FINANCIAL TIMES

تطبيق رائع وبدون عمولة .. أين المشكلة؟

تطبيق رائع وبدون عمولة .. أين المشكلة؟

ما من شك في أن أجهزة الهواتف المحمولة تجعلنا أغبياء.
إنها تجعلنا أغبياء فيما يتعلق بالعلاقات الشخصية: أحسب عدد الأشخاص الذين تراهم يتناولون وجبة عشاء لشخصين، بينما يحدقون في شاشاتهم الصغيرة بلا كلل.
وهي تجعلنا أغبياء فيما يتعلق بالسياسة: فليس هناك أعمق وأقوى بعد الآن من كتابة تغريدة في تويتر.
وتجعلنا أغبياء فيما يتعلق بتداول الأسهم: آمل أن لا ينفذ المهنيون الذين يتولون مسؤولية ائتمانية، عمليات تداول الأسهم لعملائهم على شاشات الهواتف المحمولة.
مع ذلك، الأشخاص الأذكياء يفعلون أشياء غبية، خاصة عندما تكون سهلة وسريعة.
إذا كنت تحدق في شاشة الهاتف المحمول الصغيرة أثناء عبورك الشارع، فستكون أكثر عرضة للدهس. وإذا اشتريت من جهاز الهاتف المحمول باندفاع من غير تفكير مسبق، فأنك تستخدم معلومات أقل مما لو كنت تستخدم جهاز الكمبيوتر المحمول، ناهيك عما لو كنت تتحدث إلى أشخاص مطلعين أو تقرأ الوثائق الورقية.
يتم تقديم "خصومات" أكبر، بشكل متزايد، من أجل طلب السلع أو الخدمات عبر تطبيقات الهاتف المحمول. هل يمكن أن تكون تلك الخصومات بسبب نقاط السعر الأولية الأعلى؟ أو هل يمكن أن يكون البائعون يكذبون عليك بكل فظاظة وصراحة لأنهم يعرفون أنك تستخدم نطاق إنترنت ليس سريعا إلى حد كبير؟
على نحو مماثل، عندما تتخذ قرارا بالاستثمار، لماذا تقيد نفسك فقط بالمعلومات من شاشة الهاتف المحمول الصغيرة؟ نعم، في بعض الأحيان قد يكون هناك حدث مهم في السوق يتطلب اتخاذ إجراء سريع وبدون تفكير، لكن هذا نادر.
مع ذلك، هناك أشخاص يفعلون ذلك. لقد قيل لهم مرارا وتكرارا إذا كنت لا تدفع مقابل المنتج، فأنت المنتج.
في الآونة الأخيرة تم توجيه الانتباه (على الإنترنت) إلى "روبن هود للأوراق المالية"؛ منصة على الهواتف المحمولة فقط لتداول الأسهم والعملات المشفرة، ممولة من رأس المال المغامر مقرها في وادي السليكون. تتمثل نقطة ترويجها الكبيرة في تأكيدها على أنها تتيح التداول "المجاني"، بمعنى أن التداول بدون أي رسوم عمولة. حسنا، دفع رسوم قليلة. إضافة إلى روعة كونه تطبيقا للهاتف المحمول فقط. جمعت المنصة في جولتها الأخيرة للتمويل، وهي الرابعة، 363 مليون دولار في أيار (مايو) على أساس تقييم الشركة بمبلغ 5.6 مليار دولار.
ومنذ ذلك الحين، والشركاء المؤسسون لروبن يثيرون في المقابلات الودية ضجة تفتقر إلى التواضع نوعا، بشأن عملية إدراج أولية وشيكة. وحتى الأسابيع القليلة الماضية، يبدو أنهم ومستثمروهم كانوا يركبون الأمواج باتجاه شاطئ "يوم الدفع".
لكن في الآونة الأخيرة كانت هناك صخور في المياه الضحلة. كانت أسواق الأسهم غير مؤاتية بشكل خاص لمستثمري التكنولوجيا الذين يتم تمثيلهم بشكل غير متناسب في قاعدة عملاء روبن هود.
الأخطر من ذلك، كان هناك صدى يتردد بشكل مستمر لقرار أصدرته إحدى المحاكم الشهر الماضي بخصوص قضية دفع "تي دي أميريترايد" أموالا مقابل تدفق الطلبات. "الدفع من أجل تدفق الطلبات" المعروفة في عالم تداول الأسهم بـ P-Fof، يحدث عندما تدفع البورصات أو شركات صناعة السوق لشركات الوساطة المالية للحصول على حق تنفيذ طلبات العملاء الأفراد.
ماري جو وايت، رئيسة لجنة الأوراق المالية والبورصات السابقة، أدلت بشهادة أمام الكونجرس جاء فيها أن "هذه الدفعات تشكل حافزا آخر لشركات الوساطة المالية للأفراد لتحقيق أقصى قدر من الأرباح الخاصة بها على حساب أفضل تنفيذ لطلبات العملاء".
وأقر القاضي في قضية "تي دي أميريترايد" بأن هناك دعوى مدنية ضد الشركة من قبل مجموعة من عملاء شركات الوساطة المالية يمكن النظر فيها باعتبارها دعوى جماعية.
ويزيد ذلك إلى حد كبير من التكاليف المتوقعة لـ "تي دي أميريترايد" في حال خسرت القضية. ويبدو أن "روبن هود" تعتمد على العائدات من دفعات تدفق الطلبات أكثر من شركات الوساطة المالية التي لا تعتمد فقط على تطبيقات الهاتف المحمول.
من الصعب قياس هذه القضية. كان مؤسسو شركة روبن هود يتحدثون عن "عملائهم البالغ عددهم خمسة ملايين شخص" وعن كيف يسعون إلى "إعادة توزيع مجدية للثروات". ولا يذكرون عدد العملاء الذين مولوا حساباتهم بأكثر من مبلغ رمزي، أو كم سيجنون من إعادة توزيع الثروات من عملائهم إلى صانعي السوق والمساهمين في "روبن هود".
تقول لجنة الأوراق المالية والبورصات إن شركات الوساطة المالية للأفراد يجب أن تفصح عن دفعات تدفق الطلبات في تقاريرها بموجب القاعدة 606 - وهي من متطلبات الشفافية. وعادة ما تكون البيانات وفقا لمتطلبات القاعدة 606 التي تقدمها شركة روبن هود قليلة، تتكون من خمسة أماكن فقط، تضم أربعة صناع سوق بالجملة، وشركة مقاصة، ومن دون بورصات. ويتم إدراج نسب ضئيلة فقط من إجمالي الطلبات لكل مكان، وليس إجمالي الدفعات.
يقول روبرت باتاليو، أستاذ العلوم المالية في جامعة نوتردام، في ولاية إنديانا (وهو شاهد خبير لصالح المدعين ضد تي دي أميرترايد)، مقارنة بشركات الوساطة الأخرى "البيانات التي تقدمها روبن هود وفقا لمتطلب 606 غير مفيد للغاية". يقول خبير آخر في أنظمة التداول: "إذا لم تقدم الشركة أي تحسين في السعر، فهذا يفسر كل شيء حول كيف يمكنهم تقديم تداول ’مجاني’".
في الشهر الماضي أصدرت "روبن هود" بيانا صحافيا تدافع فيه عن توجيه طلباتها، تلته رسالة في 12 من تشرين الأول (أكتوبر) من فلاد تينيف، الرئيس التنفيذي المشارك، وعد فيها "بعدم استخدام المصطلحات. الحقائق فقط".
يقول باتاليو: "يجب على هيئة الأوراق المالية والبورصات أن تطلب من شركات الوساطة المالية نشر إحصائيات إلزامية قابلة للمقارنة حول تحسين الأسعار. الأمر مثل لعبة الورق، بلاك جاك. هذا هو السبب في أن الكازينوهات لا تسمح للأشخاص الذين يعدون الأوراق باللعب".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES