FINANCIAL TIMES

زعيما اليابان والصين يدشنان عصر «الوفاق الأصفر»

زعيما اليابان والصين يدشنان عصر «الوفاق الأصفر»

سيصل شينزو آبي إلى بكين من أجل اجتماع مع الرئيس تشي جين بينج ورئيس الوزراء لي كيكيانج، فيما يعد أن يكون علاقة أكثر دفئا من رحلته الأخيرة إلى العاصمة الصينية قبل أربعة أعوام.
زيارة آبي هي أول زيارة ثنائية رسمية من قبل رئيس وزراء ياباني إلى بكين منذ اندلاع الأزمة حول جزر سينكاكو، المعروفة في الصين باسم دياويوتاي، في عام 2012. الرئيس تشي استقبل آبي على مضض على هامش قمة أبيك في بكين في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2014، في اللقاء الذي اشتهر بالوجه المكتئب والمصافحة المترددة من قبل الزعيمين.
اجتماع هذا الأسبوع بين الرجلين يمثل المرحلة قبل الأخيرة في سعي آبي الطويل لتطبيع العلاقات مع الصين، التي قد تتوج بزيارة إياب إلى اليابان من قبل الرئيس تشي العام المقبل.
استفاد رئيس الوزراء الياباني من مخاوف بكين من العزلة الدولية في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بتصعيد حربه التجارية، وكذلك رغبته في تعزيز الاستثمار الياباني مع تباطؤ النمو الاقتصادي.
الاستثمارات اليابانية في الصين تراجعت في الأعوام 2013-2015 قبل أن تستقر في عام 2016 وتزيد بنسبة 5.1 في المائة العام الماضي، وذلك وفقا لوزارة التجارة الصينية.
كما أن الصين هي أيضا أكبر شريك تجاري لليابان مع تجارة ثنائية تصل إلى 300 مليار دولار سنويا، مقارنة بـ200 مليار دولار بين اليابان والولايات المتحدة.
شي ينهونج، خبير الشؤون الخارجية في جامعة رنمين في بكين، قال إن الرئيس تشي أدرك أنه بحاجة إلى "تغيير علاقات الصين مع البلدان المحيطة، التي بشكل عام لم تكن جيدة". وأضاف الأستاذ شي أن التوترات المتزايدة مع الولايات المتحدة تمنح "العلاقة الدافئة بين الصين واليابان أهمية استراتيجية إضافية".
تصميم زيارة آبي سيكون على الملأ ويتخذ مظهرا وديا. هناك حفل ترحيبي من المقرر أن يقام في ميدان تيانانمين، وسيلتقي آبي بطلاب في جامعة بكين، وسيقدم رئيس الوزراء لي والرئيس تشي مأدبتي عشاء لرئيس الوزراء في أمسيتين متتاليتين.
قال أحد المسؤولين اليابانيين: "نحن لا نريد أن نرى المشاكل التجارية بين الولايات المتحدة والصين تلحق الضرر بالاقتصاد الدولي"، مضيفا أن العلاقات الثنائية بين ثاني وثالث أكبر اقتصادات في العالم "تعود إلى مسار طبيعي" في الوقت الذي يستعد فيه آبي، والرئيس تشي ورئيس الوزراء لي لاجتماعات هذا الأسبوع. من المتوقع أن تركز محادثاتهم على قضايا التجارة والاستثمار فضلا عن كوريا الشمالية.
التحدي بالنسبة إلى آبي هو إلى أي مدى يمكن التقرب إلى الصين في الوقت الذي لم يتغير فيه الوضع الاستراتيجي الأساسي وعلاقة واشنطن مع بكين تتجه نحو المواجهة. مجتمع الأعمال في اليابان يتوق إلى علاقات أفضل؛ لكن مؤسسة السياسة الخارجية أكثر حذرا.
قال شين كاواشيما، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طوكيو: "تود اليابان العودة إلى عام 2008 عندما كانت هناك محادثات عن تنمية مشتركة للموارد في بحر الصين الشرقي". مع ذلك، هذا ليس واردا، مع استمرار السفن الصينية بالقيام بغزوات في المياه المحيطة بالجزر المتنازع عليها.
في حين أن موقف ترمب العدائي تجاه الصين إيجاد الانفتاح الدبلوماسي بالنسبة إلى آبي، إلا أن رئيس الوزراء الياباني لا يريد أن يقف مع بكين ضد واشنطن، أو إعطاء أي انطباع أنه يضعف السياسة الأمريكية.
قال كاواشيما: "يجب أن تكون اليابان حذرة للغاية من وجهة نظر الولايات المتحدة عند التعامل مع الصين"، مضيفا أن هدف آبي سيكون "التطبيع المستمر، لكن ليس الكثير من الانتباه فوق الحد".
قال الدبلوماسي الياباني: "من وجهة نظر اليابان، العلاقة الأمريكية هي حجر الزاوية لسياستنا الخارجية والأمنية. إنها علاقة خاصة جدا".
وأضاف الدبلوماسي أن النزاع حول جزر سينكاكو يبقى عامل استياء، حيث تستمر الصين بإرسال دوريات خفر السواحل، المكونة عادة من أربع سفن، إلى المنطقة المتنازع عليها نحو ثلاث مرات كل شهر. "نأمل أن (وضع) بحر الصين الشرقي سيتغير، لكن يجب أن نرى سلوك السلطات الصينية (يتغير)".
من المتوقع أن يوافق آبي والرئيس تشي على مجموعة واسعة من الاتفاقيات التي تغطي كل شيء من تعاون حرس السواحل والأمن البحري إلى إعادة 3 تريليون ين (27 مليار دولار) في مقايضات العملة، وإمكانية إدراج الأوراق المالية في بورصات كل دولة.
هناك اتفاقيتان محتملتان مهمتان بشكل خاص: إنهاء رسمي لمساعدات التنمية اليابانية إلى الصين وخطة للتعاون في مشاريع البنية التحتية في بلدان ثالثة، خاصة في منطقة جنوب شرق آسيا.
قال يوشيهيدي سويا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كيو في طوكيو: "إنهاء مساعدات التنمية الخارجية هو أمر رمزي للغاية. ويشير إلى أنه ستكون هناك علاقة جديدة من هذه النقطة".
الخطة للتعاون في بلدان ثالثة تعمل على عدة مستويات: فهي في آن واحد بديل للمشاركة اليابانية في المؤسسات التي تقودها بكين مثل بنك "تنمية البنية التحتية الآسيوي"، وهي محاولة لسيطرة المساعدة الصينية على المشاريع الدولية، وطريقة لتجنب المنافسة الشرسة بين طوكيو وبكين على صفقات البنية التحتية في بلدان مثل تايلاند وإندونيسيا.
أحد المشاريع المشتركة المحتملة قيد المناقشة هو سكة حديدية في تايلاند. ستعتبر بكين مثل هذه المشاريع جزءا من مبادرتها ’الحزام والطريق‘ في حين تعتبرها طوكيو جزءا لا يتجزأ من هدفها الرامي إلى تعزيز منطقة "حرة ومفتوحة في المحيط الهندي والمحيط الهادئ".
قال سويا: "السؤال هو أين يوجد تداخل بين مبادرة الحزام والطريق في الصين وبين مفهوم اليابان لمنطقة حرة ومفتوحة في المحيط الهندي والمحيط الهادئ. علينا أن نقدم دليلا يؤيد ذلك".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES