FINANCIAL TIMES

مديرو الأصول يتسابقون إلى نادي التريليون دولار

مديرو الأصول يتسابقون إلى نادي التريليون دولار

مديرو الأصول العالميون كانت لديهم بالفعل أسباب كثيرة للاعتقاد بأن الأكبر حجما هو الأفضل، لكن الدلائل التي تشير إلى احتمال تحول المد في الأسواق العالمية تبعث على اعتقاد آخر.
استحواذ شركة إنفسكو على شركة أوبنهايمر فندز مقابل 5.7 مليار دولار يسلط الضوء على الاندفاع لدخول "نادي التريليون دولار"، الذي يقول عنه بعض المطلعين على قطاع الاستثمار إنه قد يكون الآن ضروريا للبقاء في عالم من المنافسة الحادة، وضغوط رسوم مستمرة، وارتفاع التكاليف.
كانت "إنفيسكو" بالفعل قوة كبيرة في الصناعة، وشركة ذات وزن ثقيل في كل شيء، بدءا بصناديق انتقاء الأسهم التقليدية إلى الصناديق المتداولة في البورصة. أصولها تحت الإدارة التي بلغت 938 مليار دولار بنهاية عام 2017 جعلتها تحتل المرتبة الـ 18 بين كبريات الشركات في العالم.
لكن الاستحواذ على "أوبنهايمر فندز" في الأسبوع الماضي سيقفز بها إلى نادي الصفوة من شركات إدارة الأصول العالمية الكبرى التي تدير أكثر من تريليون دولار، إلى جانب أمثال "بيمكو"، و"فيديليتي"، و"بلاك روك"، و"بي إن واي ميلون". زيادة الثقل كانت هدفا دافعا بدلا من كونها حصيلة ثانوية لعملية الاستحواذ، بحسب مارتي فلاناجان، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيسكو.
قال في مقابلة معه: "كانت بالتأكيد مكونا كبيرا في الصفقة. فأنت في نهاية المطاف تصبح في علاقة أقرب مع العملاء، وهذا مهم حقا".
منذ وقت ليس ببعيد، وجود 100 مليار دولار تحت الإدارة كان يعد مبلغا دسما، كافيا لتمويل فريق استثمار كبير، وضمان وجود مكتب خلفي جيد، وفتح الأبواب المؤدية إلى معظم صناديق التقاعد، أو شركات التأمين، أو الأوقاف، أو صناديق الثروة السيادية. لكن تلك العلامات البارزة تتحرك، مع سعي كثير من المستثمرين المؤسسين ومديري الثروات إلى تقليص العلاقات التي يجب عليهم إدارتها.
التكاليف آخذة في الارتفاع أيضا. تضخمت فرق الامتثال للتعامل مع مزيد من الأنظمة المرهقة، والاستثمارات في التكنولوجيا والبيانات الجديدة مكلفة لكنها ضرورية لمواكبة المنافسين. في الوقت نفسه، يواجه مديرو الأصول ضغوطا متزايدة على الرسوم في جميع المجالات. حتى الآن أنعشت الأسواق المتقدمة - التي ترفع الأصول تحت الإدارة حتى بدون تدفقات داخلة - الصناعة مثل مد متصاعد يرفع حتى السفن المتهالكة. في الواقع، يمتلك مديرو الولايات المتحدة المدرجون في سوق الأسهم هامش ربح متوسط يتجاوز 25 في المائة ـ مستوى سيحسده أي قطاع آخر تقريبا ـ وهو أقل من الرقم القياسي المسجل عشية الأزمة المالية بفارق ضئيل.
لكن لا يتوقع أي من المسؤولين التنفيذيين في الصناعة أن يستمر هذا في إنقاذهم. ربما لا يزال مؤشر ستاندارد آند بورز 500 مرتفعا هذا العام، لكن الشركات الأمريكية الصغرى والأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة وكل فئة رئيسة من أسواق السندات، باستثناء الأمريكية مرتفعة العائد، أصبحت الآن في المنطقة الحمراء لعام 2018. ونتيجة لذلك يستعد مديرو الأصول لانحسار المد.
إضافة إلى صفقة "إنفسكو" مع "أوبينهيمار فندز"، شهد القطاع في الآونة الأخيرة توحيدا للقوى بين "ستاندرد لايف" و"أبردين أسيت مانيجمنت"، وبين "جانوس كابيتال" و "يندرسون جلوبال إنفسترز"، والآن "أموندي" تحوم "بايونير إنفستمنتز". وهذا ربما لا يكون سوى خط البداية. تتوقع شركة برايس ووترهاوس كوبرز أن يتم دمج أو الاستحواذ على خُمس شركات إدارة الأصول الـ 400 الكبيرة في العالم بحلول عام 2025، وهي إعادة تشكيل جماعية للصناعة تعني أن الكبير سيصبح أكبر.
أن تكون كبيرا قد يُعتبر عيبا في كثير من الصناعات، حيث الرشاقة مهمة أكثر من الثِقل. لكن وفقا لـ "مورجان ستانلي"، مجموعات الاستثمار التي لديها أقل من 100 مليار دولار تحت الإدارة عانت متوسط تدفقات خارجة بنسبة 6 في المائة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مقارنة بـ 2 في المائة لتلك التي لديها أكثر من 500 مليار دولار تحت الإدارة – على الرغم من الأداء الاستثماري المماثل.
يقول ألكساندر بلوستيو، المحلل في جولدمان ساكس: "الرسوم مهمة، وإذا كان لديك الحجم ربما ستكون أكثر تنافسية فيما يتعلق بالسعر. قد أجادل بأن 500 مليار دولار هي نقطة بداية (بالنسبة لحجم سليم)، لكن حتى بعض مديري الأصول في هذا النطاق يعانون في الوقت الحالي". هيو فان ستينز، أحد كبار مستشاري محافظ بنك إنجلترا، يجادل بأن قطاع إدارة الأصول سيتشكل تدريجيا على هيئة تتحول معها الأموال إما إلى استراتيجيات رخيصة وبسيطة - مثل الصناديق المتداولة في البورصة – وإما إلى استراتيجيات أكثر تكلفة، أو مخصصة، أو معقدة تقدمها شركات الأسهم الخاصة، وصناديق التحوط، والشركات الصغيرة المتخصصة.
يقول: "يمكنك الجلوس على جبل جليدي يذوب لفترة طويلة جدا قبل أن ينتهي بك المطاف في الماء. لكن أصبح من الواضح بشكل متزايد أن ميل الصناعة نحو الأوزان الثقيلة يتسارع".
التحدي أمام الوصول إلى مستوى تريليون دولار من الأصول تحت الإدارة، الذي يُعد الآن بشكل عام مستوى آمنا، يتمثل في حقيقة أن مجموعات الاستثمار عُرفت بأنها مؤسسات يصعب دمجها. الأشخاص هم أهم مورد في القطاع، لذلك حتى الاختلافات الثقافية البسيطة يُمكن أن تنتج أعواما من الصراع الداخلي.
في الوقت نفسه، مزيج الهوامش التي لا تزال بصحة جيدة والتهديدات التنافسية المتزايدة يعني أن المشترين والبائعين غالبا ما يكافحون من أجل التوصل إلى صفقة مستساغة للطرفين. وهذا يعني أن الدمج الجماعي الذي ينبأ به عديد من العاملين في القطاع ربما سيتعين عليه الانتظار حتى حدوث الاضطراب الكبير التالي في السوق. يلاحظ بلوستين أنك "إذا كنت تنمو فأنت لا تريد البيع، وإذا كنت تنهار فلا أحد يريد أن يشتري. ربما تتغير الديناميكية إذا دخلنا في سوق هابطة". بطبيعة الحال، قطاع إدارة الأصول في سوق هابطة بالفعل - على الرغم من أرباحه المستمرة. باستثناء شركة تي. راو برايس، انخفضت كل شركات إدارة الأصول المستقلة الكبيرة أكثر من 20 في المائة هذا العام، وانخفض بعضها - مثل "ستاندرد لايف أبردين" و"جيوبتير" و"أموندي" و"سكرودرز" و"إنفيسكو" - أكثر من 40 في المائة. يقول فلاناجان: "إننا نمر ببعض التغييرات الضخمة في قطاعنا. الحجم وحده لا يكفي للمنافسة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES