من الصابون إلى الحساء، في الوقت الذي انتشر فيه ارتفاع تكاليف المواد الخام عبر سلاسل التوريد إلى رفوف المتاجر الكبيرة.
قائمة الشركات تشمل بروكتر أند جامبل في الولايات المتحدة ويونيلفر في أوروبا، فالشركتان قد أخطرتا المتسوقين بأن يتوقعوا ارتفاع الرسوم عند الخروج، علاوة على عدد من المجموعات الرائدة الأخرى التي تشمل لوريال، ريكيت بينكيسر، وكيلوج، يمكن أن تعمق من هذا الاتجاه عند الإبلاغ عن أرباحها الأسبوع المقبل.
هذا تغيير ملحوظ عما كان في وقت سابق من هذا العام، عندما اضطرت شركة بروكتر آند جامبل إلى خفض أسعار شفرات الحلاقة جيليتن، واضطرت "نستله" إلى سحب منتجاتها من الشكولاتة والقهوة ومجموعة واسعة من المنتجات الأخرى، أثناء خلاف مع متاجر التجزئة الفرنسية والبلجيكية على السعر.
"التضخم ينمو وهو هنا ليبقى"، كما قالت سيسيل كابانيس، كبيرة الإداريين الماليين في شركة دانون، في اجتماع للمستثمرين هذا الأسبوع. وقالت إن الشركة القائمة في باريس، التي تملك علامات تجارية تشمل مياه إيفيان وألبان أكتيفيا، تستعد للقيام "بزيادات أسعار مستهدفة".
استعداد الصناعة الجديد لجعل منتجاتها أكثر تكلفة في عدد من الأسواق، هو أحدث علامة على أن التضخم العالمي الخامد منذ فترة طويلة بدأ ينشط، ما يهدد بوضع ضغوط إضافية على الموارد المالية للأسر.
كما قدم أيضا بعض الطمأنينة للمستثمرين في شركات السلع الاستهلاكية، حيث إن صراع الصناعة المطول من أجل زيادة الأسعار، كان قد أثار المخاوف من أن هناك شيئا أساسيا بشأن نموذج الأعمال مصاب بالاختلال.
يأتي القرار بزيادة الأسعار في الوقت الذي انخفضت فيه أسهم شركات هيرشي وكولجيت - بالموليف، على التوالي، على خلفية النتائج المخيبة للآمال وتراجع هوامش الأرباح.
هناك، بالطبع، خطر أن تؤدي زيادة الأسعار إلى تحول المتسوقين إلى علامات تجارية مماثلة أرخص أو علامات تجارية خاصة بالمتاجر التي تبيع المنتجات، ما يؤدي إلى انخفاض أحجام المبيعات أو تضرر هوامش الأرباح.
يأتي الارتفاع المؤقت للأسعار في الوقت الذي يحاول فيه المستثمرون تحديد ما إذا كان قطاع السلع الاستهلاكية، يمكن أن يكون ملاذا في الأسواق المالية الأكثر تقلبا.
ارتفع مؤشر مورجان ستانلي لقطاع السلع الاستهلاكية العالمية بنسبة 3 في المائة منذ أن أظهرت أرباح الكثير من الشركات الرائدة اتجاهات أقوى من حيث التسعير – حيث استعادت نحو نصف انخفاضها السابق لهذا العام.
مع ذلك، كي تتحسن المعنويات فعلا، يحتاج المستثمرون إلى رؤية المزيد من الأدلة التي تفيد بأن الصناعة تتغلب على تحدياتها الهيكلية.
جيمس تارجيت، المحلل في وكالة بيرينبرج، قال إنه في حين أن تحسينات الأسعار المعلنة هي بشرى سارة، إلا أن من السابق لأوانه الاحتفال. "كون اتجاه التسعير طويل الأجل صعبا، لم يختف فجأة".
تراوح المخاوف بين تفضيل جيل الألفية للمنتجات البديلة من الشركات الناشئة المحلية إلى ضعف التلفزيون، باعتباره وسيلة تسويق للسوق العامة لبناء العلامات التجارية. النسخ الجديدة والمحسنة من المنتجات المعروفة مثل صابون دوف، ليست لديها الجاذبية نفسها.
كذلك، فإن متاجر التجزئة مترددة أيضا في تمرير ارتفاع التكاليف إلى الزبائن، لأنها تشعر بالقلق من المنافسة من شركات من شاكلة أمازون وسلاسل متاجر الخصومات مثل ألدي وليدل.
مثل هذه المخاوف لم تختف، لكن الآن وقد بدأت تكاليف المدخلات وحركات العملات الأجنبية بالتأثير فعلا، فقد أظهرت الكثير من شركات السلع الاستهلاكية رغبة في تمرير بعض الألم على الأقل إلى المستهلكين.
شركة بروكتر أند جامبل، التي تشمل علاماتها التجارية على "بامبرز" و"تامباكس" و"فيري ليكويد"، قالت إنها تعتزم رفع الأسعار على مجموعة من منتجات الرعاية المنزلية، ورعاية الفم والأسنان والرعاية الشخصية في الولايات المتحدة بنسب تتراوح بين 5 في المائة و10 في المائة.
رفعت "نستله" أسعار المياه المعبأة في البلاد لعكس ارتفاع تكاليف التغليف والنقل.
حتى الآن في الولايات المتحدة، كانت المواد اليومية تصبح أكثر تكلفة بشكل متواضع. مجموعة محدودة من السلع الأمريكية، بما في ذلك ورق المطابخ، والورق المشمع وحاملة الأطفال، ارتفعت أسعارها أكثر من 5 في المائة خلال العام الماضي، وذلك وفقا لبيانات شركة نيلسين.
على مجموعة أوسع من المنتجات، من منظفات المطابخ والأغطية البلاستيكية إلى منعم الأنسجة والمبيض، ارتفعت بأقل من 3 في المائة. حتى إن بعض المواد، بما في ذلك فلاتر الشاي ومستلزمات الكوي والمناديل، أصبحت أرخص.
لا تزال الشركات أيضا تشعر بالحاجة إلى توفير خصومات واسعة النطاق. على سبيل المثال، تظهر أرقام نيلسين أنه تم بيع أكثر من ربع منظفات غسالات الصحون، والفوط الصحية ومناديل الأطفال المعطرة في العام الماضي من خلال العروض.
مع ذلك، قال تنفيذيون للمنتجات الاستهلاكية إن معظم زيادات الأسعار التي أعلنوا عنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن.
قال جون مولر، كبير الإداريين الماليين في "بروكتر أند جامبل": "التسعير الذي نحن بحاجة إلى تنفيذه لتعويض تكلفة السلع وأسعار العملات الأجنبية ليس في السوق اليوم إلى حد كبير – لا يوجد منه على الرفوف سوى أقل القليل".
يدرك التنفيذيون أن ارتفاع الأسعار المرتقب يمكن أن يؤدي إلى تراجع الطلب. على الرغم من أن شركة بروكتر أند جامبل حققت أرباحا أفضل من الأرباح الربعية المتوقعة، إلا أنها لم تصل إلى حد التباهي بالأهداف المالية للعام بالكامل.
أضاف مولر: "ينبغي أن يتحول التسعير تدريجيا إلى أكثر إيجابية مع مرور العام، لكن هذا سيزيد من عوامل اللبس والتقلبات بشأن الحجم".
قال بول مورجان، خبير الاستراتيجية في "نيلسين"، إن العوامل التي تؤثر على قدرة الشركة على زيادة الأسعار لمنتج معين تشتمل على مدى تكرار شرائها وقوة العلامة التجارية.
وأضاف: "الراحة هي عامل ضخم"، مشيرا إلى أن المستهلكين مستعدون بشكل متزايد لدفع مبلغ إضافي لتوفير الوقت.
من المرجح ألا يؤدي ارتفاع الأسعار إلى أرباح أكثر، بالنظر إلى ارتفاع تكاليف المواد الخام. في الواقع، أشار تارجيت إلى أن الشركات كانت أيضا "تخفض التكاليف في كل المجالات، لأنها لا تستطيع الاعتماد على التسعير وحده" لتعويض النفقات العامة المتصاعدة.
الشركات بحاجة إلى أن تتعامل مع ارتفاع تكلفة النفط، وهو مكون رئيسي في التغليف البلاستيكي فضلا عن محرك تكاليف النقل. الدولار القوي، الذي يتم فيه تسعير الكثير من السلع الأساسية، يترجم أيضا إلى تكاليف مدخلات مرتفعة.
انخفضت أسهم هيرشي بنسبة 5 في المائة بعد أن أثر ارتفاع تكاليف الشحن والمدخلات على هوامش الربح في شركة الحلويات. وهي تعتزم رفع أسعار نحو خمس محفظة منتجاتها.
انخفضت أسهم شركة كولجيت-بالموليف بنسبة 6 في المائة بعد أن كشفت أكبر شركة لصناعة معاجين الأسنان في العالم عن انخفاض في مبيعاتها العضوية – وهو أول انخفاض لها منذ عقد من الزمن، وذلك وفقا لوكالة بلومبيرج.
ارتفعت الأسعار بنسبة 1 في المائة في الربع غير أن أسعار العملات الأجنبية وارتفاع تكاليف المواد الخام ومواد التغليف أثرت على الأرباح. إيان كوك، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، قال إن هذا الربع "ربع صعب".
قال جيكوب جامرمان، المحلل في شركة إدارة الأصول نويبيرجر بيرمان: "نحن لا نرى مستوى نمو الأرباح الذي نرغب برؤيته"، مضيفا أن الأمر قد يتطلب من أربعة إلى ستة أشهر قبل أن يصبح رد فعل المستهلكين على زيادة الأسعار واضحا.
"التسعير – ووفورات التكاليف – يحاولان الوصول إلى نفس مستوى الآخر".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES